أغلبية مجلس المستشارين تنوه بـ"هدوء الحكومة" في إخراج قانون الإضراب

0 تعليق ارسل طباعة

نوّه فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين، اليوم الإثنين، بمستوى النقاش العمومي الذي صاحب مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، مؤكداً أن “هذه مناسبة تشكل لنا محطة مفصلية حاسمة في العمل السياسي المؤسساتي والنقابي ببلادنا، مشيدين بروح المسؤولية القوية التي طبعت عمل هذه الحكومة تجاه القضايا الكبرى لبلادنا، وعلى رأسها المقاربة التي اعتمدتها في إخراج هذا المشروع”.

شجاعة سياسية

محمد البكوري، رئيس “فريق الحمامة” بالغرفة الثانية، قال، في جلسة عامة تشريعية مخصصة للدراسة والتصويت على المشروع بمجلس المستشارين، إن “الحكومة تحلّت بشجاعة سياسية غير مسبوقة في التاريخ السياسي المغربي عندما باشرت بجرأة كبيرة مناقشة هذا المشروع”، معتبرا أن “كل الحكومات المتعاقبة عجزت عن إخراجه”، وزاد: “تأخرنا كثيرا في اعتماده والمصادقة عليه، ولأنه مصيري فإنه من غير المقبول تأخيره أكثر، لأنه يرنو إلى إعادة الاعتبار للعمل النقابي النبيل، وفق رؤية جديدة تنسجم مع التحولات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية”.

البكوري أكد على “أهمية روح الالتزام التام والمبدئي بالوفاء بكل تعهدات الحكومة مع مختلف الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين، دون هدر الزمن التشريعي والحكومي في المزايدات السياسية والحسابات الضيقة، التي تضيع معها مصالح المواطنات والمواطنين وتفرمل المسار الإصلاحي السليم الذي تبنته بلادنا كخيار وطني ديمقراطي لا رجعة فيه”، مضيفاً أن “مشروع هذا النص القانوني يضمن حق تنظيم الإضراب وفق نهج يضمن الحقوق المكتسبة”.

واعتبر القيادي في “حزب الأحرار” أن مشروع القانون “ديمقراطي، مؤسساتي، يعزز تراكمات ومكاسب الحركة النقابية على المستويين الوطني والدولي”، مؤكداً أن “هذه الوثيقة القانونية تضمن حكامة ممارسة الحق في الإضراب وتؤطره، وتقطع مع كل سلوك فوضوي بدون ضوابط واضحة لممارسته”، وأورد: “بإخراج هذا القانون التنظيمي كآخر حلقة من القوانين التنظيمية التي أطرها دستور 2011 سيتعزز لا محالة مناخ الثقة لدى المستثمرين والفاعليين الاقتصاديين”.

كما ستضخ العملية، وفق المتحدث، “نفسا سياسيا جديدا في دينامية الاستثمارات الخارجية والداخلية التي ستخلق مئات الآلاف من مناصب الشغل القارة لفائدة الشباب في جميع الجهات والأقاليم المغربية”، مردفا: “من هذا المنطلق نعتبر هذا المشروع يسعى كذلك إلى استكمال الضمانات الدستورية للحقوق والحريات التي أقرها الدستور باعتباره يكرس دولة الحق والقانون، ويؤسس أيضا لدولة التعاقد الاجتماعي والمؤسسات”.

كما رفض البكوري “كل المزايدات في مناقشة القوانين”، مع التأكيد على “ضرورة الاشتغال بمنطق الوضوح والصراحة والقطع مع غير المهيكل في العمل النقابي، وهذا أمر أساسي جعل الجميع ينخرط في عمل مؤسساتي مضبوط، يحترم كل جوانب تعاقداته”، مشددا على “أهمية نجاح الحوار الاجتماعي ومأسسته”، وتابع: “هذا القانون التنظيمي يكتسي أهميته الكبرى في تعزيز مناخ الثقة التي تجمع بين مختلف الفرقاء والمتدخلين، التي ساهمت إلى حد كبير في تعزيز كل هذه المكتسبات الاجتماعية”.

مرحلة دقيقة

المستشار البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة لحسن الحسناوي قال إن الحكومة “بلغت هذه المحطة المتقدمة بأمان، بعد العبور على جسر مليء بالأشواك، وبالقلاقل، وبالاختلافات والحسابات السياسية المختلفة”، معتبرا أنها “تمكنت من جمع التوافق الضروري والأساسي حول هذا المشروع الهام”، وأضاف: “هذا القانون جاء بتوجيهات ملكية، ليفعل مخرجات والتزامات الحوار الاجتماعي، بما يضمن حقوق الطبقة الشغيلة من جهة، ومصالح أرباب العمل من جهة ثانية، ومصلحة الوطن من جهة ثالثة”.

وأشار الحسناوي في مداخلته إلى أن “المشروع الذي بين أيدينا ليس كسائر القوانين، بل هو قانون يشكل لحظة سياسية وتاريخية متميزة بالنسبة لكل المغاربة ولبلادنا، لكونه يثمن المكتسبات وحقوق الطبقة العاملة ويقطع مع الشروط التعجيزية التي تهدف إلى تكبيل وتقييد حق الإضراب، ويحمي الاقتصاد والمصالح العليا للبلاد”، مبرزا أن النص “جاء بعد أكثر من ستين سنة من التردد، ومن فراغ تشريعي في هذا المجال، وغياب تام لأي قانون ينظم العلاقة بين المشغل والعامل أثناء الإضراب”.

