أستاذ علم نفس: نشر الفيديو بدلًا من التدخل لإنهاء المشاجرة يُبرز «ظاهرة المتفرج»
السبت 18 يناير 2025 | 11:44 مساءً
الفتاة المُعتَدى عليها - متداولة
شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في مصر خلال الساعات الماضية حالة من الجدل والغضب، بعد تداول مقطع فيديو يُظهر مشاجرة عنيفة بين مجموعة من الطالبات داخل إحدى المدارس الدولية بمنطقة التجمع الخامس بالقاهرة الجديدة.
الفيديو، الذي انتشر بشكل واسع، كشف عن تبادل الطالبات ألفاظًا نابية، وانتهى بإصابة إحدى الفتيات بكسور واضحة في الوجه وسحجات بالجسم، وسط تجاهل تام من الحاضرين الذين اكتفوا بتصوير الواقعة ونشرها على منصات التواصل الاجتماعي مثل تيك توك.
وأثار الفيديو حالة من الصدمة لدى الجمهور، خاصة أن المدرسة تُعد من المؤسسات ذات المصروفات العالية التي يُفترض أن طلابها ينتمون لطبقات اجتماعية راقية، لكن ما ظهر في الفيديو من عنف وألفاظ خارجة أثار تساؤلات حول تأثير البيئة المحيطة واستخدام مواقع التواصل على سلوكيات الطلاب.
ظاهرة المتفرج
في هذا السياق، قالت الدكتورة يسرا محمد، أستاذ علم النفس التربوي بجامعة أسيوط: «ما حدث في مدرسة التجمع الخامس من تصوير ونشر الفيديو بدلًا من التدخل لإنهاء المشاجرة يُعد سلوكًا مشينًا وغير أخلاقي، وكان الأولى بالطلاب الحاضرين محاولة فض النزاع أو مساعدة الطالبة التي تعرضت للاعتداء، لكن بدلاً من ذلك، اختاروا التوثيق والنشر على مواقع التواصل».
وأوضحت «يسرا» أن هذا السلوك يُبرز ظاهرة تُعرف باِسم «ظاهرة المتفرج»، حيث يكتفي الأشخاص بمشاهدة الأحداث دون التدخل، وهي ظاهرة أصبحت أكثر شيوعًا بين الشباب بسبب الهوس بمواقع التواصل الاجتماعي. وأضافت: «التأثير السلبي لهذه المنصات على الأجيال الجديدة بات واضحًا، حيث أصبحت الأولوية لديهم هي توثيق الأحداث بغرض الانتشار وتحقيق التفاعل، دون التفكير في العواقب الأخلاقية أو الإنسانية».
تفاصيل الواقعة وتفاعل الجهات المعنية
بحسب مصادر وزارة التربية والتعليم، فإن الواقعة حدثت منذ أكثر من أسبوعين، وتم إحالتها للتحقيق من قِبل إدارة القاهرة الجديدة التعليمية.
وأوضحت الوزارة أن المدرسة محل الواقعة ليست حكومية أو خاصة، بل تتبع إحدى الجهات الأجنبية، مشيرًا إلى أن توقيت نشر الفيديو الآن يهدف إلى إثارة البلبلة، خاصة مع بدء امتحانات الشهادة الإعدادية.
في الوقت نفسه، أفادت الأجهزة الأمنية بأنها بدأت التحقيق في الواقعة بعد انتشار الفيديو، حيث ظهر فيه مجموعة من الطالبات يعتدين على زميلتهن بالضرب في فناء المدرسة، مع ترديد ألفاظ خارجة.
الأبعاد النفسية والاجتماعية للظاهرة
تُحذر الدكتورة يسرا محمد، من التأثيرات النفسية والاجتماعية لهذه السلوكيات، وقالت: «انتشار مثل هذه الفيديوهات يؤدي إلى تطبيع العنف في المجتمع، حيث يصبح مألوفًا لدى الأجيال الجديدة. كما أن الضحية تعاني من صدمة مضاعفة نتيجة انتشار الفيديو على نطاق واسع، مما يعمّق من آثار الاعتداء عليها».
وأشارت، إلى أن الهوس بمواقع التواصل الاجتماعي يجعل الشباب أقل تعاطفًا مع الآخرين وأكثر تركيزًا على التفاعل الرقمي، مضيفة: «بدلًا من التدخل لمساعدة الآخرين، أصبح الهدف هو تسجيل الحدث ونشره لتحقيق المشاهدات، وهو ما يعكس تدهورًا في القيم الإنسانية».
تعزيز الوعي الأخلاقي
وقدّمت أستاذ علم النفس التربوي، مجموعةً من التوصيات لمعالجة هذه الظاهرة، منها تعزيز الوعي الأخلاقي من خلال برامج توعية في المدارس والجامعات لتشجيع الطلاب على التصرف بمسؤولية في المواقف الحرجة، والعمل على تنظيم استخدام مواقع التواصل الاجتماعي عبر نشر ثقافة الاستخدام الإيجابي لهذه المنصات، مع التحذير من مخاطر نشر المحتوى الضار، مؤكدة على ضرورة تعزيز القوانين الرادعة؛ لردع من ينشر محتوى يضر بالآخرين أو يساهم في تشجيع السلوكيات السلبية.
0 تعليق