بينما تسارع دول الخليج والدول العربية الأخرى إلى بناء علاقات جيدة مع الإدارة الجديدة في سوريا، اختارت الإمارات العربية المتحدة تجنب التطبيع الكامل للعلاقات مع دمشق.
وهذه ليست استراتيجية عرضية ولا تفاعلية، بل هي حسابات متعمدة تهدف إلى حماية المصالح والأمن الإماراتي، إذ تدرك أبوظبي تمام الإدراك التعقيدات العديدة في سوريا والتي قد تهدد توازن القوى الذي تسعى إلى الحفاظ عليه.
استجابة مدروسة
حسب تقرير لمجلة “ذا كراديل”، نُشر أمس الأربعاء 15 يناير 2025، فإنه من خلال الموازنة بين المشاركة الحذرة والتردد الاستراتيجي في الالتزام، تهدف الإمارات العربية المتحدة إلى حماية نفسها من حالة عدم اليقين والفوضى المحتملة مع تكيف البلاد مع نظام سياسي جديد، ولكن ما الذي يغذي حذر أبوظبي بالضبط، ولماذا قد تتعارض التطورات في سوريا مع أهدافها طويلة الأجل؟
عندما أعلنت المعارضة السورية سيطرتها على الحكومة الشهر الماضي، تحركت دول الخليج العربي بسرعة للتعامل مع القيادة الجديدة، وأصدرت بيانات دعم واعتراف بخيارات الشعب السوري.
وجاء التحول في تناقض صارخ مع الذوبان البطيء في العلاقات التي كانت العديد من هذه الدول تزرعها مع الرئيس السابق بشار الأسد بعد سنوات من العزلة الإقليمية، ولكن بالنسبة لهذه البلدان، كان التكيف مع الانهيار المفاجئ للحكومة ضرورة، محاولتًا لتأمين النفوذ في سوريا ما بعد الأسد حيث اكتسبت تركيا وقطر فجأة ميزة.
وحدة سوريا ورفض الإرهاب
الإمارات باعتبارها أول عاصمة عربية تعيد العلاقات مع الأسد بعد الحرب السورية، تعاملت مع الانقلاب في ديسمبر بضبط النفس المحسوب، وفي أول بيان رسمي بعد سقوط دمشق، أكدت الإمارات “ضرورة حماية الدولة الوطنية السورية ومؤسساتها، ومنع أي انزلاق إلى الفوضى وعدم الاستقرار”.
وتردد صدى هذا القلق في اجتماعات الرياض الوزارية بشأن سوريا، حيث تحدث وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد عن أهمية الحفاظ على وحدة سوريا ورفض الإرهاب والسياسات الإقصائية.
زيارة أولى مشكوك فيها
أكد أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، الحذر الإماراتي، إذ حذر علناً من المخاطر التي تشكلها الفصائل التي تتولى الآن السلطة في سوريا، واستشهد بجماعات مثل هيئة تحرير الشام، وهي منظمة إرهابية صنفتها الأمم المتحدة، والقوة المعارضة المهيمنة في الحكومة الجديدة ذات الصلة بجماعة الإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة، باعتبارها خطرًا مستمرًا على استقرار سوريا.
ورغم تحفظاتها، لم تغلق أبوظبي الباب تمامًا أمام الحوار مع القيادة السورية الجديدة، فبعد وقت قصير من تعيين أسعد الشيباني وزيرًا للخارجية السورية، بدأ وزير الخارجية الإماراتي، عبدالله بن زايد، مناقشات لاستكشاف التعاون الثنائي، وتوجت المحادثات بزيارة الشيباني إلى الإمارات في وقت سابق، والتي كانت أول رحلة رسمية لوزير خارجية سوري في ظل الإدارة الجديدة وبعد أسبوع من رحلته الأولى كدبلوماسي إلى المملكة العربية السعودية.
وتجلى تشكك الإمارات في الإدارة السورية الجديدة في البداية من خلال سلسلة من التحركات التي أبرزت ترددها في التحالف الكامل مع دمشق، وكان أولها في شكل تعليق مفاجئ للرحلات الجوية بين البلدين، فبعد يوم واحد فقط من إعلان شركة أجنحة الشام للطيران عن استئناف الرحلات اليومية بين دمشق والشارقة، أصدرت أبوظبي أمرًا بوقف جميع الرحلات الجوية دون تقديم تفسير مفصل.
إخلاء مسؤولية إن موقع جريدة الجوف يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
0 تعليق