بعد عودة ترامب.. المغرب يراهن على دعم أمريكي متزايد في ملف الصحراء

0 تعليق ارسل طباعة

حتى قبل تنصيبه الرسمي، أثار دونالد ترامب، الجمهوري العائد إلى البيت الأبيض، الذي أقسم اليمين الدستورية أمس الاثنين في حفل بالكابيتول، موجة من الجدل المشوب بكثير من الترقب لسياساته وخطط تحركاته تجاه دول منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، خاصة بعد إعلانه أنه “ليس واثقا من صمود” اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي دخل حيز التنفيذ صباح الأحد.

وفيما شدت الأنظار مشاركة كبار المدراء والرؤساء التنفيذيين لشركات التكنولوجيا والخدمات الرقمية في حفل تنصيب ترامب، باعتباره الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة، ألقى الأخير خطابا شدد خلاله على “عودة العصر الذهبي لأمريكا وجعلها أقوى مجددا”.

ولم تغب الرسائل القوية التي تضمنتها برقية التهنئة التي بعثها الملك محمد السادس إلى الرئيس ترامب غداة إعادة انتخابه (نونبر 2024) حول “العلاقات الثنائية الاستثنائية التي تجمع بين المغرب والولايات المتحدة، وكذا العمق التاريخي للتحالف الاستراتيجي بينهما وآفاقه المستقبلية الواعدة”، عن تحليل وتعليقات أكاديميين مغاربة في تخصص العلاقات الدولية والقانون الدولي تحدثت إليهم هسبريس.

كما استحضروا دلالة لافتة جسدتها مشاركة سفير المملكة المغربية بواشنطن، يوسف العمراني، في مراسم حفل تنصيب دونالد ترامب، الذي كان قد أقر في ولايته الأولى الاعتراف الرسمي الأمريكي بمغربية الصحراء وسيادة الرباط عليها.

“ثوابت لا تتغير”

استحضر محمد نشطاوي، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن “ثوابت السياسة الخارجية الأمريكية لا تتغير، أيا كانت الحكومة بطاقم ديمقراطي أو جمهوري، بل أساسها دعم التفوق الاستراتيجي لإسرائيل عسكريا بوصفها حارسة مصالح واشنطن في منطقة الشرق الأوسط ومحيطه”.

وقال نشطاوي، مصرحا لجريدة هسبريس، إن ذلك تجلى في “الضغط من ترامب على نتانياهو للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة قبل تنصيبه الرسمي رئيسا”، مشيرا إلى تصريحاته التي طالما أكد فيها العمل على إنهاء نزاعات الشرق الأوسط وفي أوكرانيا بمبدأ “تحقيق السلم عبر القوة”، مستدركا بأن “ترامب، بوصفه رجل أعمال يفكر بحسابات الربح والخسارة، تنطبق عليه ما يعرف بنظرية الرجل المجنون (Mad man)، أي ما يجعله رئيس أقوى دولة بالعالم لا يمكن التكهن بتصرفاته، ويبقى مزاجيا بما يخدم مصالحه”.

وأشار المحلل ذاته إلى أن “عودة ترامب وخطابه تضمنا تهديدا مبطنا للصين كمنافسة وحيدة لواشنطن على كرسي الزعامة الاقتصادية الدولية، خاصة أن المجال العسكري صار حكرا عليها بعد تراجع القوة الروسية العسكرية إثر استنزاف الحرب الأوكرانية لمقدرات هائلة”، مؤكدا أن “إحاطته برجال الأعمال وكبار مالكي شركات التكنولوجيا يعضد بلورة نهج اقتصادي قائم على خدمات التكنولوجيات الحديثة”.

المغرب والصحراء

وبشأن العلاقة مع المغرب، أوضح أستاذ العلاقات الدولية “رهان المملكة على مزيد من تمتين العلاقات والشراكة الاستراتيجية ومزيد من الدعم الأمريكي، خاصة في شق المبادرات الاقتصادية”، مستحضرا “3 مليارات دولار كان قد وعد بضخها الرئيس الأمريكي لفائدة مشاريع استثمارية للمغرب، مع تفعيل مرتقب لافتتاح قنصلية أمريكية بالداخلة تضمن علاقة وثيقة بالعمق الإفريقي، واستغلال ما تتيحه المبادرة الأطلسية المغربية، وهي كلها عناصر كاشفة لاستراتيجية إدارة ترامب”.

