أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موجة واسعة من الاستنكار بعد تصريحاته التي دعا فيها إلى “إفراغ قطاع غزة من سكانه”، وتحويله إلى مشروع استثماري تمتلكه الولايات المتحدة، دون استبعاد احتمال إرسال قوات أمريكية لتنفيذ الخطة.

رفض طرح ترامب لم يقتصر على الدول العربية فقط، بل امتد داخل الأوساط السياسية الأمريكية، وكانت التصريحات، التي جاءت بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بمثابة مفاجأة حتى لبعض أنصار ترامب، خاصة أنه بنى جزءًا كبيرًا من شعبيته على معارضة التدخلات العسكرية الأمريكية في الخارج، ورفض سياسة “بناء الدول”، وهو موقف تمسك به منذ حملته الأولى في 2016.

رفض عربي حاسم

قال ترامب في تصريحاته الأربعاء 5 فبراير 2025: “الولايات المتحدة ستسيطر على قطاع غزة، وسنقوم بعمل رائع هناك، سنمتلكه، ونتولى إزالة القنابل غير المنفجرة والأسلحة، ونسوي المنطقة لإقامة مشاريع اقتصادية توفر وظائف وسكنًا لعدد غير محدود من الناس”، وفق ما نقلت “ريسبنسبول ستيت كرافت”.

كما ادعى أن قادة الشرق الأوسط “يرون أن هذه فكرة رائعة”، مشيرًا إلى أن المنطقة لن تكون مُخصصة “لمجموعة معينة”، بل ستكون مفتوحة “لأشخاص من جميع أنحاء الشرق الأوسط”. وكانت دول عربية أبدت رفضًا قاطعًا للخطة، بما في ذلك مصر والأردن والإمارات والسعودية.

موقف الساسة الأمريكيين

ردود الفعل الأمريكية أيضًا جاءت سريعة وحادة، حتى من داخل الحزب الجمهوري نفسه، واكتفى النائب الجمهوري وارين ديفيدسون (أوهايو) بسؤال ساخر يعكس استغرابه: “أمريكا أولًا؟”.

" frameborder="0">

أما السيناتور الجمهوري راند بول فكتب على منصة “إكس”: “السعي للسلام هو مسؤولية الإسرائيليين والفلسطينيين، ظننت أننا صوتنا لصالح أمريكا أولًا، وليس لصالح احتلال جديد يستهلك مواردنا ويزهق أرواح جنودنا”.

الرفض لم يقتصر على الجناح المحافظ، إذ سارع الديمقراطيون إلى انتقاد التصريحات بشدة؛ وقال السيناتور كريس ميرفي (كونيتيكت): “لقد فقد عقله تمامًا، غزو أمريكي لغزة سيؤدي إلى مذبحة لآلاف الجنود الأمريكيين وعقود من الحرب في الشرق الأوسط”.

رفض واسع النطاق

حتى الأصوات المؤيدة لترامب داخل الحزب الجمهوري لم تستطع إخفاء ارتباكها، وقال السيناتور جوش هاولي (ميزوري): “لست متأكدًا أن إنفاق أموال طائلة في غزة هو الاستخدام الأفضل لموارد الولايات المتحدة، أعتقد أنني أفضل إنفاقها داخل أمريكا أولًا، لكن لنرَ ما سيحدث”.

أما السيناتور ليندسي جراهام، المعروف بتأييده للتدخلات العسكرية، جاء رد فعله متحفظًا على غير العادة، إذ قال: “أعتقد أن هذا اقتراح مثير للاهتمام، وسنرى ما سيقوله أصدقاؤنا العرب حوله، لا أعتقد أن معظم سكان ساوث كارولينا سيكونون متحمسين لإرسال الأمريكيين للسيطرة على غزة”.

موقف غير أخلاقي

في حين أن بعض الشخصيات، مثل السيناتور جون فيترمان (بنسلفانيا)، لم تمانع فكرة إرسال قوات أمريكية إلى غزة، إلا أن الغالبية العظمى من الأصوات السياسية الأمريكية، من اليمين واليسار، اتفقت على رفض هذا الطرح باعتباره “غير أخلاقي ويضر بالمصالح الأمريكية”، كما وصفه آدم وينشتاين، الباحث في معهد كوينسي.

ورغم الانتقادات العنيفة، تمسك ترامب بموقفه، مدعيًا أن “كل من تحدثت إليهم يحبون فكرة أن تمتلك الولايات المتحدة هذه الأرض وتطورها”، غير أن التجربة التاريخية للتدخلات الأمريكية في الشرق الأوسط تُظهر أن مثل هذه التصورات عادة ما تنتهي بنتائج كارثية، وهو ما يبدو أن ترامب لم يستوعبه بعد.