استضافت قاعة "فكر وإبداع"، أمس، في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56 جلسة تحليلية لرواية "نصفها الغائب" للكاتبة جمال حسان، بحضورها ومشاركة الكاتبة فاطمة الصعيدي، والدكتور محمد إبراهيم طه، وأدار الندوة الشاعر شعبان يوسف، وتناولت الجلسة أبعاد الرواية وخصائصها، وتسليطها الضوء على قضايا تمس الأسرة والمجتمع.
في بداية الندوة، قدّم الشاعر والناقد شعبان يوسف، الكاتبة جمال حسان، متحدثًا عن نزعتها النسوية والاجتماعية في الكتابة، وكيف تميزت أعمالها بتناول موضوعات إنسانية وأسَرية معقدة، مستندةً إلى خلفيتها الطبية النفسية. كما أشار إلى أن شخصياتها تتحرك في أجواء نفسية متقلبة، مما يضفي عمقًا على أعمالها، مثل مجموعتها القصصية "ظمأ العيون".
استعرض يوسف أيضًا تجربة الكاتبة في الكتابة الوثائقية، حيث خاضت مغامرة توثيق حرب الاستنزاف، نظرًا لكون شقيقها أحد أبطالها، فلم تعتمد فقط على الروايات الشفهية، بل بحثت في المصادر التاريخية، مما أثمر عن إصدارها ثلاثة كتب حول الحرب، لاقت ترحيبًا واسعًا من دور النشر الحكومية والخاصة.
من جانبها، علّقت الدكتورة فاطمة الصعيدي بأن تناول أي عمل روائي يجب أن يبدأ بتساؤل حول صانع هذا العمل والظروف التي أحاطت بإنتاجه. وأشارت إلى أن عنوان الرواية "نصفها الغائب" يحمل دلالة فلسفية عميقة، حيث يعكس الغياب غير المادي؛ فكل إنسان لديه جزء مخفي عن الآخرين، يمثل جانبًا مضيئًا له، لكنه قد يكون نقطة معتمة للآخرين.
وأشادت الصعيدي بالحس الإنساني العميق للكاتبة، مشيرةً إلى أن "الأديب الحقيقي هو من يستطيع أن يتواصل مع القارئ عبر الزمن والمكان، وليس من يكتب أدبًا استهلاكيًا زائلًا". كما تناولت كيفية توظيف الكاتبة لخلفيتها النفسية في تقديم شخصيات متعددة الأصوات، مع سيطرة صوت البطلة "فرح"، بأسلوب سردي يجذب القارئ ويجعله يتفاعل مع الشخصيات بواقعية.
وأوضحت أن الكاتبة استثمرت معارفها النفسية بذكاء، مما جعل شخصياتها أكثر عمقًا وتعبيرًا عن هواجسها وآمالها. كما سلطت الضوء على شخصية "يوسف" الفلسطيني، التي حملت بعدًا سياسيًا، إذ استخدمته الكاتبة لاستحضار القضية الفلسطينية، والتأكيد على أن "الحرية ليست فقط للأفراد، بل للأوطان أيضًا".
في مداخلته، تحدث الدكتور محمد إبراهيم طه عن تجربة الكاتبة الأدبية، مشيرًا إلى استمرارها في الكتابة منذ صدور أول أعمالها عام 1996، ما بين القصة القصيرة والرواية والكتابة الوثائقية. وذكر أنه قرأ لها أعمالًا مثل "الطريق إلى بودابست" و"ظمأ العيون"، مشيدًا بقدرتها على الكتابة الواقعية التي تهتم بشؤون الأسرة دون أن تتورط في السرد الذاتي، بل تضع القارئ أمام مشاهد حية تلامس واقعه.
وأشار طه إلى أن الرواية تسلط الضوء على الفروقات بين الحياة في الشرق والغرب، من خلال قصتي "فرح" المصرية و"أنيتا" الأيسلندية التي تعيش في إنجلترا. كما لفت إلى أن بعض مقاطع الرواية تحمل طابع الاستشارة الأسرية، حيث تبدو الكاتبة وكأنها تقدم رؤية نفسية واجتماعية بوعي كبير، مستخدمة لغة "محايدة ودبلوماسية"، وصفها بـ "المُعقّمة".
واختُتمت الجلسة بنقاش حول الأثر الإنساني لأعمال جمال حسان، حيث أكد الدكتور محمد إبراهيم طه أن الكاتبة تُعلي من قيمة الاستقرار الأسري، محذّرة من التفكك الأسري بأسلوب توعوي راقٍ. واتفق الحضور على أن "نصفها الغائب" رواية بسيطة في لغتها، لكنها عميقة في محتواها، تخاطب قطاعًا واسعًا من القرّاء، وتجسّد تجربة كاتبة شديدة الاجتهاد والمثابرة.
إخلاء مسؤولية إن موقع جريدة الجوف يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
0 تعليق