"كراسي ندوة بايتاس" تثير جدلا.. الوزارة: لا تعكس الحضور الفعلي للصحافيين

0 تعليق ارسل طباعة

وسط تواصل ارتفاع الجدل المثار بشأن الصورة التي تُظهر مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، أمام كراسٍ فارغة، خلال ندوته الصحافية الأسبوعية، الخميس، خرجت الوزارة المنتدبة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان لتعبّر لهسبريس عن استغرابها من “نشر صورة مأخوذة من زاوية بعينها”، مؤكدة أنها لا تعكس حجم الحضور “الحقيقي” للصحافيين في الندوة، التي حصدت ما يفوق 30 ألف مشاهد بينهم إعلاميون يحبذون متابعتها من وراء الشاشات.

وفي إفادات خاصة للجريدة، قال مصدر مأذون من الوزارة إنه “من غير المفهوم المغزى من نشر صورة مأخوذة من زاوية بعينها أمام كاميرات المصورين الصحافيين، حيث غالبا ما تكون الكراسي الموجودة في هذه الزاوية فارغة بهدف عدم حجب الرؤية”، مضيفا أنه “يكفي العودة إلى البث المباشر للندوة (..) للتأكد من طرح عدد مهم من الصحافيين لأسئلتهم، علما أن الحضور (من هؤلاء) يتجاوز هذا العدد”.

ولفت المصدر نفسه إلى أن “عددا كبيرا من الصحافيين يتابعون الندوة عن بعد بفضل ما تتحيه إمكانية النقل المباشر لها”، مستحضرا أن هذه التقنية التواصلية تبنتها “هذه الحكومة لملاءمة التواصل حول إنجازاتها مع متطلبات الظرفية التواصلية الحالية والتصدي للأخبار الزائفة والمضللة، كما هو الحال الآن في هذه الواقعة”.

وكشفت المعطيات المقدمة حصريا لهسبريس، على لسان المصدر، أن “حوالي 32 ألف مشاهد – ضمنهم صحافيون ومواطنون- تابعوا الندوة الصحافية لهذا الأسبوع على فايسبوك ويوتيوب”، مشددا على “إيلاء الحكومة أهمية بالغة للتواصل الحكومي، تكريسا للحقوق الدستورية واعتبارا للأهمية القصوى التي يكتسيها التواصل في تعزيز البناء الديمقراطي ببلادنا ومواكبة الإصلاحات السياسية والمؤسساتية تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله”.

وشدد المصدر ذاته على أن الندوة الصحافية الأسبوعية “موعد دأب الوزير الانفتاح فيه على أسئلة مختلف المنابر الإعلامية الوطنية والدولية التي اعتادت حضور أشغال هذه الندوة”، مبرزا أنه “يتفاعل إيجابا مع هذه الأسئلة المرتبطة بالقضايا والأوراش الإصلاحية والتنموية التي التزمت بها الحكومة والتي تستأثر باهتمام الرأي العام في حينه أو يلتزم بتوفير المعطيات حولها في موعد لاحق”.

وتابع المصدر نفسه أن “الأمر الأخير راجع إلى أن غالبية هذه الأسئلة لا تندرج ضمن جدول أعمال مجلس الحكومة الأسبوعي”.

حقوق وواجبات

عبد الحميد بنخطاب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أوضح أن “للناطق الرسمي باسم الحكومة في جميع بلدان العالم الحق في الاكتفاء بالإجابة عن الأسئلة التي يراها في الصميم، والامتناع عن ذلك بالنسبة لتلك التي يعتبرها جد دقيقة أو تتصل بمواضيع لم تُقرر الحكومة التواصل بشأنها بعد”، مُبرزا أنه “في المقابل للصحافيين، ومن خلالهم المواطنون، الحق في الحصول على كافة المعلومات التي لا يضر إفشاؤها بالمصالح العليا للدولة”.

