يتساءل البعض “هل يمكن أن تستعد الولايات المتحدة لتنصيب الرئيس دونالد ترامب في 20 يناير 2029 لفترة ثالثة بعد أربع سنوات من الحكم؟”.
هذا السيناريو؛ سيصحبه فرحة عارمة لدى أنصار ترامب في حين سيعتبره الديمقراطيون أمرًا كارثيًّا وضربة لمستقبل الديمقراطية الأمريكية، لكن ذلك مستحيل نظريًّا من الناحية القانونية، ومع ذلك قد يستغل الرئيس الأمريكي بعض الثغرات القانونية لتولي فترة رئاسية ثالثة.
قيد قانوني
يمنع التعديل الثاني والعشرون، الذي أُقر بعد فترة حكم فرانكلين روزفلت الطويلة، أي رئيس من شغل المنصب أكثر من مرتين، حتى لو لم تكونا متتاليتين؛ لكن هل يمكن لترامب إيجاد طريقة لتجاوز هذا العائق؟
بحسب تقرير لمجلة بوليتيكو نشرته في 31 يناير 2025، هناك عدة مسارات محتملة قد يسلكها ترامب إذا قرر السعي للبقاء في السلطة بعد 2028، وهي سيناريوهات تبدو للوهلة الأولى غير واقعية، لكنها تستحق النظر بجدية بالنظر إلى تاريخه في تحدي القواعد السياسية والقانونية.
سُبل وآليات
أحد السيناريوهات يتمثل في السعي إلى إلغاء التعديل الدستوري الذي يفرض الحد الأقصى لفترات الحكم، وهو أمر ممكن نظريًا لكنه يتطلب دعمًا هائلًا داخل الكونجرس والولايات.
لكي يتم تعديل الدستور، لا بد من تصويت ثلثي أعضاء مجلسي الكونغرس لصالح التعديل، ثم تصديق ثلاثة أرباع الولايات عليه، وهي مهمة شبه مستحيلة في ظل الانقسام السياسي الحاد.
ومع ذلك، بدأ بعض الجمهوريين بالفعل الترويج لهذه الفكرة، حيث قدّم النائب الجمهوري عن ولاية تينيسي، آندي أوجليس، مشروع تعديل يسمح لترامب بالترشح مجددًا.
الترويج للفكرة
بدأ بعض المحافظين في الأوساط الفكرية بدفع النقاش حول إمكانية إلغاء التعديل، بحجة أن الشعب يجب أن يكون له الحق في اختيار قائده بحرية، بغض النظر عن عدد الفترات التي شغلها سابقًا، لكن حتى إذا فشل في تعديل الدستور، فقد يلجأ إلى استغلال ثغرة قانونية غير مشهورة داخل التعديل نفسه.
النص يمنع من أن يُنتخب رئيسًا أكثر من مرتين، لكنه لا يمنع شخصًا من أن يصبح رئيسًا عبر طرق أخرى، مثل تولي منصب نائب الرئيس ثم الصعود إلى الرئاسة في حال استقال أو توفي الرئيس المنتخب.
هذا يعني أن ترامب قد يختار شخصية موالية له، مثل السيناتور جي دي فانس، ليترشح للرئاسة، بينما يضع نفسه على بطاقة الاقتراع كنائب رئيس، وبمجرد الفوز، يمكن للرئيس الجديد المنتخب أن يستقيل في يومه الأول في المنصب، ما يسمح لترامب بالعودة إلى البيت الأبيض عبر إجراء دستوري مشروع، الفكرة قد تبدو حيلة قانونية ملتوية، لكنها ليست بعيدة عن نهج ترامب الذي يعتمد على الحيل واستغلال الثغرات القانونية لتحقيق مآربه السياسية، حسب التقرير.
طريق آخر
لكن ربما لن يحتاج إلى أي من هذه الحيل، فقد يقرر ببساطة الترشح مرة أخرى في 2028 متحديًا الدستور، ويترك الأمر للمحكمة العليا لتقرر مصيره.
هذا السيناريو، رغم أنه يبدو مستبعدًا، ليس مستحيلًا بالنظر إلى أن المحكمة العليا، التي يسيطر عليها المحافظون، قد أبدت استعدادًا لحسم قضايا معقدة لصالحه في السابق، كما حدث عندما ألغت محاولات بعض الولايات لاستبعاده من السباق الرئاسي في 2024 بحجة تورطه في أعمال شغب الكابيتول.
وإذا كانت المحكمة قد وجدت مبررًا قانونيًا آنذاك لعدم منع ترشحه رغم الاتهامات الدستورية الموجهة له، فمن غير المستبعد أن تبحث عن تفسير جديد يتيح له الترشح لفترة ثالثة، خاصة إذا كان لا يزال يتمتع بشعبية جارفة داخل الحزب الجمهوري.
سيناريو خطير
وفق التقرير، ربما يكون السيناريو الأكثر خطورة هو أن يرفض ترامب مغادرة السلطة طواعيةً في نهاية ولايته الثانية، مستغلًا نفوذه السياسي وقاعدته الجماهيرية لإبقاء نفسه في البيت الأبيض.
ولم تواجه الولايات المتحدة قط رئيسًا رفض الاعتراف بنتائج الانتخابات والبقاء في السلطة بالقوة، لكن ترامب أظهر في السابق أنه لا يرى في القواعد الديمقراطية عائقًا أمام طموحاته، كما حدث عندما حاول قلب نتائج انتخابات 2020 عبر الضغط على المسؤولين الحكوميين، وصولًا إلى تحريض أنصاره على اقتحام مبنى الكونجرس.
وترى المجلة الأمريكية أنه إذا شعر ترامب أن مغادرته للبيت الأبيض قد تعني مواجهة جديدة مع القضاء، فقد يكون لديه كل الدوافع لمحاولة البقاء بأي وسيلة.
تصريحات مقلقة
كل هذه السيناريوهات، رغم صعوبة تحقيقها، ليست محض خيال؛ ترامب لم يخفِ رغبته في ولاية ثالثة، فقد قال صراحة لأنصاره في 2020: “سنفوز بأربع سنوات أخرى، ثم بعدها سنسعى لأربع سنوات إضافية”.
وفي 2024، عاد ليطرح فكرة البقاء في الحكم لثلاث فترات؛ بل إنه في الأسبوع الذي تلا فوزه بانتخابات 2024، قال لأعضاء الكونغرس الجمهوريين: “لن أترشح مرة أخرى.. إلا إذا قررتم أنني كنت رائعًا لدرجة تستدعي إيجاد حل لذلك.”
هذه التصريحات قد تكون مجرد مناورة إعلامية أو استفزاز للخصوم، لكنها تعكس شيئًا أعمق؛ ترامب يفكر في الأمر بجدية. وكما أظهرت تجارب الأنظمة الاستبدادية في أماكن أخرى، القادة الذين يبنون حكمهم على الولاء الشخصي والشعبوية نادرًا ما يتركون السلطة بمحض إرادتهم.
إخلاء مسؤولية إن موقع جريدة الجوف يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
0 تعليق