وتوقع نشطاوي أن يتقوى قرار ترامب (2020) الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء بـ”عمل وزير خارجيته ورجل ثقته، ماركو روبيو، وكذا باقي أعضاء فريقه، على تصنيف البوليساريو في القوائم الأمريكية للتنظيمات الإرهابية”، مشددا على أن “ترامب واع جيدا بالمكانة الاستراتيجية للمملكة إقليميا وقاريا”.

وباستحضار أن بلاده “حاملة القلم” في قرارات مجلس الأمن بشأن الصحراء، فإن “ما ننتظره هو الذهاب إلى إقرار التصفية النهائية لملف النزاع المفتعل عبر إخراج القضية من اللجنة الرابعة للأمم المتحدة”، حسب المصرح الذي أبرز أن “الإدارة الأمريكية الجديدة تحكمها المصالح الدائمة مع دول العالم، لكن المغرب يبقى بشراكة استثنائية تميزه كحليف قوي خارج حلف شمال الأطلسي، عبر استمرار تنسيق محاربة الإرهاب في الساحل والمنطقة وأكبر مناورات عسكرية سنوية… في ظل ترقب لمشاريع استثمارية كبيرة، خصوصا بجهات الصحراء المغربية”.

التوازنات تجاه إفريقيا

عبد الفتاح البلعمشي، أكاديمي في العلاقات الدولية والقانون الدولي رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، لم يذهب بعيدا في قراءته لعودة ترامب، مسجلا أن الأخيرة تبشر بمجموعة من التحولات على السياسة الدولية، مستحضرا أن “السياسة الخارجية لواشنطن لها أهداف الحفاظ على الريادة العالمية”.

وبينما استحضر “الخطاب السياسي وطبيعة شخصية الرئيس ترامب”، قال البلعمشي إن “البحث عن توجهات سياساته تجاه منطقة شمال إفريقيا يحيل على كون أمريكا كانت-عادة-لا تسمح لدول غربية بالتدخل المباشر في شؤون دول إفريقية، خاصة من الناحية الأمنية ومكافحة الإرهاب”، لافتا إلى تعامل الإدارة الأمريكية بشأن الملف الليبي، وإضعاف التغلغل الروسي الأمني ومنافسة حضور الصين الاقتصادي”.

وأضاف: “هذا يؤشر لبداية خلق بدائل في تعامل الولايات المتحدة مع إفريقيا عبر قنوات لتصريف السياسة بشكل تشاركي مع مصر وجنوب إفريقيا والمغرب كقوى قارية ذات وزن”، منوها إلى “الإقرار بمغربية الصحراء واعتماد الخريطة المغربية الكاملة، فضلا عن مراسلة الأمم المتحدة بما يدعم الطرح المغربي”.

وأشار البلعمشي إلى أن “المغرب حقق مكاسب كبرى على مستوى القضية الوطنية، سواء بعلاقات ثنائية أو متعددة الأطراف، كما خلق لنفسه موقعا في صالح القوى الاقتصادية العالمية، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، بما يتيح تعاونا واعدا من خلال مبادرة دول الأطلسي الإفريقية وجني ثمار مكاسب الدبلوماسية المغربية في قضية الصحراء”.

الخبير في العلاقات الدولية رجح “إمكانية تطور الإقرار الأمريكي بمغربية الصحراء إلى مبادرات عملية فاعلة اقتصاديا وسياسيا وقانونيا”، لافتا إلى أن “الطاقم الإداري والحكومي لترامب يعتمد توجها براغماتيا نحو حل الأزمات على أساس اقتصادي”.

وختم أستاذ العلاقات الدولية بأنه “وجب الآن استثمار هذه الظروف العامة والمعطيات من قبل الدبلوماسية المغربية لتحقيق الطموحات والأهداف المشتركة بين الرباط وواشنطن، بناء على ما ورد في الرسالة الملكية لتهنئة ترامب بإعادة انتخابه، عندما ذكر الملك القيم والمصالح المشتركة في دلالة لافتة”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق