التعاون المغربي الموريتاني يُطلق تهديدات ميليشيات البوليساريو لنواكشوط

0 تعليق ارسل طباعة

شهدت العلاقات المغربية الموريتانية دينامية ملحوظة في الآونة الأخيرة، مدفوعة برهان قيادتي البلدين على تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي من خلال مبادرات إستراتيجية، تهدف إلى تطوير البنية التحتية والارتقاء بالمبادلات التجارية إلى مستوى العلاقات التاريخية التي تربط البلدين الجارين.

وفي سياق هذه الدينامية يُثار الحديث عن وجود توجه لفتح معبر تجاري حدودي جديد نحو موريتانيا عبر إقليم السمارة، وهو المعبر الذي كان موضوع ملتمس برلماني دعا رئيس الحكومة ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج إلى العمل على إنشائه، بالنظر إلى آفاقه التنموية الواعدة وخدمته الأهداف المغربية في إفريقيا.

ولم يمر هذا الحديث دون إثارة غضب جبهة البوليساريو، التي أطلقت على لسان شقيق مؤسسها، البشير مصطفى السيد، تهديدات مباشرة بالحرب في هذا الشأن، بهدف التأثير على مواقف نواكشوط وتوجهها نحو تعزيز التقارب مع الرباط. واعتبر المسؤول الانفصالي ذاته أن إستراتيجية المغرب لحسم الصراع “تكتمل بمحورين: الأول على الساحل أو المياه (الكركرات-الكويرة)، والثاني على اليابسة (أمكالا-بئر أم غرين)”.

واعتبر القيادي الانفصالي، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محسوبة على الجبهة، أن “هذا الوضع يطرح تساؤلات حول ما أعددنا له وكيف يمكننا مواجهته”، مشيرًا إلى أن “الوضع الحالي صعب للغاية… والرهان على موريتانيا يمكن أن يمنع هذا المخطط إذا رفضت شق طرق الاحتلال المغربي عبر أراضي الجمهورية الصحراوية، ما يحول حدود الصحراويين إلى حدود مغربية، ويورطها في حرب بين الأشقاء”، حسب تعبيره.

مزايدات انفصالية

في هذا الإطار قال محمد الغيث ماء العينين، عضو المركز الدولي للدبلوماسية وحوار الحضارات، إن “خطاب جبهة البوليساريو وقياداتها في هذا الإطار لا يعدو كونه مزايدات؛ لأنه من الناحية الفعلية والميدانية فإن الحدود المغربية الموريتانية على مستوى الصحراء أصبحت ملتصقة، خاصة بعد تأمين الجيش المغربي المعبر الحدودي في نوفمبر من العام 2020 وإنهاء مغامرات مسلحي البوليساريو عند هذه النقطة الحدودية، التي تشرف السلطات المغربية والموريتانية على إدارة تدفق السلع والأشخاص عبرها”.

وأضاف ماء العينين أن “فتح معبر تجاري آخر لن يكون سابقة، غير أن البوليساريو تحاول تضخيم موضوع إمكانية إقامة معبر جديد بين مدينة السمارة المغربية ومنطقة بئر أم غرين الموريتانية، في محاولة منها لتنسي قواعدها أن هناك حدودًا رسمية مفتوحة بين المغرب وموريتانيا”، مشيرا إلى أن “فتح المزيد من المعابر التجارية بين البلدين لا يواجه أي إكراهات سياسية، وإنما إشكالات تقنية وأخرى مرتبطة بالجدوى الاقتصادية”.

وأكد المتحدث لهسبريس أن “الجيش الموريتاني انتشر بكثافة في منطقة بئر أم غرين في الشمال الغربي للبلاد، التي كانت مستباحة من طرف مسلحي البوليساريو في تعدٍّ سافر على السيادة الموريتانية”، مشيرًا إلى أن “هذه الطريق التجارية الجديدة التي يتم الحديث عنها يمكن أن تفتح الطريق إلى مالي والنيجر، وبالتالي تعزيز البنيات اللوجستية للمبادرة الأطلسية التي أطلقها المغرب لفائدة دول الساحل التي تعاني من التدخلات الجزائرية ومحاولة الجزائر خلق بؤر انفصالية فيها، بما يشمل موريتانيا أيضًا”.

واعتبر المحلل نفسه أن “طرد الانفصاليين بشكل نهائي من بعض المناطق المحدودة شرق الجدار، التي تسميها الجبهة الانفصالية الأراضي المحررة، بات مسألة وقت لا أكثر، والجزائر تدرك ذلك وتخشى تبعات بقاء البوليساريو على أرض تندوف، ولذلك تحاول أن تُصدرها إلى دول أخرى من ضمنها موريتانيا، التي حذر رئيسها من محاولات إرباك النسيج الديمغرافي الموريتاني عبر تجنيس سكان المخيمات”، مشددا على أن “نواكشوط من الأفضل لها أن تستبق كل الخطوات الجزائرية بتعزيز التحالف الإستراتيجي مع المغرب، سواء في إطار ثنائي أو متعدد الأطراف بمعية حلفاء إستراتيجيين آخرين”.

مبادرات مغربية

من جهته قال سعيد بركنان، محلل سياسي، إن “موريتانيا استطاعت أن تتجاوز حصر الجوار الجغرافي مع المغرب في المشكل المفتعل حول الصحراء المغربية، وذلك بتطوير رؤيتها الإستراتيجية بناءً على التطورات الاقتصادية الإقليمية واستبصار دور المبادرات الاقتصادية التي يقدمها المغرب، سواء لدول غرب إفريقيا على طول الساحل الأطلسي أو لدول الساحل جنوب الصحراء”.

وأكد بركنان، متحدثًا لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “موريتانيا استطاعت أن تفصل بين الموقف السياسي الذي تقدمه في قضية الصحراء، وهو موقف الحياد الإيجابي باعتبارها طرفًا معنيًا بهذا النزاع في نظر الأمم المتحدة، وبين الموقف الاقتصادي الإيجابي والمنخرط في العديد من المبادرات التي يقدمها المغرب لتحقيق التنمية، بما فيها أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب ونفاذ دول الساحل إلى المحيط الأطلسي”.

وتابع المحلل السياسي ذاته بأن “فتح أي معبر تجاري جديد بين المغرب وموريتانيا يأتي في إطار هذا التفاعل الاقتصادي الإيجابي لنواكشوط تجاه هذه المبادرات المغربية التي تروم تغيير وجه المنطقة الإقليمية اقتصاديًا، وتحقيق تنمية تستفيد منها دول الجوار لتحقيق الاستقرار والأمن”.

وخلص المتحدث إلى أن “تهديدات البوليساريو لموريتانيا تستند إلى منطق انفصالي لا يستوعب منطق الدولة المستقلة بقراراتها في حدودها السيادية، كما أنه لا يستوعب الأرضية التي اتُّخذ بناءً عليها قرار موريتانيا التقارب الاقتصادي مع المغرب، الذي يستند إلى معطيات واقعية تقول إن المملكة أصبحت محددًا ومؤشرًا مهمًا في المعادلة الاقتصادية في مستقبل المنطقة، وإلى حقيقة أن تطوير اقتصاد موريتانيا جزء من الرؤى الإستراتيجية التي لا تركن إلى صراعات سياسية بقدر ما ترتهن بمنطق رابح-رابح الذي أصبح المغرب يبني على أساسه علاقاته جنوب-جنوب”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق