لمدة أكثر من 15 شهرًا، منذ 8 أكتوبر 2023 وعلى مدار 467 يومًا، وحتى إعلان وقف إطلاق النار أمس الأربعاء، أصبح العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أطول حرب تشنُّها إسرائيل منذ النكبة عام 1948، التي أسفرت عن قيام دولة الاحتلال.
وبينما امتدَّ الردُّ الإسرائيلي على عملية "طوفان الأقصى" على نطاق وشراسة غير مسبوقين، حسب تعبير صحيفة "ذا جارديان" البريطانية؛ تضمن العدوان جرائم ضد الإنسانية ارتكبها جيش الاحتلال بحق المدنيين في القطاع، وهو ما أدى لمذكرات اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت.
وكتب عمر بارتوف، وهو جندي سابق في جيش الاحتلال الإسرائيلي ومؤرخ للإبادة الجماعية، أنه "بحلول مايو 2024، لم يعد من الممكن إنكار تورط إسرائيل في جرائم حرب منهجية وجرائم ضد الإنسانية وأعمال إبادة جماعية"؛ بينما أكد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، في نوفمبر، أن البيانات المتعلقة بالوفيات المؤكدة تشير إلى "لا مبالاة واضحة تجاه قتل المدنيين".
وحتى حليف إسرائيل الأقوى، الولايات المتحدة، فرضت قيودًا على بعض شحنات الأسلحة بسبب هذه الجرائم. وفي سبتمبر، علقت المملكة المتحدة بعض تراخيص تصدير الأسلحة بسبب وحشية إسرائيل في الحرب.
شهداء وجرحى بالآلاف
استشهد أكثر من 46 ألف فلسطيني داخل غزة نتيجة للهجمات الإسرائيلية، وفقًا لإحصاء مسؤولي الصحة في القطاع، كان أغلبهم من المدنيين، ويمثل العدد الإجمالي نحو 2% من سكان غزة قبل الحرب، أو واحد من كل 50 من السكان وفق رصد "ذا جارديان"، التي تشير إلى أن الأرقام "لا تروي لنا القصة الكاملة للخسائر الفلسطينية. فالإحصاء الرسمي لقتلى الحرب لا يشمل سوى أولئك الذين قتلوا بالقنابل والرصاص، والذين تم انتشال جثثهم ودفنها".
وتم التعرف على أكثر من 40 ألف ضحية، بما في ذلك 13319 من الأطفال، أصغرهم لم يتجاوز عمره بضع ساعات. ومن بين الشهداء المسنين رجل يبلغ من العمر 101 عام.
كما أصيب 110 آلاف شخص آخرين، يعاني أكثر من ربعهم بتر الأطراف والحروق البالغة وإصابات في الرأس، ويعتقد أن نحو 10 آلاف آخرين لقوا حتفهم في الغارات الجوية لا تزال جثثهم تحت أنقاض المباني المنهارة.
ووجدت دراسة نشرتها مجلة "لانسيت" هذا الشهر، أن الحصيلة الرسمية للوفيات الناجمة عن الإصابات المؤلمة في الأشهر التسعة الأولى من الحرب "أقل من تقديرها"، إذ فشلت في تسجيل اثنين من كل خمسة ضحايا.
وبيَّنت الدراسة أن هذا يشير إلى أنه بحلول أكتوبر 2024 "ربما تجاوزت أرقام الوفيات الحقيقية 70 ألف شخص".
التهجير
أدَّت حملة القصف الجوي المكثف والهدم الشامل التي شنَّتها إسرائيل على غزة إلى تدمير مساحات واسعة من القطاع، وجعلت أحياءً بأكملها غير صالحة للسكن.
وتشير أحدث أرقام الأمم المتحدة إلى أن تسعة من كل عشرة منازل في القطاع دُمِرت أو تضررت، كما تعرضت المدارس والمستشفيات والمساجد والمقابر والمتاجر والمكاتب للقصف بشكل متكرر.
وجاء في "ذا جارديان": "كان الدمار شديدًا لدرجة أن بعض الخبراء يقولون إن التدمير واسع النطاق للمنازل والبنية التحتية للحياة اليومية يجب أن يتم الاعتراف به باعتباره قتلًا عمديًا، أي جريمة حرب جديدة".
أضاف: "وحتى عندما كانت المنازل لا تزال قائمة، اضطر العديد من السكان إلى المغادرة، كما تم وضع 80% من أراضي غزة تحت أوامر الإخلاء التي كانت لا تزال سارية في أواخر ديسمبر، ونزح نحو 1.9 مليون شخص، أي ما يعادل 90% من السكان، واضطر العديد منهم إلى الانتقال مرارًا وتكرارًا".
أيضًا، خلفت الحرب أكثر من 40 مليون طن من الحطام في المباني المنهارة التي قد تكون ملوثة بالمتفجرات، بما في ذلك الأفخاخ والقنابل غير المنفجرة، وربما يستغرق الأمر أكثر من عقد من الزمان لإزالتها، كما حذَّر أحد كبار مسؤولي إزالة الألغام التابعين للأمم المتحدة، الربيع الماضي.
الجوع
أدت القيود الإسرائيلية على المساعدات التي تدخل غزة، وتدمير الإنتاج الزراعي داخل القطاع، إلى انتشار الجوع وسوء التغذية على نطاق واسع.
وفي نوفمبر 2024، قالت الأمم المتحدة إن المساعدات والشحنات التجارية إلى غزة كانت عند أدنى مستوياتها منذ أكتوبر 2023، وقالت هيئة رقابية دولية إن المجاعة "وشيكة" على الأرجح في شمال القطاع.
وفي يناير، قالت الأمم المتحدة إن أكثر من 96% من الأطفال -دون سن الثانية- والنساء في غزة لا يحصلون على العناصر الغذائية المطلوبة، كما يواجه 345 ألف شخص نقصًا كارثيًا في الغذاء، ويواجه 876 ألف شخص مستويات طارئة من انعدام الأمن الغذائي.
ويؤدي سوء التغذية أثناء الحمل والطفولة إلى إعاقة النمو العقلي والجسدي، لذا فإن العديد من الأطفال الذين نجوا من الحرب سيعانون من تأثيرات نقص الغذاء مدى الحياة.
البيئة
تم تدمير ما لا يقل عن نصف الغطاء الشجري في غزة، وتلوثت التربة والمياه، وهناك أضرار جسيمة للأراضي الزراعية. ويقول علماء البيئة والأكاديميون إن هذا الدمار سيكون له آثار طويلة الأمد على النظم البيئية والتنوع البيولوجي والأمن الغذائي وصحة السكان.
وبحلول شهر مارس الماضي، تم تدمير ما يقرب من 40% من أراضي غزة التي كانت تستخدم في السابق لإنتاج الغذاء، وفقًا لتحقيق أجرته مؤسسة "فورنسيك أركيتكتشر".
كما أظهرت تحليلات الأقمار الصناعية التي كشفت عنها صحيفة "ذا جارديان" أن المزارع في القطاع دُمِرت، وأن ما يقرب من نصف أشجار المنطقة تم تجريفها.
وألحق جيش الاحتلال الإسرائيلي الضرر أو دمر ما لا يقل عن 31 من 54 خزانًا للمياه بحلول أواخر أغسطس، كما أدت البقايا السامة من الذخائر والحرائق إلى تلويث التربة وإمدادات المياه.
أيضًا، كانت أشكال أخرى من الضرر غير مباشرة، فعندما قطعت إسرائيل إمدادات الوقود والكهرباء والمواد الكيميائية خلال الأسبوع الأول من العدوان، اضطرت كل محطات معالجة مياه الصرف الصحي ومعظم محطات ضخ مياه الصرف الصحي إلى التوقف عن العمل، الأمر الذي أدى إلى طفح مياه الصرف الصحي في البحر والمياه الجوفية.
وفي ظل نقص المساعدات على نطاق واسع، لجأ سكان غزة الجائعون والباردون إلى حرق البلاستيك السام وقطع الأشجار لاستخدامها وقودًا وللطهي.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
0 تعليق