"عوامل جذابة" تضخ استثمارات الصينيين في قطاع السيارات بالمغرب

0 تعليق ارسل طباعة

تتواصل دينامية الاستثمارات الصينية في قطاع السيارات بالمغرب، إذ رافق إعلان شركة “Kaizhong Co., Ltd” الصينية المتخصصة في تصنيع قطع الغيار، قبل أيام، تخطيطها لإنشاء فرع في المغرب، باستثمار يفوق 55 مليون درهم، توقع باحثين من الصين تضاعف إنتاج مصنع مُواطنتها “Senqilin” بالمغرب، الذي افتتح قبل أشهر قليلة، من إطارات المركبات خلال السنة المقبلة، مرتين ليبلغ 12 مليون إطار.

وأعلنت شركة “Kaizhong” المحدودة عزمها إنشاء فرع لها بالمغرب، باستثمار أولي يعادل أكثر من 40 مليون يوان صيني، أي ما يعادل أكثر من 55 مليون درهم، استنادا إلى “التخطيط الإستراتيجي للشركة واحتياجات التشغيل”، وبغرض “الاستجابة لاحتياجات العملاء الأوروبيين والأفارقة”.

يأتي ذلك تزامنا مع ترقب ارتفاع إنتاج مصنع شركة “Senqilin” بالمغرب من إطارات السيارات خلال السنة الجارية، “ليتراوح بين 6 و8 ملايين إطار بمتم العام، في أفق تضاعف هذا الرقم سنة 2026″، وفق ما ذكرت وسائل إعلام صينية نقلا عن تقرير بحثي.

وفي هذا الصدد كان ناصر بوشيبة، رئيس جمعية التعاون الصيني الإفريقي للتنمية، أكد في تصريح سابق لهسبريس أن “إستراتيجية التنويع التي تبناها الاقتصاد المغربي تحت قيادة الملك محمد السادس، إلى جانب زيادة الاستثمارات الصينية في المغرب، تمثل المحرك الرئيسي لنمو الصادرات المغربية غير الطاقية على مدى العقد الماضي، حتى أصبح عكس اختلال التوازن التجاري مع الصين أكثر قابلية للتحقيق من أي وقت مضى…”.

عوامل متشابكة

ردّ رشيد ساري، محلل اقتصادي وخبير في مجال صناعة السيارات، “هذا الاهتمام الصيني المتزايد بالاستثمار في قطاع الصناعة السيارات في المغرب إلى عدة عوامل، لعل أبرزها امتلاك المغرب اليوم بنية تحتية صناعية في مجال صناعة السيارات قوية ومتميزة جدا، وكذا قدرة منظومته الصناعية على التكيف مع التقلبات التي تحصل في القطاع”.

وشرح ساري، ضمن تصريح لهسبريس، أن “المنظومة الصناعية المغربية بعد أن كانت تستدمج صناعة السيارات المعتمدة على الطاقات الأحفورية باتت تسير بشكل مهم نحو التموقع في ميدان صناعة بطاريات السيارات الكهربائية”، مستحضرا “وجود مشاريع صينية ضخمة في هذا الميدان بالمملكة، آخرها بلغت قيمته 12 مليارا و800 مليون درهم”.

“عامل آخر مهم”، وفق المحلل ذاته، “يتمثل في تحول الصين إلى مهيمن على مجال صناعة السيارات؛ إذ خلقت مجموعة من الأزمات لشركات عملاقة ألمانية كفولسغاكن وميرسيديس، وكذا لمجموعة قوية في الولايات المتحدة الأمريكية هي ‘تسلا’ المصنعة للسيارات الكهربائية”، موضحا أن “الصين لا تخفي بتاتا أنها تريد أن تُنافس في هذا المجال بالأسواق الأمريكية، انطلاقا من البنية التحتية لصناعة السيارات التي سوف تنشئها في المغرب”.

واستحضر الخبير الاقتصادي “استشعار الصين خلال جائحة كورنا حجم الخطر الذي مثلته أزمة مجموعة من سلاسل التوريدات في عدة أنشطة اقتصادية آنذاك”، مؤكدا أنه “من أجل إبقاء هيمنته على السوق العالمية، وخوفا من تحول هذه السلاسل إلى مناطق أخرى، أنشأ التنين الصيني سلاسل توريد صينية، لكن متمركزة بمجموعة من الدول، ضمنها المغرب”، ومعتبرا ذلك “ذكاء اقتصاديا من الصين”.

وإلى جانب تحسن مناخ الأعمال بالمغرب وتوفره على مجموعة من الطاقات والكفاءات في الميدان أضاف ساري، ضمن الأسباب المفسرة للاهتمام الصيني بالاستثمار في قطاع السيارات بالمغرب، “انكباب عدة كفاءات مغربية على الأبحاث التحليلية في مختبرات موجهة أساسا للإبداع في هذا الميدان”، مسجلا أن “ذلك ينقص الولايات المتحدة الأمريكية، ومجموعة من الدول الأوروبية التي ظلت منظوماتها متخلفة عن التطوير”.

وشدد المحلل نفسه على أن “الصين تعي أن المغرب من الدول المجتهدة في مجال صناعة السيارات التي استطاعت من خلال مختبراتها إنشاء بطاريات كهربائية مستخلصة من الفوسفاط”، مؤكدا أن ذلك “سيذكي رغبة هذه الجمهورية في ضخ استثمارات كبيرة جدا في ميدان بطاريات السيارات، خصوصا أن المغرب يتوفر على احتياطات كبيرة من مادة الكوبالت من النوع الممتاز جدا”.

دينامية ومقابل

ذكّر إدريس الكراوي فيلالي، خبير اقتصادي رئيس المركز المغربي للحكامة والتسيير، بـ”استقرار عدة علامات تجارية صينية في المغرب، في الدار البيضاء وطنجة والرباط، ووجود دينامية كبيرة للسيارات الصينية التي تسوق في المملكة”، مؤكدا أن “الشركات الصينية التي تستثمر في المغرب هدفها مزدوج؛ التسويق داخل المغرب، والتصدير إلى الخارج، خصوصا في ظل الدينامية القوية التي يشهدها المغرب في ميدان التصدير.

وأصرّ فيلالي، في تصريح لهسبريس الإلكترونية، على أنه “في الوقت الحالي هناك حركية قوية في الاستثمار الصيني في قطاع السيارات بالمغرب، إذ إن عددا من شركات الصين الناشطة في ميدان صناعة الأجزاء وقطع الغيار تستقر بالمملكة، وذلك تزامنا مع اتخاذ شركات أوروبية وأمريكية القرار ذاته”، مفسرا هذا الأمر بـ”توفر المغرب على ترسانة قانوينة تسهل تدفق الاستثمارات الأجنبية”.

وبالنسبة للخبير الاقتصادي ذاته فإن “ما ينبغي التركيز عليه في الوقت الحالي هو التشغيل وضمان نقل الكفاءة والمعرفة الصينية في إنتاج وإصلاح وتركيب السيارات إلى المصانع بالمغرب”، مبرزا أنه “يتعين في مقابل حصول هذه الشركات الصينية وغيرها على تسهيلات وتشجيعات إلزامها بخلق فرص الشغل في المغرب، والمساهمة في خفض نسبة البطالة به”.

وأكد المصرح نفسه أن “ضمان عدالة التوزيع الجغرافي والترابي لهذه الاستثمارات أو المرتقب تدفقها على المغرب في ميدان الاستثمارات أساسي”، موردا أنه “ينبغي أن تتوزع على 12 جهة بالمملكة، فتتجه إلى جهات أخرى كالشرق وسوس ماسة ودرعة تافيلالت، وغيرها، ولا تظل متمركزة بمحور طنجة- الدار البيضاء”.

أخبار ذات صلة

0 تعليق