حزب التقدم والاشتراكية يضع تحديات التشغيل تحت مجهر الخبرة الاقتصادية

0 تعليق ارسل طباعة

نظم “مركز الدراسات والأبحاث عزيز بلال” لقاء علميا تميز بمقاربة موضوع “البطالة بين الخطاب والواقع”، رابطا إياها بتقييم واقع سوق الشغل ودينامية النشاط الاقتصادي في المغرب؛ ضمن نشاط يأتي، وفق منظميه، من أجل “تعميق النقاش والتفكير وتبادل الآراء والأفكار”.

اللقاء، الذي انعقد مساء أمس الأربعاء بالمقر المركزي لحزب التقدم والاشتراكية في الرباط، عرف مساهمة رئيسية من لحسن العاملي، أستاذ جامعي زائر خبير اقتصادي، أبرز فيها أن الدولة ورغم إدراكها المبكر لضرورة جعل التشغيل في صلب الفعل العمومي، فإن السياسات العمومية، سواء القطاعية أو المركزية، قد فشلت في حل معضلة البطالة المستمرة، منبها إلى أن الأخيرة بلغت سنة 2024 مستويات قياسية باعتراف مؤسسات رسمية وطنية؛ أبرزها المندوبية السامية للتخطيط، مستدلا بأن الساكنة المغربية حسب نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى للسنة المنصرمة تقدر معدلها في “أزيد من 21 في المائة”.

وعرج العاملي، متحدثا خلال اللقاء ذاته، على تشخيص أجراه حول تحقيق “الاستراتيجية الوطنية للتشغيل 2015-2025” لأهدافها، مسجلا أنها باتت محكومة عليها بالفشل، في ظل “تزايد تأنيث البطالة في المغرب وتعميقها للتفاوتات بين الجنسين، وكذا التباينات المجالية، خصوصا بجهات الجنوب والشرق التي تعد الأدنى تجهيزا من حيث البنيات التحتية الموجهة للاستثمار المنتِج”، حسب تقديره.

منتقِلا إلى موضوع التشغيل وسوق العمل في علاقته بنسبة النشاط، أبرز الخبير الاقتصادي ذاته أن “معدل النشاط لا يزال ضعيفا أكثر في أوساط النساء المغربيات، بمختلف فئاتهن؛ لكن الملحوظ هو أن الأرقام تصير أكثر قسوة وخطورة عندما يتعلق الأمر بالقاطنات في مجالات قروية أو هشة”، معددا بعض الأسباب التي تُحفزها “عوائق ومحددات سوسيوثقافية مترسبة في ذهن المجتمع”.

كما فسر المتحدث، خلال اللقاء الذي عرف حضور باحثين وممثلين عن مؤسسات عمومية (مندوبية التخطيط) وكذا الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، “تراجع عدد فرص العمل النشيطة القطاع الأولي (الفلاحة والزراعة) بتوالي سنوات الجفاف في السنوات السبع الأخيرة”، مفسرا بأن “ديناميات التشغيل والبطالة مستْها أيضا جائحة أزمة كوفيد بتداعيات لازالت مستمرة”.

كما رصد العاملي، ضمن مداخلته المؤطرة للنقاش، “ضُعف إسهام القطاع الثانوي (الصناعة) في خلق مناصب العمل بنسبة لا تتجاوز 10 إلى 12 في المائة”، إضافة إلى “استمرار هشاشة ‘الشغل الناقص’ أو ‘غير المؤدى عنه’ في قطاعات السياحة والخدمات”، على الرغم من أنها أظهرت انتعاشا ملحوظا في إحداثها لمناصب العمل خلال السنوات الأخيرة.

ثلاثة تحديات

من جهته، أسهَمَ الخبير الاقتصادي محمد الشيكر، رئيس ‘مركز الدراسات والأبحاث عزيز بلال’، في دينامية النقاش الذي تابعته جريدة هسبريس، قائلا إن “معضلة البطالة في المغرب تتطلب إعادة النظر في أدوار القطاع الخاص ومهامه في المنظومة الاقتصادية وخريطتها”، مشددا في السياق على كونها تعزى إلى أن التشغيل ليس من اختصاصات المقاولة فقط، بل من واجب الدولة أن تضطلع بدورها الأساسي في هذا الإطار”.

وقال الشيكر إن موضوع التشغيل تكتنفه وتواجهه “ثلاثة تحديات أساسية”؛ أجمَلها أولا في “التحدي المناخي-الإيكولوجي”، متمثلا في حدة الجفاف الذي صار معطى “هيكليا”. أما التحدي الثاني فهو التحدي التكنولوجي بكل ما تفرضه الرقمنة وتسارع تقنيات الروبوت والذكاء الاصطناعي من رهانات على تكيف المقاولة والمشغلين والأجراء والموظفين، على حد سواء. ويتجسد التحدي الثالث الذي ساقه الخبير الاقتصادي عينه في “تحدٍّ ديموغرافي” متصاعد بحكم أن المغرب قد دخل وفق الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024 في منحى انتقال نحو الشيخوخة المتزايدة في هرمه السكاني، متوقفا عند “تراكم فشل السياسات التي اتخذتها الحكومات المتعاقبة بالمغرب في الحد من تفشي البطالة”، مبرزا أن “14 مليار درهم المرصودة حكوميا في إطار قانون مالية 2025 لا تكفي لتحقيق هذه الغاية”؛ بل إنها قد تشكل هدايا فقط للمقاولات لتحفيزها على دوْرٍ ليس لها حصرا”، بتعبيره.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق