لا يزال القلقاس هو الأكلة المُفضَّلة في عيد الغطاس المجيد، ورغم أنَّ الغالبيّة لا يعرفون السبب إلاَّ أنَّ العادة مستمرَّة، وهذا يؤكَّد أنَّ هناك أسبابًا مرتبطة بالعيد أدَّت إلى استمرار هذه العادة! والحق إنَّ القلقاس يُشير إلى المعموديّة من عِدَّة جوانب، لعلَّ أهمُّها هو الآتي:
ومن المعروف أنَّ القلقاس يحتوي على مادة هُلاميّة سامة تؤذي حنجرة الإنسان، وهذه المادة المُخاطيّة يمكن التخلُّص منها بالماء ولهذا يتم غسل القلقاس قبل طبخه بالماء كثيرًا، وهكذا الإنسان أيضًا يتخلَّص من سموم خطيَّة آدم الجديَّة عن طريق مياه المعموديّة، الَّتي فيها يخلع الإنسان العتيق ليلبس الجديد.
والقلقاس يُدفن لكي يصير نباتًا، ويصعد فيصبح طعامًا، والمعموديّة في المفهوم الإنجيليّ هى دفن مع المسيح وصعود معه ولهذا يقول بولس الرسول: " مدْفُونِينَ مَعَهُ فِي الْمَعْمُودِيَّةِ، الَّتِي فِيهَا أُقِمْتُمْ أيْضًا مَعَهُ بِإِيمَانِ عَمَلِ اللهِ الَّذِي اقَامَهُ منَ الأَمْوَاتِ " (كو2: 12).
وقد قيل عن السيِّد المسيح بعد عماده: " فَلَمَّا اعْتَمَدَ يَسُوعُ صَعِدَ لِلْوَقْتِ مِنَ الْمَاءِ وَإِذَا السَّمَوَاتُ قَدِ انْفَتَحَتْ لَـهُ فَرَأَى رُوحَ اللَّهِ نَازِلًا مِثْلَ حَمَامَةٍ وَآتِيًا عَلَيْهِ " (مت16:3).
ولو تأمَّلنا في طريقة زراعة القلقاس لوجدنا أنَّه يُغمر في الأرض، ولكن أفرعه الخضراء تُعلن عنه، والسيِّد المسيح عندما اعتمد من يوحنا المعمدان في نهر الأردن، حلَّ عليه الروح القُدُس في صورة حمامة، وَصَوْتٌ مِنَ السَّمَاء أعلن بنوته لله قَائِلًا: " هَـذَا هُوَ إبْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ " (مت3: 17).
ولكي يؤكل القلقاس يجب تعريَّته من قشرته الخارجيَّة قبل طبخه، وفي المعموديَّة تخلع الثياب وفي هذا إشارة إلى خلع الطبيعة القديمة الفاسدة، وما ورثناه من آدم الأول..
ليلبس ما أنعم به علينا آدم الثاني، أعني المسيح.. (كو2:11) (أف4:22) (رو13:12).
ولا ننسى أنَّ القلقاس يُخلط بالخُضرة الَّتي ترمز إلى الحياة كالسلق والكزبرة.. والخُضرة تُسحق في الهون كرمز لاحتمال التجارب الضيقات الَّتي تُصاحب المؤمنين، وتُحمَّر في النار كرمز للألم، وعندما تُضاف إلى القلقاس نرى اللون الأخضر هو السائد على هذه الأكلة، كرمز للحياة الجديدة مع المسيح بعد المعموديَّة، فمعروف أنَّ اللون الأخضر يرمز إلى الحياة بصفة عامة.
0 تعليق