الاثنين 20 يناير 2025 | 12:43 مساءً
الدكتورة إلهام يونس
تلقي التغيرات المناخية بظلالها على العالم، حيث تعد أخطر المشكلات التي تواجهها المجتمعات في العصر الحديث.
إن التقدم الصناعي الكبير وما صاحبه من تزايد استخدام وتوليد الطاقة ليس برىء من هذه الكوارث الطبيعية حيث ساهم فى تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري التي ترتب عليها زيادة معدلات إرتفاع درجة حرارة الأرض وجفاف مساحات كبيرة من الغابات الطبيعية. وتفاقم ظواهر الأعاصير والفيضانات والتصحر والجفاف؛ مما يشكل إختلال حاسم في الظروف المناخية المعتادة كدرجات الحرارة وأنماط الرياح وتساقط الأمطار وذوبان الجليد.
ومن أشد الأعاصير التى شهدتها الولايات المتحدة الامريكية ويعد أقوى موجات غضب الطبيعة إعصار كاليفورنيا النارى ذلك الإعصار الذى نجم عنه حرائق للغابات وامتدت لهوليود ودمرت مئات المنازل وتجتاح الاف الهكتارات؛ فالإعصار الناري هو عمود دوار من الهواء الساخن والغازات حاملة معها الدخان والحطام واللهب ويحوي دوامات كبيرة لها شدة تعادل الإعصار الصغير؛ تلك الرياح المدمرة والمهددة للحياة والمنتشرة بشكل موسع رياح" سانتا آنا" التي بدأت تعصف عبر الجبال بقوة كافية لتحمل الشرر المشتعل لمسافات طويلة وتسبب إندلاع حرائق جديدة فى أكبر مدينة أمريكية ذو بصمة إقتصادية وحضارية فى المجتمع الامريكى وهى مدينة لوس أنجلوس.
وبلغت معدلات الخراب التي حلت على الولايات المتحدة الأمريكية جراء هذا الإعصار النارى سواء في كاليفورنيا أو لوس أنجلوس بإجمالي خسائر تقدر بنحو 280مليار دولار أمريكي حسب تقارير إخبارية امريكية.
ويتابع العالم عن كثب هذه الكارثة المروعة عبر قنوات التلفزيون والمواقع الإخبارية وكذلك مواقع التواصل الاجتماعى التي تعد بارومتر الرأي العام العالمي؛ والتى رصدت ارتفاع معدل التفاعل على بعض الأخبار والمنشورات المتعلقة بهذا الإعصار فتنوعت المعالجة الإعلامية على مستوى المواقع الإخبارية والقنوات التليفزيونية الأمريكية عاكسة إختلاف ايدولوجى ومهنى وإنسانى فجاءت عناوين التقارير والقصص الاخبارية كاشفة لمخاوف المجتمع الامريكى جراء هذه الكارثة فركزت على رؤية الإدارة الامريكية المقبلة لإحتواء هذه الازمة " حرائق لوس أنجلوس بين التغيير المناخي وإدارة مقبلة لا تعترف به" –" إرتفاع حصيلة ضحايا الحرائق في لوس انجلوس والسلطات تسابق الزمن لإحتواء الأزمة" . " المعطيات الآخيرة من حرائق الغابات في لوس انجلوس الأمريكية "- " قوة الرياح تتضائل وإنتقادات بشأن عملية الإنقاذ"
فى حين إهتمت عناوين تقارير أمريكية أخرى على البعد الانسانى للكارثة " إتساع رقعة الحرائق في لوس انجلوس والسلطات تحذر الأمريكيين من السحب السامة " –" حرائق الغابات في لوس انجلوس الأمريكية تمثل لهوليود وأوامر بإجلاء السكان" – " مشاهير السينما والموسيقى يفقدون منازلهم في الحرائق التي تهدد عاصمة الترفيه الأمريكية" – " حرائق الغابات تلتهم الآف المنازل حتى مع هدوء الرياح" – " حرائق ضخمة تدمر عشرات المنازل وتجتاح آلاف الهكتارات قرب لوس انجلوس"
وانعكست عناوين هذه التقارير على منشورات مواقع التواصل الاجتماعى فى المجتمع الأمريكى حيث انتقد بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الأمريكيين مقارنة الممثلة الأمريكية جيمي لي للحرائق فى لوس أنجلوس بما يحدث في غزة رغم موقفها الداعم للكيان الإسرائيلى .
