وفاة المسنين وحيدين في المنازل .. مشكلة اجتماعية مقلقة في فرنسا

0 تعليق ارسل طباعة

تشكّل ظاهرة وفاة كبار السن في منازلهم من دون أن يدري بهم أحد، مشكلة اجتماعية مقلقة في فرنسا، تعكس الوحدة التي يعاني منها من بلغوا خريف العمر.

قبل يومين من عيد الميلاد، وجدت كامي (اسم مستعار) خدمات الطوارئ مع نقالة خارج مبنى شقتها في باريس… فقد حضروا إلى المكان لنقل جثة جارتها الستينية إثر العثور عليها ميتة بمفردها في شقتها.

تقول هذه الباريسية البالغة 40 عاما: “كنا قلقين، فقد رأينا ذبابا ضخما على الدرج، وسألنا الجيران وحارس المنزل عنها، لكن لم يكن أحد يعلم شيئا. كانت مطلّقة متحفظة للغاية”.

في عام 2024، عُثر على أكثر من 30 شخصا مسنا ميتين في منازلهم في فرنسا، بعد أسابيع أو حتى سنوات من وفاتهم، وفق إحصاء أجرته جمعية “بوتي فرير دي بوفر” (Petits Frères des Pauvres) (إخوة الفقراء الصغار)، بمناسبة اليوم العالمي للوحدة اليوم الخميس.

وأحصت الجمعية هذه الوفيات استنادا إلى الأخبار المتفرقة التي تنشرها الصحف الإقليمية.

ووصفت الجمعية هذا العدد بأنه “أقل من الواقع”، داعية السلطات العامة الفرنسية إلى إنشاء “مرصد لوفيات الأشخاص الوحيدين” لإحصاء هذه الحالات ومقاربة مشكلات الوحدة الشديدة بشكل أفضل.

أكد بوريس كالن، المندوب العام لجمعية “موناليزا” (“التعبئة الوطنية ضد عزلة المسنين”)، وهي شبكة تضم 550 جمعية تدعمها السلطات، أن عدد المسنين الذين يموتون بمفردهم، من دون وجود أحد بجانبهم، “أعلى بكثير” من الرقم المعلن.

وقال: “هناك أشخاص مسنون يموتون في عزلة تامة إلى درجة أنّ أحدا لا يطلب جثثهم”.

عادة، يكون الجيران هم من يبلغون رئيس البلدية أو الشرطة بالوفاة، بعد رصد مؤشرات مختلفة بينها تراكم الرسائل في صندوق البريد، أو عدم تحريك الشبابيك أو الستائر لفترة طويلة، أو أسوأ من ذلك، شمّ رائحة مريبة أو حتى انتشار اليرقات.

في فرنسا، يعيش 530 ألف شخص مسن في حالة “موت اجتماعي”، بحسب منظمة “Les Petits Frères des Pauvres”. ويظهر هؤلاء تفاعلا ضعيفا أو معدوما مع الشبكات الاجتماعية الخمس:

العائلة، والأصدقاء، وعالم العمل، والجمعيات، والجيران.

يشعر حوالي 13% من سكان الاتحاد الأوروبي بالوحدة معظم الوقت، وفقا لمسح أجري عام 2022 بعنوان “الوحدة في أوروبا” بطلب من المفوضية الأوروبية.

“أفكار انتحارية”

أطلقت منظمة الصحة العالمية في عام 2023 لجنة متخصصة في الروابط الاجتماعية. وأنشأت المملكة المتحدة في عام 2017 واليابان في عام 2021 “وزارات الوحدة”.

وتساهم عوامل متعددة في هذه العزلة، بما يشمل تفكك الأسرة، والتباعد الجغرافي بين الأبناء الذين يستقرون بعيدا عن والديهم، وتراجع الانتماءات الدينية، والنزعة الفردية. وعندما يصل البشر إلى مرحلة الشيخوخة، قد يكون الزوج أو الأصدقاء توفوا، ما يترك الأفراد المتبقين على قيد الحياة في عزلة.

تعيش ليليان (75 عاما) في منطقة جورا (شرق فرنسا)، وهي لا ترى ابنتيها اللتين أصبحتا في الخمسينيات من العمر وتعيشان في منطقة باريس، بعد أن تولّت تربيتهما بمفردها. وتقول: “يطلب مني المستشفى أن أختار شخصا أثق به. من عساي أختار؟”.

وتضيف: “لا أرى أحدا سوى الطاقم الطبي. الوحدة مؤلمة، يصبح المرء وحيدا مع نفسه، وسط جدران صامتة. أشعر أحيانا برغبة في الانتحار”.

وتبدو التفاعلات العادية مع الغرباء أكثر تعقيدا من ذي قبل.

يقول ألكسندر جوست، المندوب العام لمؤسسة “فابريك سبينوزا” البحثية: “يبدو أن القاعدة اليوم هي عدم التحدث إلى الشخص الآخر حتى لا نزعجه. يخاف الناس من الاقتراب من الشخص الآخر، ويخشون الرفض أو الدخول في مناقشات قد تتحول إلى خلاف. أن تبتسم في وجه الغريب يعني أنك تجازف بأن يُنظر إليك على أنك أحمق”.

وتدعو الجمعيات إلى “تعبئة الجميع” من أجل إعادة تنمية “التضامن بين الجيران”، الذي كان قويا جدا في الماضي.

وتنظم مدن حملات توعية من خلال توفير معلومات عن العلامات التحذيرية المرتبطة بقضايا العزلة الاجتماعية وإسداء النصائح للناس بالاتصال بالمجالس البلدية أو بالجمعيات، بحسب “موناليزا”.

تتكون هذه الشبكة من 900 فريق يربط بين المهنيين-من مقدمي رعاية وعاملين اجتماعيين-والمتطوعين أو الشباب في خدمة التضامن المدني لكبار السن لرعاية الأشخاص المعزولين.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق