اليمين المتطرف في أوروبا.. أيديولوجيا تغذي العنف ضد المرأة

0 تعليق ارسل طباعة
3

بعد 6 أشهر من إقرار الاتحاد الأوروبي لأول توجيه له بشأن العنف القائم على النوع الاجتماعي، كشف مسح جديد أجرته وكالة الحقوق الأساسية ومعهد المساواة بين الجنسين الأوروبي ويوروستات، عن نقص مقلق في التقدم في معالجة هذه القضية.

ووفقًا للدراسة تعرضت امرأة من كل 3 نساء في أوروبا لشكل من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي، في حين سجلت أكثر من نصف الدول الأعضاء زيادة في الحوادث على مدى العقد الماضي.

إخفاقات مؤسسية

أوضحت مجلة “وورلد بوليتكس ريفيو”، في تقرير نشرته الأربعاء 5 فبراير 2025، أن مجلس أوروبا قاد جهود الاتحاد الأوروبي للحد من العنف ضد المرأة، والتي حاولت وضع معايير قانونية منسجمة من خلال اتفاقية اسطنبول، وهي معاهدة حقوق الإنسان لعام 2011 التي تهدف إلى مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي والعنف المنزلي.

وأضافت أن من المفترض أن يكون التوجيه الذي طال انتظاره للاتحاد الأوروبي بشأن مكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي لعام 2024 أكثر طموحًا في نطاقه من اتفاقية اسطنبول، بهدف توحيد ليس فقط التشريعات ولكن المبادرات العملية حول “حماية ودعم الضحايا والوقاية والتدخل المبكر”.

ولفتت إلى أن الاتحاد الأوروبي مسؤول عن الإخفاقات المؤسسية في التعامل مع العنف القائم على النوع الاجتماعي، ولكن مهمته أصبحت معقدة للغاية أيضًا في السنوات الأخيرة بسبب صعود اليمين المتطرف، حيث عارضت الحركة الشعبوية التشريعات التقدمية وأي مبادرات عملية لمعالجة القضية باستراتيجية مزدوجة متناقضة، وإن كانت فعالة.

مماطلة اليمين المتطرف

قالت المجلة، إن حزب فوكس اليميني المتطرف في إسبانيا حقق نجاحًا كبيرًا في تحدي الإجماع السياسي الذي دام عقودًا من الزمان حول الحاجة إلى معالجة معدلات العنف القائم على النوع الاجتماعي المرتفعة بشكل غير مقبول في البلاد، حيث تُعَد هذه القضية جزئيا إرثًا من دكتاتورية فرانسيسكو فرانكو، حيث “كان العنف الممارس على أجساد النساء يخدم غرضا تطهيريا”.

ويرفض حزب فوكس، السليل الأيديولوجي لنظام فرانكو، فرضية العنف القائم على النوع الاجتماعي، وقد سعى إلى إلغاء التشريعات التي تعترف به كفئة مميزة من الجرائم، واستخدم نفوذه السياسي بنجاح في أماكن مثل الأندلس لتخفيف تشريعات العنف المنزلي الإقليمية.

وأشارت إلى أن اليمين المتطرف في إيطاليا رفض مثل هذه التشريعات من خلال المماطلة في تنفيذ اتفاقية إسطنبول، مستشهدا بإمكانية “تحولها إلى حصان طروادة لفرض أجندة النوع الاجتماعي”، وفي النهاية، اضطرت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني إلى التحرك بسبب الاحتجاجات التي اندلعت بعد مقتل إحدى الفتيات على يد صديقها في 2023.

قومية نسوية

ذكرت المجلة أن الأحزاب اليمينية المتطرفة عندما لا تشارك في رفض العنف القائم على النوع الاجتماعي، فإنها تسيّس العنف الجنسي لدفع أجندة معادية للمهاجرين، وهو النهج الذي يعود إلى حادثة اعتداء جنسي جماعي في كولونيا في ليلة رأس السنة الجديدة في عام 2015 حيث كان العديد من الجناة من المهاجرين.

وقالت إن الاستراتيجية التي أطلقت عليها “سارة آر فاريس”، عالمة الاجتماع الإيطالية، اسم “القومية النسوية” تسمح للأحزاب اليمينية المتطرفة بتعريف الهجرة باعتبارها تهديدًا لسلامة المرأة بينما تقدم نفسها على أنها “أحزاب معتدلة تدافع عن الحقوق النسائية”، وهي استراتيجية تخدم هدفها في خلق انقسام زائف في أذهان الناخبين بين “أوروبا “المتحضرة” و”الإسلام العنصري” الكاره للنساء.

وأثمرت القومية النسوية، في السنوات الأخيرة، سياسيًّا لليمين المتطرف في عدد من الدول الأوروبية، على سبيل المثال، خرج حزب ميلوني “إخوان إيطاليا” من الانتخابات العامة في 2022 كأكبر حزب بعد حملة شديدة معادية للأجانب، حيث أثارت ميلوني الغضب بنشر مقطع فيديو لامرأة أوكرانية تتعرض للاعتداء الجنسي على يد طالب لجوء.

إعادة التفسير الذكوري

أوضحت المجلة أن هناك عقبة خطيرة أمام التقدم في مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي تتمثل في ميل اليمين المتطرف إلى إلقاء اللوم على الضحية وإدامته المنهجية للأساطير المحيطة بالاعتداء الجنسي، وخاصة فيما يتعلق بالاختلاط الجنسي وشكل الملابس.

وتتماشى هذه الاستراتيجيات بشكل وثيق مع ما تصفه “مارتا كابيزاس”، أستاذة الأنثروبولوجيا في جامعة مدريد، بـ”إعادة التفسير الذكوري لقانون العنف القائم على النوع الاجتماعي باعتباره تمييزيًّا ضد الرجال”، والهدف منه هو نزع الشرعية عن الضحايا من خلال المبالغة في انتشار الاتهامات الكاذبة والتلميح إلى أنه لا يمكن الوثوق بالنساء.

وأضافت أن التأثيرات الدقيقة للمكائد السياسية لليمين المتطرف حول قضية العنف القائم على النوع الاجتماعي تختلف من بلد إلى آخر، ولكنها سلبية دائمًا، من انخفاض التمويل للنساء المعرضات للخطر وإضعاف الحماية القانونية إلى نزع الشرعية عن الضحايا وتآكل الثقة في قدرة الدولة على حماية مواطناتها.

وقالت إن الاتحاد الأوروبي ما لم يتمكن من إيجاد إرادة سياسية موحدة لوضع تدابير أكثر فعالية لمكافحة هذه القضية، فإن وتيرة التقدم البطيئة للغاية، والتي شهدت انخفاض حوادث العنف القائم على النوع الاجتماعي بأقل من نقطة مئوية واحدة على مدى السنوات العشر الماضية، من المرجح أن تتكرر في العقد المقبل.

اقرأ أيضا

إخلاء مسؤولية إن موقع جريدة الجوف يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق