‬تفكيك "خلية الإخوة الثلاثة" يواكب تغير الأساليب في الجماعات الإرهابية

0 تعليق ارسل طباعة

حظيت عملية إجهاض مخطط إرهابي بإقليم برشيد كان وشيك التنفيذ، عبر ما عرفت بـ”خلية الأشقاء الثلاثة”، إضافة إلى عنصر رابع، المفككة الأحد الماضي، بمتابعة قوية من طرف الرأي العام في المغرب، فيما نالت تنويه السكان المحليين الذين أشادوا باليقظة الأمنية، مُعايِنين دقة التدخل الاحترافي.

العملية الأمنية جاءت ثمرةَ “تنسيق ثلاثي” بين القوة الخاصة التابعة للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، بتنسيق مع عمداء وضباط المكتب المركزي للأبحاث القضائية، وبتعاون ميداني مع عناصر الفرقة الجوية والمركز القضائي للدرك الملكي. بينما أبرز مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، الشرقاوي حبوب، ضمن تصريح للصحافة، أن تفكيك خلية إرهابية مكونة من أربعة أشخاص بمنطقة حد السوالم، ضواحي مدينة برشيد، يندرج في إطار الجهود المبذولة من طرف المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني من أجل مكافحة الجريمة الإرهابية والتصدي للخطر الإرهابي.

وحسب المعلن رسميا فإن “المعلومات الاستخباراتية الدقيقة التي وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني كان لها دور حاسم في إجهاض مخطط إرهابي وشيك كان في مرحلة التحضير للتنفيذ المادي لعمليات تفجيرية”، خاصة أن التحريات أثبتت تحركات ميدانية لتنفيذ المخطط، بعد مبايعة تنظيم “داعش” الإرهابي، رافقها “اقتناء مواد كيميائية أولية تدخل في صناعة المتفجرات”.

كما جذبت الانتباه نوعيةُ التنسيق بين الأجهزة الأمنية المغربية، مستعينة بمتخصصين في الرماية عالية الدقة ومروحية تابعة للدرك الملكي قامت بتمشيط من الأعلى، بالإضافة إلى خبراء في المتفجرات وكلاب مدربة للشرطة.

ومن المرتقب أن تحال “كميات مهمة من السوائل والمساحيق والمواد المشبوهة والأسلحة البيضاء المحجوزة بفضاءات التدخل على المختبر الوطني للشرطة العلمية والتقنية من أجل إخضاعها للخبرة ومعرفة نتيجتها”، حسب مدير “البسيج”.

أساليب العمل

في قراءته لدلالات العملية وسياقاتها، أكد إحسان الحافظي، أستاذ جامعي متخصص في الحكامة والعلوم الأمنيين، أن “عمل الجماعات الإرهابية لا يرتبط بأجندة زمنية محددة عادة، ولكن بتوجيهات من تنظيمات حاضنة لمثل هذه النماذج من العناصر المتطرفة التي تبيّن أنها تحركت بشكل منتظم ضمن حيّز ضيق جغرافيا، عكس أسلوب عمل خلايا سابقة (على شكل تنظيمات عنقودية أو ذئاب منفردة)”.

وأضاف الحافظي، في تصريح لهسبريس، أن “عملية حد السوالم تُثبت التحول في أسلوب عمل الجماعات الإرهابية وخلاياها بعدما صارت مَبنية على شبكة عائلية (3 إخوة)، ما يؤشّر على عنصريْ القُرب العائلي والجغرافي أيضا”، منوها إلى “نجاح السلطات الأمنية في مواكبة تلك التحولات عبر تعقب الشبكة رغم تحركها ضمن حدود ضيقة (مدينة صغيرة وحيّان متقاربان) والقرابة بين معظم أفرادها”.

