ماذا وراء الاتفاقية الاستراتيجية الشاملة بين روسيا وإيران؟

0 تعليق ارسل طباعة
4

في 17 يناير الجاري، وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان اتفاقية استراتيجية تاريخية مدتها 20 عامًا، وقال تقرير لوكالة رويترز إن “من المرجح أن تثير قلق الغرب”.

واتفق البلدان على تعزيز التعاون في مجال الخدمات الأمنية والتدريبات العسكرية والتدريب المشترك، وعدم السماح باستخدام أراضيهما في أي عمل عسكري ضد الطرف الآخر، أو مساعدة أي طرف على مهاجمة الطرف الآخر، والتعاون لمواجهة التهديدات العسكرية الخارجية.

الاتفاقية ومجموعة بريكس

كشفت مجلة “ريسبونسبل ستيت كرافت”، في تقرير نشرته اليوم الخميس 23 يناير 2025، عن وجود تكهنات بتوقيع هذه الاتفاقية خلال قمة مجموعة البريكس في روسيا في أكتوبر 2024، ولكن سرعان ما بددت موسكو كل ذلك آنذاك، ومن المرجح أن روسيا لم توقع على الاتفاقية بسبب جهود موسكو لجعل القمة شاملة للجنوب العالمي.

وأضافت أن الاتفاقية بين روسيا وإيران بشأن شراكة ثنائية في التجارة والأمن كانت ستقوض الأهداف الرئيسة للقمة، التي ركزت على تشويه مزاعم الغرب بعزل روسيا وإظهار أن مجموعة البريكس تواصل اكتساب الدعم، وخاصة من منظور جيواقتصادي، حيث تستطيع الكتلة مواجهة العقوبات التي يفرضها الغرب من خلال وسائل مختلفة.

وعلاوة على ذلك، فإن الرسالة التي صيغت بعناية حول وحدة مجموعة البريكس كانت لتتضرر لو أن الإعلان قد فاجأ الحضور المهمين مثل تركيا والسعودية والإمارات، وهي الدول غير المعروفة بأنها من أقوى المؤيدين للنظام في طهران، إلا أن تورط تركيا في الإطاحة بنظام الأسد المدعوم من موسكو وطهران، أدى إلى تسريع التوقيع الرسمي على الاتفاق.

سوريا والشرق الأوسط

أوضحت المجلة أن سوريا كانت موضوعًا رئيسًا لكل من بوتين وبيزشكيان، وعند مناقشة التطورات الأخيرة في سوريا، أكد كل منهما على التزامه “بالتوصل إلى تسوية شاملة في ذلك البلد على أساس احترام سيادته واستقلاله وسلامة أراضيه”، وفقًا لبيان الكرملين للمحادثة.

وأضافت أن سوريا والمنطقة المجاورة لها تشكلان أهمية كبرى للبلدين، كما ورد في بنود الشراكة، ففي المادة 12، اتفق الجانبان على تعزيز التعاون الأمني ​​الروسي الإيراني “في آسيا الوسطى وجنوب القوقاز والشرق الأوسط بهدف منع التدخل، وزعزعة الاستقرار من قبل أطراف ثالثة”، وهذا يشمل الاتفاق المتبادل على تجاهل العقوبات الغربية المستقبلية على البلدين.

وخلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب التوقيع، أكد بوتين أن ضمان السلام والاستقرار في هذه المنطقة “يخدم مصالح بلدينا”. ولا تشكل منطقة غرب آسيا (الشرق الأوسط، كما يشار إليها في الاتفاقية) أهمية للبلدين في سياق الأمن فحسب، بل أيضًا من حيث التجارة الإقليمية والتعاون الاقتصادي والتنمية.

توترات متزايدة مع الغرب

قالت المجلة إن المزيد من تطوير سلاسل التوريد بين روسيا وإيران لا يخدم إلا البلدين فحسب، بل ويرسل أيضًا إشارة مهمة إلى شريكتها الصين لدعم مبادرة الحزام والطريق، كما أنها رسالة إلى مجموعة البريكس والأعضاء المحتملين في مجموعة البريكس الذين يسعون إلى المزيد من فرص التجارة والتنمية الاقتصادية في المنطقة.

وتضمن المؤتمر الصحفي المشترك أيضًا الإعلان عن اقتراب الجانبين من الانتهاء من صفقة تبلغ 2 مليار متر مكعب سنويًا لإرسال الغاز الروسي إلى إيران، والتي قد تنمو إلى 55 مليار متر مكعب سنويًا، ومن المرجح أن تقدر الدولتان العلاقات الوثيقة في مجال الطاقة وسط التوترات المتزايدة مع الغرب وخطر فرض سياسة عقوبات الطاقة.

ويوضح المشروع أيضًا التزام روسيا بتطوير شراكات جديدة وطرق طاقة بعد أن أوقفت أوكرانيا إمدادات الغاز الروسي. وتوقف تدفق الغاز الروسي إلى دول الاتحاد الأوروبي عبر أوكرانيا بعد انتهاء اتفاقية مدتها خمس سنوات في ديسمبر، ما يمثل نهاية ترتيب استمر عقودًا من الزمان.

انقسام الغرب

أشارت المجلة إلى أن موسكو، منذ بداية الحرب في أوكرانيا، عملت بقوة على تعزيز علاقاتها الوثيقة مع إيران ودول أخرى تعتبر معادية للولايات المتحدة لمواجهة ادعاءات ضعفها وفقدان نفوذها، حيث أبرمت اتفاقيات استراتيجية مع كوريا الشمالية وحليفتها الوثيقة بيلاروسيا، فضلاً عن اتفاقية شراكة مع الصين.

ولكن يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الاتفاقيات الاستراتيجية سوف تشكل رادعًا للصراعات المستقبلية، سواء كانت عسكرية أو اقتصادية، مع الولايات المتحدة أو حلفائها، ما سيتطلب قدرًا أعظم من ضبط النفس، والذي سيصبح أكثر صعوبة في ظل انقسام الغرب بشأن مستقبل مؤسساته الأمنية والاقتصادية بسبب تراجع القواسم المشتركة بين واشنطن وبروكسل.

ومع تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لحلفائه قبل أعدائه، منذ أول ساعة تولى فيها منصبه، فإن هذه الاتفاقيات قد تقوض جهود إدارة ترامب لتحقيق السلام من خلال تفاقم الأزمات والخلافات بين الولايات المتحدة وحلفائها خاصة في أوروبا.

اقرأ أيضا

إخلاء مسؤولية إن موقع جريدة الجوف يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق