في خطوة مثيرة للجدل، قررت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تعليق جزء كبير من المساعدات الخارجية التي تقدمها الولايات المتحدة لدول العالم، مع التركيز بشكل خاص على الدول الإفريقية.
هذا القرار، الذي تم الإعلان عنه في 24 يناير، يأتي في إطار مراجعة شاملة لسياسة المساعدات الخارجية الأمريكية، والتي أعلن عنها ترامب في أول يوم له في البيت الأبيض.
ووفقًا لتوجيهات وزارة الخارجية الأمريكية، تم تجميد جميع برامج المساعدات الخارجية، باستثناء تلك الموجهة إلى إسرائيل ومصر، بالإضافة إلى المساعدات الغذائية الطارئة.
هذا القرار يُتوقع أن يكون له تأثير كبير على العديد من الدول، خاصة في إفريقيا، حيث تعتمد العديد من البرامج الصحية والإنسانية على الدعم الأمريكي.
تداعيات خطيرة على إفريقيا
من المتوقع أن تتأثر برامج رئيسية مثل خطة الرئيس الطارئة للإغاثة من الإيدز، وبرامج الوقاية من الملاريا، ودعم صحة الأمهات، وتحسين الوصول إلى المياه النظيفة.
دول مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية والسودان، التي تعاني من صراعات دامية، ستكون من بين الأكثر تضررًا.
وقد حذرت منظمات الإغاثة الدولية من أن هذا القرار قد يؤدي إلى خسائر في الأرواح وتقويض النفوذ الأمريكي في القارة الإفريقية.
إليشا دن جورجيو، الرئيسة والمديرة التنفيذية لمجلس الصحة العالمي، قالت إن "إيقاف هذه البرامج يترك فراغًا قد تستغله جهات معادية، مما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار وتقويض النفوذ الأمريكي".
ردود فعل دولية
جود ديفيرمونت، الذي شغل منصب المدير الأول للشؤون الإفريقية في مجلس الأمن القومي الأمريكي، قال إن هذا القرار "يزيد من معاناة الدول الإفريقية ويخنق نموها، ويتنازل عن المجال لخصوم أمريكا مثل روسيا والصين".
وأضاف أن الدول الإفريقية، حتى وإن كانت لديها شكوك حول روسيا والصين، ستجد نفسها مع بدائل أقل.
من جهتها، بدأت مجموعات الإغاثة الكبرى التي تعتمد على التمويل الأمريكي في التحضير لتسريح العمال واستدعاء الموظفين العاملين في الخارج بسبب نقص الأموال.
جيريمي كونينديك، رئيس منظمة اللاجئين الدولية، وصف القرار بأنه "نية مدمرة"، مشيرًا إلى أنه يهدد مصداقية الولايات المتحدة كقائدة عالمية في مجال المساعدات الإنسانية.
تأثيرات ملموسة على الأرض
في كينيا، حيث تنفق الولايات المتحدة 640 مليون دولار سنويًا على البرامج الصحية، قد يؤدي تعليق المساعدات إلى فقدان 40,000 عامل في مجال الرعاية الصحية لوظائفهم، وتوقف توفير الأدوية المضادة للإيدز لنحو 1.3 مليون شخص.
سيمون كيجوندو، رئيس الجمعية الطبية الكينية، قال إن عيادات علاج فيروس نقص المناعة البشرية قد تضطر إلى الإغلاق الشهر المقبل بسبب نقص التمويل.
كما أن برامج التعاون العسكري، بما في ذلك المناورات المخطط لها في كينيا بمشاركة أكثر من 20 دولة، معرضة للخطر.
هذه المناورات تهدف إلى تعزيز التعاون في مجالات حفظ السلام ومكافحة الإرهاب والاستجابة للأزمات.
مشاريع الطاقة والتنمية تحت التهديد
تمويل مشاريع الطاقة الكبرى في إفريقيا، مثل مشروع الغاز الطبيعي المسال في موزمبيق، قد يتأثر أيضًا. بنك التصدير والاستيراد الأمريكي يعيد مراجعة التمويل المخصص لهذا المشروع، والذي تبلغ قيمته 4.7 مليار دولار، لضمان توافقه مع الأوامر التنفيذية الجديدة.
في نيجيريا، التي تعد واحدة من أكبر الدول المتلقية للمساعدات الأمريكية، قد يؤدي تجميد المساعدات إلى تعطيل البرامج الصحية الحيوية وإبطاء النمو الاقتصادي.
نيجيريا تتلقى سنويًا ملايين الدولارات لدعم الصحة والتعليم والزراعة، وهي مساعدات قد تتوقف بسبب هذا القرار.
دفاع إدارة ترامب عن القرار
دافعت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، تامي بروس، عن القرار، قائلة إن الولايات المتحدة "لن توزع الأموال بشكل أعمى دون عائد للشعب الأمريكي".
وأضافت أن الإنفاق الحكومي يجب أن يُقيَّم بناءً على ما إذا كان يجعل الولايات المتحدة أكثر أمانًا وأقوى وازدهارًا.
مستقبل المساعدات الأمريكية
رغم أن المساعدات الخارجية الأمريكية لا تتجاوز 1% من الميزانية الفيدرالية، إلا أن المدافعين عنها يؤكدون أنها تلعب دورًا حيويًا في تعزيز سمعة أمريكا العالمية وحماية الأرواح.
مع تنافس القوى العظمى مثل الصين وروسيا على النفوذ في العالم النامي، قد يكون لهذا القرار تداعيات طويلة الأمد على مكانة الولايات المتحدة كقائدة عالمية.
0 تعليق