رغم مرور أشهر على الإعلان عن اتفاق تاريخي بين المملكة المتحدة وموريشيوس بشأن نقل السيادة على أرخبيل تشاجوس، لا تزال عملية تنفيذ هذا الاتفاق تواجه عقبات كبيرة.
ويخشى الجانب الأمريكي من تداعيات أمنية مرتبطة بالتواجد العسكري الأمريكي-البريطاني في جزيرة دييجو جارسيا، وعلاقة موريشيوس المتنامية مع إيران.
تفاصيل الاتفاق
حسب تقرير صحيفة “التليجراف”، السبت 25 يناير 2025، أصدرت بريطانيا وموريشيوس بيانًا مشتركًا في أكتوبر 2023، يُعلن عن اتفاق تاريخي ينهي قرابة 59 عامًا من الوجود البريطاني المثير للجدل في أرخبيل تشاجوس بالمحيط الهندي. بموجب الاتفاق، ستنقل بريطانيا السيادة على الأرخبيل، بما في ذلك جزيرة دييجو جارسيا، إلى موريشيوس.
وتعد جزيرة دييجو جارسيا قاعدة عسكرية استراتيجية مشتركة بين الولايات المتحدة وبريطانيا، حيث تُستخدم لعمليات المراقبة والتجسس على المحيط الهندي والشرق الأوسط، ويثير التنازل عن السيادة على الجزيرة قلقًا أمنيًا كبيرًا لدى الولايات المتحدة، التي تعتبرها جزءًا لا يتجزأ من منظومتها الدفاعية في المنطقة.
المعارضة الأمريكية
رغم الاتفاق البريطاني-الموريشيوسي، تزايدت الدعوات الأمريكية لإفشاله بسبب مخاوف أمنية، خاصةً مع تعزيز موريشيوس علاقاتها مع إيران والصين، وفتحت موريشيوس محادثات مع إيران لاستضافة فروع لجامعات إيرانية على أراضيها، مما يُثير قلقًا من أن تُستخدم هذه الجامعات كغطاء لنشاطات تجسس تستهدف القاعدة العسكرية في دييغو غارسيا.
السيناتور الأمريكي عن ولاية لويزيانا، جون كينيدي، دق ناقوس الخطر حول “تعميق العلاقات” بين موريشيوس وإيران، مؤكدًا أن أي تنازل عن السيادة على جزر تشاغوس يُهدد الأمن القومي للولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وحذر مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق، جون بولتون، من “جهود منسقة” من جانب إيران والصين لاستغلال موريشيوس كقاعدة لأنشطة سرية تهدد أمن دييغو غارسيا.
الضغوط على ترامب
قالت التقارير الإعلامية إن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، واجه ضغوطًا من كبار الجمهوريين لعرقلة الاتفاق، وتشير بعض التقارير إلى أن قرار ترامب المتوقع برفض الاتفاق قد يتم في غضون أيام، بناءً على نصائح مقربين منه.
ولم تقتصر المعارضة للاتفاق على الجانب الأمريكي، بل واجهت بريطانيا نفسها انتقادات داخلية حادة، أعرب رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون، الذي يُعد من أبرز المعارضين للاتفاق، عن قلقه من أن التنازل عن جزيرة دييجو جارسيا قد يُفقد بريطانيا ورقة ضغط استراتيجية كانت تُستخدم لتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة.
وشدد جونسون على أن العلاقة الخاصة بين البلدين لا تقوم فقط على القيم المشتركة، بل تعتمد أيضًا على أهمية مواقع استراتيجية مثل دييجو جارسيا. ومن جانبها، حذرت الاستخبارات البريطانية من أن الاتفاق قد يُستغل من قبل إيران كغطاء لنشر جواسيس في موريشيوس.
تقارب يثير المخاوف
على صعيد آخر، شهدت العلاقات الإيرانية-الموريشيوسية تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة بعد فترة طويلة من الجمود، فقد زار سفير إيران موريشيوس لمناقشة التعاون في مجالات عدة، مثل التعليم والصحة والزراعة، كما قدمت إيران مسودة اتفاق لموريشيوس حول تبادل الأكاديميين والطلاب.
وفي عام 2022، شهدت العلاقات دفعة إضافية مع انعقاد أول منتدى اقتصادي مشترك بين البلدين، حيث نوقشت استثمارات جديدة تشمل قطاع الصناعات الكيميائية. هذا التقارب أثار مخاوف أمنية، إذ يُخشى أن يؤدي إلى توسيع النفوذ الإيراني في المحيط الهندي، مما قد يؤثر على التوازن الاستراتيجي في المنطقة.
توتر متوقع بسبب تشاجوس
في حال رفض الرئيس ترامب للاتفاق، ستترتب على ذلك تداعيات خطيرة. وعلى المستوى البريطاني، سيُمثل ذلك انتكاسة كبيرة لحكومة كير ستارمر التي تسعى لتعزيز التزامها بالقانون الدولي، خاصةً بعد قرار محكمة العدل الدولية في 2021 الذي أكد ضرورة نقل السيادة على جزر تشاجوس إلى موريشيوس.
وعلى صعيد العلاقات الأمريكية-البريطانية، قد يؤدي رفض الاتفاق إلى توتر العلاقات بين الجانبين، خصوصًا مع اتهام بعض الجمهوريين بريطانيا بعدم التنسيق مع الولايات المتحدة في قضايا الأمن المشترك، أما على صعيد موريشيوس وإيران، فإن استمرار التقارب بينهما قد يُعزز النفوذ الإيراني في المنطقة، مما يزيد من التحديات الأمنية للولايات المتحدة وحلفائها.
إخلاء مسؤولية إن موقع جريدة الجوف يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
0 تعليق