ولم يفت المختص في الشؤون الأمنية أن يؤكد أن “تهديد التنظيمات الإرهابية المنتشرة في منطقة الساحل والصحراء والكبرى، بعد مطاردة فلولها من دول الشرق الأوسط، صار وشيكا في معظم دول إفريقيا”، مستدلا بأن “نيجيريا عاشت الجمعة الماضي على وقع عملية إرهابية دموية؛ ما كان لزاماً أن تأخذ معه سلطات الأمن المغربي التنشيط والتوجيهات لعناصر متطرفة بايعت تلك التنظيمات في الحسبان؛ ما يؤكد ارتباط المخطط الإرهابي بالمغرب بما يعتمل في الساحل والصحراء، خاصة بعد أن سهّلت الجزائر مرور بعض العناصر الإرهابية للاستقرار في مناطق الساحل والتخطيط منها”.

كما قرأ الحافظي في عملية الإنزال اللوجستي الكبير والتنسيق مع قوات الدرك الملكي وتقنيي الكشف عن المتفجرات مؤشرا على أن العملية تخص “تنظيما إرهابيا نشطا بقوة كان على وشك التنفيذ، خصوصا بعد رصد أماكن قد تكون أهدافاً لمخططه الخطير”، وزاد: “كما أن حجم المحجوزات ونوعيتها أبانا عن مرحلة متقدمة من التحضير وصلت إلى مبايعة العناصر الموقوفة لـ’داعش'”، منوها في السياق بـ”دقة وسرعة التنسيق بين المؤسسات الأمنية في المغرب بشكل أثمر فاعليّة تحييد الخطر الإرهابي”.

تتبع ورصد

ركّز محمد عصام لعروسي، أستاذ العلاقات الدولية والشؤون الأمنية وتسوية النزاعات، على فكرة أن “عملية تفكيك خلية حد السوالم تسترعي الانتباه مِن ناحية الإنجاز؛ بحكم أنها ذات طبيعة استخباراتية، على اعتبار عمل التتبع الممتد لفترة طويلة لنشاط العناصر الموقوفة”.

وقال لعروسي، في تعليق لجريدة هسبريس، إنّ “إدارة الأمن الوطني بمختلف أقطابها واكبت التحديات في هذا الباب بشكل متسارع، مدركة أن الإرهاب يتشكل بطريقة مختلفة يوما بعد يوم، ما يعقّد تتبع نشاطه عبر الفضاء الافتراضي، ما جعلها توفر أدوات وإمكانيات وأطراً بشرية تتبع الخلايا وتحييدها قبل الوصول إلى التنفيذ”.

ولفت مدير مركز منظورات للدراسات الجيوسياسية بالرباط إلى أن “الأطر البشرية العاملة في هذا الإطار عززت التتبع الرقمي بالرصد الواقعي عبر تتبعها حركية النشاطات المشبوهة من خلال اللجوء إلى شراء مواد سائلة وصلبة لدى محلات العقاقير؛ وهو ما يرفع درجة التوجس من خطورة هذه الأنشطة، ويستدعي تقنين هذا الجانب والتشدد فيه؛ لأنه يساعد في صناعة المواد المتفجرة التي تظل متيّسرة الاقتناء”.

ويرى لعروسي، ضمن قراءته، أن “عملية 26 يناير الجاري اكتسَت هامشا كبيرا من الأهمية بوصفها تهم خلية تنشط في جهة الدار البيضاء، المدينة الحيوية والقطب الاقتصادي النابض للمملكة؛ فضلا عن عنصر التقارب الأسري وبلوغ الاستعدادات الإرهابية المسافة الصفر عبر أداء البيعة والولاء لداعش”.

“نحن أمام خليّة منظمة وليست اعتباطية بدون أهداف أو إستراتيجية واضحة، بل على العكس كل المؤشرات تدل على أننا إزاء عمل منظَّم”، يورد المتحدث ذاته، مُلِحّاً على أن “ما يلفت الانتباه هو قوة التعاون اللوجستي والتنسيق المتكامل بين ‘مكتب البسيج’ والدرك الملكي، فضلا عن عناصر القوة الخاصة لـ’الديستي’ بخصوص التدخل عبر مروحية مجهَّزة”، وختم بأن “التحقيقات ستكشف الارتباطات بين الأشخاص الأربعة الذين تم توقيفهم، عبر البحث معهم لمعرفة مدى ارتباطاتهم وعلاقاتهم بأشخاص آخرين ومدى تقاطعات وعلاقات هذه الخلية التي قد تكون لها تقاطعات سواء وطنيا أو خارجيًا”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق