تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية مجددًا بعد تصريحات وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، التي وصف فيها كوريا الشمالية بأنها “دولة مارقة”، حسب صحيفة نيويورك تايمز.
وأثارت هذه التصريحات غضب بيونج يانج التي اعتبرتها “استفزازًا سياسيًا خطيرًا”، وأكدت أنها لن تتسامح مع أي محاولة أمريكية للنيل من سيادتها، هذا التصعيد يُعدّ الأول من نوعه بين إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجديدة وكوريا الشمالية، ما ينذر بمرحلة جديدة من التوتر في العلاقات بين البلدين.
كوريا الشمالية ترد بقوة على تصريحات روبيو
في بيان رسمي نقلته وكالة الأنباء المركزية الكورية، الاثنين 3 فبراير 2025، أعربت وزارة الخارجية الكورية الشمالية عن رفضها القاطع لتصريحات وزير الخارجية الأمريكي، مؤكدة أنها “لن تتسامح أبدًا مع أي استفزاز من الولايات المتحدة”، ومشددة على أنها ستتخذ “إجراءات مضادة قوية” للرد على أي تهديدات أمريكية.
ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الكورية تصريحات روبيو بأنها “هراء”، معتبرًا أن وصف جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية بـ”الدولة المارقة” ليس سوى محاولة أمريكية “لتشويه صورة دولة ذات سيادة بشكل متهور”، مضيفًا أن هذا التصريح يعكس “استفزازًا سياسيًا خطيرًا”، ويؤكد “النهج العدائي الذي تتبعه واشنطن ضد بيونج يانج”.
التصعيد بين واشنطن وبيونج يانج
أدلى ماركو روبيو بهذه التصريحات خلال مقابلة إعلامية حديثة، حيث أشار إلى أن كوريا الشمالية وإيران تمثلان “دولتين مارقتين يجب التعامل معهما بحزم عند اتخاذ قرارات بشأن العلاقات الدولية”، وأثار التصريح غضب بيونج يانج التي تعاني من عزلة دبلوماسية واقتصادية خانقة بسبب العقوبات الدولية المفروضة عليها على خلفية برنامجها النووي.
ويُذكر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي سبق أن التقى بالزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون في ثلاث قمم تاريخية خلال ولايته الأولى، وأعرب عن استعداده للتواصل مجددًا مع كيم، واصفًا إياه بـ”الرجل الذكي”، رغم ذلك، فإن تصريحات روبيو الأخيرة تُعدّ مؤشرًا على أن العلاقات بين البلدين قد تتجه نحو مزيد من التصعيد، خصوصًا بعد إعلان كيم الأسبوع الماضي عن عزمه مواصلة تطوير البرنامج النووي لبلاده “إلى أجل غير مسمى”.
كوريا الشمالية تواصل تعزيز قدراتها النووية
رغم العقوبات الدولية المشددة، أعلنت كوريا الشمالية في عام 2022 أنها أصبحت “قوة نووية لا رجعة فيها”، مما يعني أنها لن تتخلى عن ترسانتها النووية تحت أي ظرف، وتبرر بيونج يانج إصرارها على تطوير أسلحتها النووية بأنه إجراء دفاعي لحماية البلاد من التهديدات الأمريكية وحلفائها، بما في ذلك كوريا الجنوبية.
ولا يزال التوتر بين الكوريتين مستمرًا منذ انتهاء الحرب الكورية عام 1953 بهدنة وليس بمعاهدة سلام، مما يعني أنهما لا تزالان في حالة حرب رسمية، ومع تدهور العلاقات بينهما إلى أدنى مستوياتها خلال السنوات الأخيرة، زادت بيونج يانج من وتيرة تطوير أسلحتها الاستراتيجية، مما دفع الولايات المتحدة وحلفاءها إلى فرض المزيد من العقوبات عليها.
فشل المفاوضات النووية بين ترامب وكيم
شهدت العلاقات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية محاولات سابقة للحوار، كان أبرزها القمم الثلاث التي جمعت ترامب وكيم خلال الفترة بين 2018 و2019، ورغم الأجواء الإيجابية التي سادت هذه القمم، فإنها لم تؤدِ إلى تقدم ملموس في ملف نزع السلاح النووي الكوري الشمالي.
وبلغت المفاوضات بين الطرفين ذروتها خلال القمة الثانية بين ترامب وكيم التي عُقدت في هانوي، فيتنام عام 2019، إلا أنها انتهت بالفشل بسبب اختلاف الرؤى بشأن العقوبات، حيث طالبت بيونج يانج برفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، بينما أصرت واشنطن على ضرورة اتخاذ خطوات ملموسة نحو نزع السلاح النووي أولًا، ومنذ ذلك الحين تخلّت كوريا الشمالية عن الدبلوماسية وكثّفت جهودها في تطوير الأسلحة الاستراتيجية، كما رفضت العروض الأمريكية لاستئناف المحادثات.
مستقبل العلاقات بين واشنطن وبيونج يانج
مع وصول إدارة ترامب الجديدة إلى البيت الأبيض، تترقب الأوساط السياسية الدولية ما إذا كان هناك تغيير في نهج واشنطن تجاه بيونج يانج، وفي الوقت الذي يلمح فيه ترامب إلى إمكانية التواصل مع كيم مجددًا، فإن تصريحات وزير خارجيته ماركو روبيو قد تعيد التوتر إلى الواجهة، خاصة مع رفض كوريا الشمالية لأي محاولة للمساس بسيادتها.
ويظل السؤال المطروح الآن: هل سنشهد تصعيدًا أكبر بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية في الفترة المقبلة، أم أن الدبلوماسية ستعود لتلعب دورها في تهدئة الأوضاع؟ وفي ظل استمرار كوريا الشمالية في تطوير قدراتها النووية، وغياب مؤشرات واضحة على تخفيف العقوبات، يبدو أن الأزمة مرشحة لمزيد من التعقيد خلال المرحلة القادمة.
إخلاء مسؤولية إن موقع جريدة الجوف يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
0 تعليق