أنقرة ودمشق والواقع.. أي محاولة لقمع القومية الكردية تخاطر بتصعيد الصراعات على جبهات متعددة

0 تعليق ارسل طباعة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

منذ سقوط الرئيس السوري بشار الأسد فى ديسمبر ٢٠٢٤، نشأ سرد جديد يضع تركيا فى موقع اللاعب المهيمن فى سوريا. وقد وروج المسئولون الأتراك وبعض المعلقين فى السياسة الخارجية لهذا المنظور. ومع ذلك، يشير الفحص الدقيق إلى أن النصر الذى أعلنته تركيا بعيد كل البعد عن أن يكون مضمونًا.

يقول ستيفن أ. كوك: لقد لعبت تركيا بالفعل دورًا محوريًا فى رحيل الأسد. وكان وكلاؤها، هيئة تحرير الشام والجيش الوطنى السوري، فاعلين فى الإطاحة بنظام الأسد. أدى الهجوم المدعوم من تركيا على حلب، والذى كان يهدف فى البداية إلى الضغط على الأسد لإجراء محادثات تطبيع، بشكل غير متوقع إلى انهيار الجيش السورى وهروب الأسد. ثم غيرت أنقرة روايتها، وأعلنت أن سقوط النظام هو هدفها النهائي.

على الرغم من هذا المحور الاستراتيجي، فإن هيمنة تركيا فى سوريا ما بعد الأسد موضع شك. لقد اكتسبت هيئة تحرير الشام، التى كانت تعتمد فى السابق على الدعم التركي، استقلالية ووسعت نطاقها الدبلوماسي. وتسلط الزيارات رفيعة المستوى إلى دمشق من قبل وفود من الولايات المتحدة وأوروبا والدول العربية الضوء على نفوذ هيئة تحرير الشام المتزايد واهتمام المنطقة بالتعامل مع القيادة السورية الجديدة.

حدود النفوذ 

على الرغم من أن تركيا لا تزال لاعبًا مهمًا، إلا أن نفوذها فى دمشق يواجه قيودًا. فالدول العربية، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن، لديها علاقات ثقافية وتاريخية مع سوريا تفتقر إليها تركيا. وفى حين تؤكد أنقرة فى كثير من الأحيان على التراث العثمانى المشترك والهوية الإسلامية مع الدول العربية، فإن هذا السرد يتردد صداه بشكل ضعيف مقارنة بالتضامن بين الدول العربية.

وتتفاقم تحديات تركيا بسبب موقفها من القوات الكردية فى سوريا. تنظر أنقرة إلى وحدات حماية الشعب، العمود الفقرى لقوات سوريا الديمقراطية، باعتبارها امتدادًا لحزب العمال الكردستاني، وهى جماعة مصنفة إرهابية. ومع رحيل الأسد، ترى تركيا فرصة لإضعاف التطلعات الكردية من خلال الاستفادة من حلفائها السوريين. ولكن الأكراد أثبتوا مرونتهم، رغم أن أى هجوم تركى يهدد بحرب عصابات مطولة فى كل من سوريا والعراق.

تواجه طموحات أنقرة لوضع تركيا كقوة مهيمنة فى سوريا عقبات كبيرة، أولها تراجع السيطرة على هيئة تحرير الشام: إن العلاقات الدبلوماسية المتنامية لهيئة تحرير الشام مع القوى العالمية والإقليمية تقلل من اعتمادها على تركيا.. وثانيها المقاومة الكردية: إن أى محاولة لقمع القومية الكردية تخاطر بتصعيد الصراعات على جبهات متعددة. ويضاف إلى ذلك نفوذ الدول العربية التاريخي بحكم الانتماء الواحد للأمة العربية.

ادعاءات النصر

إن رواية انتصار تركيا فى سوريا تبسط المشهد الجيوسياسي المعقد والمتطور. ويتعين على صناع السياسات أن يدركوا ديناميكيات القوة الدقيقة التى تلعب دورًا فى هذا السياق. فتركيا، على الرغم من نفوذها، ليست قادرة على تشكيل مستقبل سوريا. إن أخطاء تركيا التاريخية "التى تتراوح بين سوء تقدير قدرة الأسد على الصمود والمبالغة فى تقدير ولاء وكلائها" تؤكد على مخاطر الانتصار المبكر.

تظل تركيا لاعبًا حاسمًا فى سوريا ما بعد الأسد، ولكن طريقها إلى الهيمنة محفوف بالتحديات. ويتسم النظام الجديد فى دمشق بالتأثيرات المتنافسة والتوترات غير المحلولة. ورغم أن أردوغان قد يحقق أهدافه، فمن السابق لأوانه كثيرًا أن نعلن أن تركيا هى المنتصرة فى الدراما السورية الجارية.
 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق