في مستهل ولايته الثانية، عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تصعيد الخطاب ضد الصين، ملوّحًا بفرض تعريفات جمركية تصل إلى 60% على الواردات الصينية ومحيطًا نفسه بمستشارين معادين لبكين.
ورغم ذلك، كانت الأيام الأولى من ولايته خالية من خطوات تصعيدية شاملة تجاه الصين، مع تعليق الحظر على تطبيق “تيك توك” وتوجيه التهديدات التجارية نحو كندا والمكسيك بدلاً من الصين، فكيف تتأهب بكين للتعامل مع ترامب؟ وما هي الاستراتيجيات التي تبنتها للحد من الخسائر وتقليل الأضرار؟
محاولات الصين للتهدئة
رغم التهديدات المتصاعدة، لم ترد بكين بلهجة عدائية؛ وبدلاً من ذلك، تبنت موقفًا يميل للتفاوض، عارضةً العمل مع ترامب لحل الخلافات التجارية، وأكدت وزارة التجارة الصينية أنها تأمل في إدارة الخلافات بين البلدين “تحت التوجيه الاستراتيجي لرئيسي الدولتين”.
نائب رئيس الوزراء الصيني، دينج شيو شيانج، شدد خلال مشاركته في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس على أهمية إيجاد “حلول مربحة للطرفين” للتوترات التجارية، مشيرًا إلى رغبة بكين في تعزيز التعاون المتبادل بدلاً من الانجرار إلى صراع تجاري، بحسب صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، الجمعة 24 يناير 2025.
قضية تيك توك.. مرونة غير متوقعة
في خطوة غير معهودة، أظهرت الصين مرونة فيما يتعلق بمصير تطبيق “تيك توك”، وبعد معارضة طويلة لبيع التطبيق، أبدت الخارجية الصينية انفتاحًا على مقترح ترامب لتشكيل شراكة بنسبة 50-50 بين الشركة الأم “بايت دانس” وشركة أمريكية.
وأكدت المتحدثة باسم الخارجية الصينية، ماو نينغ، أن القرارات المتعلقة بالشركات يجب أن تُتخذ وفق مبادئ السوق وبعيدًا عن التدخل الحكومي.
قناة بنما وموقف الصين
فيما يتعلق بادعاء ترامب بأن الصين “تدير” قناة بنما، نفت بكين هذا الادعاء تمامًا، مؤكدةً أن الصين لا تتدخل في إدارة القناة.
وشددت على أن الشركة المسؤولة عن تشغيل الموانئ عند مدخلي القناة، “هاتشيسون بورتس” التي تتخذ من هونغ كونغ مقرًا لها، تعمل باستقلالية تامة، ومع ذلك، تسعى السلطات البنمية إلى مراجعة الاتفاقيات المتعلقة بتشغيل القناة بعد هذه الاتهامات.
“الاقتصاد”
يُعد التباطؤ الاقتصادي في الصين عاملاً رئيسيًا يدفعها لتجنب تصعيد التوترات مع الولايات المتحدة، ورغم تحقيق بكين نموًا بنسبة 5% في عام 2024، إلا أن هذا النمو تحقق بفضل الحوافز الضخمة وزيادة الصادرات قبيل فرض محتمل للتعريفات الأمريكية.
ومع ذلك، تشير تقارير بحثية إلى أن الأرقام الحقيقية قد تكون أقل من المعلنة، وتواجه الصين خطر فقدان أحد أبرز محركات اقتصادها إذا اندلعت حرب تجارية جديدة، ما قد يؤدي إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى 2.5% على مدار العامين المقبلين، وفق تقديرات وحدة الاستخبارات الاقتصادية.
استراتيجيات بكين
بجانب محاولاتها لتجنب صراع مع واشنطن، تعمل الصين على توسيع نفوذها العالمي، فقد أنهت نزاعًا حدوديًا طويل الأمد مع الهند، وسعت إلى تحسين العلاقات مع اليابان.
كما تبنت دورًا أكبر في المنظمات متعددة الأطراف مثل منظمة الصحة العالمية، التي دعت إلى تعزيز دورها، في مقابل انسحاب ترامب منها، وفي إطار سعيها لتشكيل نظام عالمي جديد، عززت بكين علاقاتها مع روسيا.
وفي أول يوم لتولي ترامب منصبه، أجرى الرئيس الصيني شي جين بينج محادثة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، دعا خلالها إلى تعزيز التعاون بين البلدين للدفاع عن النظام الدولي.
نهج حذر
تحاول الصين، حتى الآن، التزام الحذر في تعاملها مع ترامب، مفضلةً تجنب التصعيد الذي قد يكلفها خسائر اقتصادية فادحة، ومع ذلك، تسعى إلى إعادة تشكيل النظام الدولي لتعزيز مكانتها كقوة عالمية في مواجهة سياسات “أمريكا أولاً” التي يتبناها ترامب.
وبينما قد تنجح بكين في تهدئة التوترات على المدى القصير، تبقى احتمالية اندلاع صراعات جديدة قائمة، خاصة إذا استمرت الخلافات حول القضايا الجوهرية مثل التجارة والتكنولوجيا.
إخلاء مسؤولية إن موقع جريدة الجوف يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
0 تعليق