واستدرك بنخطاب، في تصريحه لهسبريس، أن “الامتناع عن التواصل الكافي أو الإجابة عن أسئلة الصحافيين وعبرهم المواطنون دائم، في مسائل وقضايا حيوية ومستعجلة بالنسبة للأخيرين، كتلك التي تتعلق بالأسعار أو تموين الأسواق، أو تعديلات مدونة الأسرة، غير مبرر بتاتا ويطرح التساؤل حول ما إذا كان تقليل التواصل توجها عاما لدى الحكومة”، بتعبيره.

وشدد المتحدث على أن “الحكومة ما زالت تعاني عجزا شديدا في التواصل مع رجال الإعلام والمواطنين، تُقدم الندوة الأسبوعية في بعض الأحيان مؤشرات عليه، بالرغم ما بذلته من مجهودات مهمة في هذا الإطار، وقد يكون راجعا إلى انتماء بعض الوزراء إلى خانة التكنوقراط”، مفيدا بكون “أوراش مهمة لم تتواصل فيها المؤسسة التنظيمية بالشكل المطلوب، لعل آخرها ورش مراجعة مدونة الأسرة”.

وأكد المحلل السياسي أنه” في نهاية المطاف لا يوجد أي مبرر لعدم الإجابة عن أسئلة تهم المعيش اليومي للمواطنين أو قضايا ملحة تشغل بالهم، والتي تكاد الندوة الصحافية الأسبوعية لمصطفى بايتاس تعد منفذهم لطرحها على الحكومة”.

“ضعف بلا مبررات”

من جانبه، أرجع محمد العوني، رئيس منظمة حريات الإعلام والتعبير (حاتم)، “ضعف حضور الصحافيين لندوة بايتاس إلى افتقار الحكومة لتصور واضح للإعلام والتواصل الحكومي، ملائم لطبيعة الفترة الحالية المتسمة بازدحام القضايا الملحة من قبيل الغلاء وورش مدونة الأسرة”، غير مستبعد أن “يكون الأمر ناشئا، كذلك، عن اعتبار الحكومة نفسها غير معنية بالإجابة عن التساؤلات العميقة بشأن القضايا المطروحة؛ نظرا لتوفرها على أغلبية مريحة تتيح لها تمرير ما شاءت من قرارات وقوانين”.

وشرح العوني، في تصريح لهسبريس، أنه “من هذا المنطلق يكون غرض الندوة الصحافية تبرير الناطق الرسمي لهذه القرارات التي تثير معارضة فئات شعبية واسعة، فقط، لا الإجابة عن الأسئلة الحرجة لهذه الأخيرة بشأنها”، مُعتبرا أن “هذه الندوة باتت تُغرق في الروتينية، حيث لا يجيب مصطفى بايتاس في كثير من الأحيان عن الأسئلة التي يطرحها الصحافيون؛ ما جعل الكثير من هؤلاء يلمسون عدم جدوى هذه الندوة في نهاية المطاف”.

وتابع المتحدث ذاته: “حتى الإجابات التي يقدمها بايتاس أحيانا تتم بلغة خشبية ولا تتضمن أي جديد، في وقت يكمن هدف الصحافي في نهاية المطاف حضور الندوة لحصول على مستجدات”، مبرزا أن “إعادة تلاوة البلاغات السابقة للقطاعات الحكومية أو خطابات سابقة لرئيس الحكومة أو مواقف قديمة أمر لا يمكن أن يقبل به أي صحافي في العالم”.

وبشأن دفع الحكومة “بكون الوعد بالإجابة عن الأسئلة في ندوة مقبلة راجع إلى عدم التداول بشأنها في المجلس الحكومي”، رأى العوني أنه “يمكن قبول هذا المبرر في حالات قليلة جدا تتعلق بعدم معرفة الناطق الرسمي باسم الحكومة بتفاصيل الموضوع المطروح بشأنه السؤال”.

واستدرك بأنه “من المفروض أن الحكومة لها مواقف في جميع القضايا حتى تلك التي لم تتدارسها في المجلس، وأن الناطق الرسمي يجب أن يكون محاطا من قبل زملائه بحد مقبول من المعطيات الخاصة بالقطاعات الحكومية التي يرأسونها”.

أخبار ذات صلة

0 تعليق