وجدت بعض النقابات بالمغرب نفسها، خلال هذا الأسبوع، خارج الإطار الذي رسمته نظيراتها التي قررت خوض إضراب وطني عام، مما وضعها في مواجهة انتقادات عامة وجّهت إليها من قبل “القواعد”، منها الفيدرالية الديمقراطية للشغل “FDT” المحسوبة سياسيا على حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية؛ المصطف حاليا في المعارضة.
“الفيدرالية” اضطرت لتوضيح موقفها على لسان كاتبها العام يوسف آيدي بالقول إن “قرارا من هذا الحجم لا بد أن يأخذ منا وقتا للتفكير، إذ إن آخر إضراب عام ناجح بالمغرب كان في سنة 1990″، مضيفا أنه إذا “كان هذا الإضراب بمثابة رد على مشروع القانون التنظيمي للإضراب، فإنه كان من الواجب اتخاذه بالموازاة مع مناقشة هذا الأخير بمجلس النواب”.
وخاطب آيدي الفيدراليات والفيدراليين، ليل أمس الثلاثاء، باعتماد تقنية الفيديو، قائلا إن “السؤال: ما العمل؟ طُرح داخل أجهزة النقابة، مركزيا وجهويا، وكان اتخاذ قرار في هذا الصدد يحتاج إلى التفكير والوقت؛ فهذا قرارٌ كبير، غير أننا لا نشك في دواعي كل الحركات النقابية الداعية لهذه الخطوة، ولكن ربما نختلف في التقدير”، معتبرا أن “هذا القرار ليس من السهل فقط اتخاذه، بل حتى إنجاحه”.
وشدد الفاعل النقابي ذاته كثيرا على مسألة “استقلالية القرار”، موردا: “من حقنا أن نفهم وأن نحلل بشكل كاف، وهذا حق أي تنظيم يحترم نفسه، لأنه إذا كان البعض يقبل ذلك على الفيدرالية الديمقراطية للشغل، فإنه لا يمكنني أن أقبله. نحن نشتغل تنظيميا لتقوية تنظيماتنا المجالية والقطاعية، وهذا لا يعني أن نكون تابعين، إذ لدينا أجهزتنا وأدبياتنا التي تأسس عليها البديل الديمقراطي الحداثي”.
وزاد: “من حقنا كذلك أن نفهم ونناقش مع الجهاز التقريري للفيدرالية ونتحدث مع ممثلي القطاعات، ولكن أن نلتحق بقرار لم نكن طرفا فيه ولم نشرك في صياغته وحتى في السياق الذي من الممكن أن يكون تم البناء عليه، فهو قرار لا ينسجم مع وضعنا كنقابة مستقلة ذات أجهزة”.
وتابع آيدي قائلا: “لأول مرة على امتداد التجربة النقابية في المغرب، أرى اتخاذ قرار للإضراب العام 5 أيام قبل تنفيذه، ولا أشك في المعطيات التي بنت عليها المكونات النقابية الأخرى، وأعتبرُ أنه ما يتهدد اليوم قرار الإضراب، لا قدر الله، هو فشله، الذي سيكون إعداما رمزيا لكل الحركة النقابية، لأنه قرار ليس سهلْا، ولا يمكن اتخاذ قرار من حجمه بدون تدبّر”.
في السياق نفسه، بيّن الكاتب العام لـ”ف.د.ش” أنه “إذا كان قرار الإضراب العام مرتبطا بالأوضاع المعيشية وبمختلف الإشكالات الأخرى، فنحن مستعدون للتنسيق مع باقي مكونات الحركة النقابية بأفق واضح وبخطوات نضالية مسؤولة وبكل القواعد اللازمة، في وقت كان قرار الفيدرالية الديمقراطية للشغل سليما وواضحا وتبلور في عهد حكومة عبد الإله بنكيران، ويتعلق برفض أي خطوات تكبيلية لممارسة الحق في الإضراب، ولا نزال نتشبث برفض ذلك”، مؤكدا أن “إحالة هذا القانون التنظيمي للمناقشة جاءت كخطوة انتقامية من الأشكال الاحتجاجية التي عرفها عدد من القطاعات، بما فيها التعليم”.
وبعدما ذكّر “بما تم القيام به ميدانيا ومؤسساتيا بمجلس المستشارين، على الخصوص، عبْر الفريق الاشتراكي”، قال آيدي إن “النقابة ستمر إلى مجلسها الوطني، السبت المقبل، إذ تبقى يدنا ممدودة لإقامة تنسيق حقيقي إذا كان الأمر يتعلق بالنسبة للحركة النقابية بالأفق الاجتماعي والغلاء”.
تجدر الإشارة إلى أن معظم النقابات بالمغرب تخوض اليوم الأربعاء وغدا الخميس إضرابا عاما بمختلف القطاعات بالمغرب، وذلك، بحسبها، في “ظل التطورات الأخيرة المتعلقة بتمسك الحكومة بفرض قانونها التنظيمي رقم 15.97 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، خارج آليات الحوار الاجتماعي والمؤسساتي، مستهدفة تقييد وتجريم ممارسة حق الإضراب كحق إنساني دستوري، استجابة لتوجيهات البنك الدولي والشركات متعددة الجنسيات ولضغط الباطرونا المغربية”.
0 تعليق