وفي المقابل جاءت عناوين التقارير والقصص الأخبارية العربية عاكسة حالة الشعوب العربية فسيطرت المقارنة بين ما يحدث فى أمريكا وما يحدث فى غزة على هذه العناوين .
–" (ممثلة أمريكية تثير الجدل) بتعليقتها على الحرائق من خلال مؤتمر صحفي لفيلمها الآخير بانهة اشبه بما يحدث فى غزة (المصري اليوم)"- " حرائق الغابات في لوس انجلوس: كيف يحمي الأثرياء ممتلكاتهم بينما يعاني الآخرون"-"إستمرار المشاهدة المرعبة لحرائق لوس انجلوس" – " أكبر نزوح في تاريخ أمريكا بسبب حرائق لوس انجلوس"- " سبحانك ربي ما أعدلك " –" أقوى موجات غضب الطبيعة "- " لوس انجلوس تشبه غزة "- " موت وتدمير وإجلاء" – " إجلاء الالاف في كاليفورنيا بسبب حرائق الغابات" – فى حين التزمت عدد من المواقع الإخبارية العربية بابراز حجم الخسائر والجانب الإنسانى فى عناوينها :-
"إعصار القنبلة" خسائر ضخمة في شمال غرب (سكاي نيوز عربية)" –" فرق الإطفاء في كاليفورنيا تحاصر الحرائق ومخاوف من توسعها. (الجزيرة نت)" - " حرائق الغابات تهدد أكثر من 19 مليون شخص في كاليفورنيا" – " تحذير جديد باللون الأحمر.. لوس انجلوس الأمريكية في حالة تأهب قصوى مع عودة الرياح الشديدة. (أخبار العالم)-" وكالة بلومبيرغ تشير إلى إحتمال غير متوقع تسبب في اشتعال حرائق كاليفورنيا نتيجة ماس كهربائي"
وبالنسبة لمواقع التواصل الإجتماعى للمصريين والعرب :- تم تداول فيديو تبين بعد ذلك أنه مفبرك (رواد منصة x). الفيديو المتداول حول أكبر عملية نزوح بأمريكا جراء الحرائق ؛ والذي تبين أنه قديم ومضلل فمن خلال البحث العكسي تبين أنه يعود إلى يوم 10 سبتمبر 2024 ولا يمت للأحداث الجارية بصلة بل هي صورة نشرتها وكالة رويترز توثق إستقبال البابا فرنسيس "بابا الفاتيكان" بدولة تيمور الشرقية جنوب شرق آسيا وهي دولة ذات أغلبية كاثوليكية.وقد رصدت منصة إكس إرتفاع معدل التفاعل على هذا الفيديو حيث بلغ حجم مشاهدته 2 مليون مشاهدة و أكثر من 32 ألف إعجاب و 7636 تعليق و 2357 مشاركة.
في حين حصد منشور" دعاء الفنانة حنان ترك للمتضررين من الحرائق" نسبة عالية من التفاعل أيضًا
إنها فوضى الاعلام لكن أى إعلام هذا هو السؤال: فما نراه فى تغطية وسائل الاعلام للاعصار ليس فوضى إعلامية بقدر ما هو فوضى سياسية.. فهذا الانفلات والشخصنة و الخروج الفج عن السياق المهني ليس لأن الأداء هو أداء اعلامى بقدر ما هو أداء سياسى وشخصى ، أو بمعنى آخر صراع سياسى...
0 تعليق