كشف هزيمة شركة “فاجنر” العسكرية الخاصة الروسية في تينزاوتين يوليو 2024 عن قضايا القيادة والسيطرة بعد تسليم العمليات جزئيًا من شركة يفجيني بريجوزين العسكرية الخاصة إلى وزارة الدفاع.
وأثار سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في ديسمبر 2024 تساؤلات حول مستقبل ميناء طرطوس الروسي على البحر الأبيض المتوسط وقاعدته الجوية الحيوية في حميميم، كل ذلك على خلفية عام ثالث من الحرب الطاحنة في أوكرانيا.
تضاؤل نفوذ روسيا
دفعت التطورات بعض المحللين إلى الاعتقاد بأن نفوذ روسيا وقدرتها على فرض قوتها في منطقة الساحل آخذة في التضاؤل، أو أن الكرملين لم يعد يعتبر منطقة الساحل وغيرها من الدول الصديقة في إفريقيا أولوية، وفق ما ذكرته مجلة ريسبونسبل ستيت كرافت، في تقرير نشرته، الجمعة 31 يناير 2025.
وأضافت أن أعضاءً في المجتمعات العسكرية والسياسية والخبراء في روسيا يدفعون إلى تقليص وجود موسكو بالقارة السمراء، أو استخدامها كورقة مساومة في أي مفاوضات محتملة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأمريكي دونالد ترامب.
ولفتت إلى أن الانسحاب من منطقة الساحل، وإفريقيا بشكل عام، لا يزال غير مرجح، فيما تنتشر الشائعات والتكهنات حول الاستراتيجيات المستقبلية، ولكن من الواضح أنه بعد عدة سنوات من التوسع، بدأت العمليات الروسية في إفريقيا في إعادة ضبط نفسها لتتناسب بشكل أفضل مع قدرات موسكو.
لا يوجد استراتيجية
قالت المجلة، إن موسكو لا تملك استراتيجية رسمية روسية تجاه إفريقيا، ولا توجد وثيقة متفق عليها ومعتمدة ومقبولة للتنفيذ، وبدلاً من ذلك، كان النشاط الروسي في إفريقيا يميل إلى الحدوث بطريقة غير منهجية، من خلال هياكل مثل مجموعة فاجنر التابعة ليفجيني بريجوزين، والتي كانت تتمتع بحرية اتخاذ قرارات استباقية على أرض الواقع وفقًا للفرص الناشئة.
وأدى نجاح عمليات فاجنر الهجومية في هجوم مضاد ضد الجماعات المسلحة في جمهورية إفريقيا الوسطى عام 2021 إلى تعزيز وجود بريجوزين الأمني في إفريقيا، وبدأت شركته العسكرية الخاصة في تسويق نفسها كحل عسكري للصراعات المعقدة، إلا أن عمليات فاجنر كانت ارتجالية تفتقر إلى تقييم الأزمات المتفاقمة بمنطقة الساحل بشكل واقعي.
دموية فاجنر
أوضحت المجلة، أن المشاركة المستمرة لوحدات فاجنر في أصعب المناطق وأكثرها دموية، والتي كانت تعمل في بعض الأحيان بشكل مستقل عمليًا عن الجيش المالي، أدت إلى تدهور قدرة القوات المالية على القتال، وفي غياب سياسة موحدة للتفاعل بين المخططين العسكريين والمخابرات العسكرية الروسية، وقادة فاجنر، والقادة والوزراء الماليين، كانت العمليات تفتقر إلى سلسلة قيادة واضحة.
وبعد وفاة يفجيني بريجوزين في أغسطس 2002، أعيد توزيع موظفي هياكله داخل روسيا بين قوات الأمن أو تم دفعهم إلى بيلاروسيا، لكن تسليم الوحدات الإفريقية كان أكثر تعقيدًا، فلم يكن من الممكن حل وحدات فاجنر أو استبدالها بهياكل أخرى، لأن إعداد وحدات متماسكة ومنسقة بشكل جيد يستغرق الكثير من الوقت.
هزيمة فاجنر
أدت حرب روسيا في أوكرانيا إلى استنزاف إفريقيا من مقاتلي فاجنر والمتخصصين ذوي الخبرة، وكان الاعتقاد بأن إفريقيا مكان “أسهل” للانتشار مقارنة بأوكرانيا، وقضايا المحسوبية في الحصول على هذه الانتشارات، والمكافآت على الولاء بدلاً من المهارة، سببًا في تدهور وضع القوات في مالي، وبالتالي هزيمة فاجنر في كمين تينزاوتين، الذي شهد مقتل نحو 100 من مقاتلي فاجنر.
وأعطى الكمين نفوذًا للضباط العسكريين الذين يطالبون روسيا بتقليص مشاركتها المباشرة في العمليات العسكرية في مالي، ويدرك الروس الذين يمرون عبر مالي أن موسكو تفتقر إلى القدرة والرغبة في معالجة الأزمات التنموية والاقتصادية والإنسانية الهائلة في منطقة الساحل، وتضغط هذه المجموعة لتحويل التركيز إلى تدريب الجيش المحلي وقوات إنفاذ القانون في المنطقة.
منافسة أمريكية
توقعت المجلة أن تستثمر روسيا في مبادرات القوة الناعمة التي تتجاوز التدريب العسكري، وأن تبدأ المبادرات الحكومية والخاصة في إنشاء منظمات غير ربحية وجمعيات عامة تستغل المشاعر المعادية للغرب وعدم الثقة في التدخلات الغربية في منطقة الساحل، ورغم الاتفاق على أهمية القيم التقليدية وإخفاقات الليبرالية، فإن التعاون الهادف مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في إفريقيا لا يزال غير مرجح.
وأضافت أن المنافسة بين الشركات العسكرية الخاصة ستكون أكثر احتمالًا، إذ تسعى السياسة الخارجية لترامب إلى تقليص العمليات العسكرية والإنسانية في الشرق الأوسط وإفريقيا للتركيز على أمريكا الشمالية والجنوبية، ما يخلق فرص سوقية جديدة لصناعة الأمن الخاصة الأمريكية في إفريقيا.
وأوضحت أن بريجوزين تمكن من تقويض منافسيه الغربيين بتسهيل الوصول إلى المعدات العسكرية الروسية والإعانات، ما سمح له بالتسامح مع المخاطر الجسيمة على أمل تحقيق عوائد طويلة الأجل، فهل تستطيع الشركات العسكرية الأمريكية الخاصة الضغط من أجل صفقات مماثلة، مؤكدةً أنها إذا التزمت بذلك، سيكون القادة الأفارقة في وضع جيد للاستفادة من سوق أكثر تنافسية.
إخلاء مسؤولية إن موقع جريدة الجوف يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
0 تعليق