بدأت مجموعة من الأسر المغربية تتوجس من الارتفاع المحتمل لأسعار مجموعة من المواد الاستهلاكية خلال شهر رمضان المقبل، الذي يتميز بارتفاع الطلب على استهلاك مجموعة من المواد، من أبرزها الطماطم والبيض والدواجن واللحوم والأسماك، وهي التي تشهد أسعارها ارتفاعا كبيرا منذ أسابيع.
تحمل الأم ربيعة قفتها في سوق الإدريسية وسط مدينة طنجة وهي تستفسر عن أسعار الخضر الملتهبة، وعلامات الحيرة بادية على محياها، يجيبها صاحب المحل بوجه عبوس: “الطماطم 10 دراهم، والفلفل 10 دراهم، والخيار 8 دراهم، والبرتقال 8 دراهم”، لترد عليه: “كل شيء غال”، فيجيبها: “باقي الحاجة ما شفتي والو، كلشي غادي يتزاد مع سيدنا رمضان”.
يلخص هذا الحوار القصير المشهد الذي باتت تعيشه جل الأسر المغربية في مختلف المدن المغربية، التي اكتوت ومازالت بنار الأسعار المشتعلة منذ أشهر طويلة، حتى أضحى الغلاء واقعا لا يرتفع أرغم الناس على التعايش معه.
غير بعيد عن محل بيع الخضر والفواكه يوجد محل لبيع الدجاج، الذي بدوره يسجل ارتفاعا كبيرا، بلغ 22 درهما للكيلوغرام حياً، فيما يصل ثمن السردين إلى 20 درهما و”الشطون” إلى 25 درهما، وهي أرقام كبيرة تزيد من تعميق أزمة الأسر محدودة الدخل، التي كانت هذه المواد تحضر باستمرار في مائدتها اليومية، بعدما كانت أسعارها لا تتعدى 10 دراهم للكيلوغرام، قبل سنوات خلت.
وفي تعليقه على الموضوع اعتبر المحلل الاقتصادي محمد جدري أن “موجة الغلاء حاضرة اليوم، خاصة عندما نتكلم عن أسعار اللحوم الحمراء والدجاج والبيض”، مؤكدا أنها “في مستويات قياسية تفوق القدرات الشرائية للمواطنين، خصوصاً ذوي الدخل المحدود والطبقة المتوسطة”.
وأضاف جدري، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الأسعار لها علاقة مباشرة بالعرض والطلب”، مشددا على أن “شهر رمضان يعرف ارتفاعا في الطلب أكثر من أي وقت مضى، وبالتالي من المتوقع أن تعرف أسعار اللحوم الحمراء والدواجن والبيض والخضر والفواكه زيادة بحلوله”.
ومضى المحلل الاقتصادي مفسرا أسباب هذا التوقع المخيف بالنسبة لغالبية الأسر، إذ أفاد بأن من أبرزها أن “المعروض من السلع لا يلبي الطلب المحلي، بالإضافة إلى معاناة المنظومة التسويقية من وجود مجموعة من الوسطاء والمضاربين والمحتكرين، الذين يغتنون من أزمات المغاربة”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن “الحكومة عاجزة عن إيجاد حل لهؤلاء الوسطاء والمضاربين، لأنه منذ 2021 ونحن نتكلم عنهم ولا نرى أي حلول أو إجراءات تتخذ في هذا الاتجاه”، لافتا إلى أن “أدوات المراقبة تبقى محدودة جدا لضعف الموارد البشرية والمالية واللوجستية لأعوان المراقبة”.
كما أورد جدري أن “حجم القطاع غير مهيكل الكبير يُصعب التحكم في سلسلة القيمة فيه أو مراقبته”، متوقها أن تسجل أسعار مجموعة من السلع ارتفاعا في القادم من الأسابيع، ومسجلا أن “الزيادة التي ستكون بطريقة غير مباشرة في أجور مجموعة من الموظفين والأجراء في القطاع الخاص الشهر المقبل لا يمكنها أن تصرف إلا في الاستهلاك، وبالتالي سيزيد حجم الطلب على مجموعة من السلع والخدمات؛ وفي نهاية المطاف مجموعة من المنتجات التي تسوق في السوق المحلية لا يمكن إلا أن نراها بأثمان مرتفعة مقارنة مع الأشهر القليلة الماضية”، وفق تعبيره.
0 تعليق