وسجل القيادي في حزب “البام” أن الحكومة “لم تكتف بإخراجه من رفوف البرلمان فقط، بل جسدت المقاربة التشاركية التي ينص عليها دستور 2011؛ كما أشركت في إعداده مختلف الأطراف المعنية، من نقابات والاتحاد العام لمقاولات المغرب وأحزاب سياسية ومجتمع مدني، بالإضافة إلى قبول تعديلات كثيرة عليه حتى يحظى بالتوافق المطلوب ويكون في مستوى هذا القانون الاستثنائي، باعتباره آخر القوانين التنظيمية المنصوص عليها في دستور 2011 التي لم تخرج للوجود حتى اليوم”.

وأفاد المتحدث ذاته بأن “المصادقة على هذا المشروع اليوم تعد لحظة مفصلية في تاريخ بلادنا اجتماعيا واقتصاديا، وخطوة إيجابية نحو تعزيز المسار الديمقراطي الذي تسير عليه بخطى حثيثة، وتعد قفزة نوعية اتجاه ملاءمة تشريعاتنا الوطنية مع الاتفاقيات والالتزامات الدولية، وتعزيز مكانتنا ضمن المنظمات المهنية والعمالية”، وأردف: “نبتهج بمرور المشروع من جميع مراحل الحوار والتشاور المكثف، حتى وجد الجميع أنفسهم فيه بشكل أو بآخر، فالظرفية التاريخية المواتية، والمسؤولية والوطنية العالية التي تحلت بها جميع الأطراف، هيأت الظروف العامة ومكنت اليوم من إخراج هذا النص الدقيق بعد عقود من التأخر والتردد”.

كما أشاد الفاعل السياسي ذاته بـ”روح التوافق والغيرة الوطنية التي ظلت تميز الشركاء الاجتماعيين، لاسيما خلال المحطات الدقيقة من تاريخ بلادنا، حيث يكونون في المستوى الوطني المطلوب”، مسجلاً أن “أي مشروع قانون صالح لمكانه وزمانه وقابل للتغيير والتحول مع التطورات التي تعرفها المجالات التي ينظمها، لاسيما إذا كانت مجالا متشعبا ودقيقا ويعرف كثرة المتدخلين، وبالتالي فالوصول إلى توافق كامل ومرض لجميع الأطراف حول هذا الموضوع صعب جدا، لكن ما تحقق اليوم مكن من تغيير وجه المشروع وعمقه”.

نسخة مغايرة

هناء بن خير، المستشارة عن الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الذراع النقابية لحزب الاستقلال، قالت إن “الموضوعية تفرض التأكيد على أن المشروع الذي يُناقش اليوم لا يشبه بأي شكل من الأشكال الصيغة التي أودعت سنة 2016″، معتبرةً أننا “أمام مشروع يضمن حق الإضراب، وكلنا ثقة في أن المحكمة الدستورية سوف تحرص على أن هذا القانون ينظم حق ممارسة الإضراب ولا يكبل هذا الحق الدستوري، وهي التي خولها الدستور وحدها فحص دستورية القوانين التنظيمية”.

وأشارت بن خير في مداخلتها إلى أن “الفريق قدم 30 تعديلا جوهريا حول هذا المشروع، قبلت الحكومة عدة تعديلات منها”، مبرزة أنه “رغم رفضها البعض الآخر تشبثنا بإحالتها على الجلسة العامة لقناعتنا بأهمية أن يتضمنها هذا المشروع”، وتابعت: “لن نمل في الاتحاد العام للشغالين بالمغرب من دعوة الحكومة إلى العمل على احترام الحريات النقابية التي تتعرض للدوس يوميا وللمحاربة في العديد من مؤسسات القطاع العام كما القطاع الخاص، كما نجدد الدعوة إلى إلغاء الفصل المشؤوم سيئ الذكر، الفصل 288، من مجموعة القانون الجنائي”.

وأوردت الفاعلة النقابية ذاتها أن “اليوم الدراسي الذي نظمته لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية ساهم بشكل كبير في الانفتاح والاستماع إلى كفاءات وخبرات ذات خلفيات وحساسات حقوقية ونقابية وحزبية وطنية”، مؤكدةً أن “لحظة مناقشة الحق في الإضراب بمجلس المستشارين شكلت فرصة استحضار تاريخ بلادنا العريق، الذي تميز على الخصوص بالأدوار الطلائعية التي لعبها الإضراب باعتباره أحد تجليات ممارسة الحقوق والحريات الأساسية في النضال ضد المستعمر وفضح ادعاءاته ومزاعمه”.

وتابعت المتحدثة شارحة: “الإضراب بعد الاستقلال شكل دليلا قويا على قوة المجتمع وقواه الحية، التي ربطت على الدوام بين المطالب الاجتماعية المشروعة للشغيلة المغربية وبين مطلب الديمقراطية، التي نذر الشعب المغربي نفسه للدفاع عنها والكفاح في سبيلها”، مواصلة: “لئن أمكن للبعض أن يزايد فعليه أن يقوم بذلك بعيدا عن الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، هذه القلعة النقابية النضالية العتيدة، فهي تعتز بأنها سليلة الحركة الوطنية ولادة ونشأة وفكرا وعقيدة، إلا أنها لم تفرط يوما في استقلالها التنظيمي وقرارها المستقل”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق