استحدثت نخبة من الباحثين تقنية مبتكرة تساعد في استخلاص الكوبالت، وهو أحد المعادن المهمة المستعملة في تصنيع معادن بطاريات السيارات الكهربائية التي يُراهَن عليها في تسريع جهود الحياد الكربوني.
ولجأ الباحثون في استخلاص معدن الكوبالت -الملقّب بـ"الذهب الأزرق"- إلى تقنية تعتمد على استعمال بول الإنسان -حمض اليوريك- ممزوجًا بخلّ الطعام، أو ما يُطلَق عليه حمض الأستيك، في استخلاص الكوبالت من البول.
وتتّسم تلك المواد بدرجة عالية من الأمان، إلى جانب سهولة الحصول عليها؛ ما يوفر طريقة سهلة ومستدامة لتصنيع معادن البطاريات من جديد، ويمهّد الطريق أمام ظهور نهج مسؤول بيئيًا لاستغلال الموارد في صناعة البطاريات؛ ما يخدم سلاسل إمدادات صناعة السياسات الكهربائية.
كما يسهم استخلاص الكوبالت بالتقنية الموثوقة في تعزيز الإمدادات العالمية من هذا المعدن الإستراتيجي دون آثار ضارة في البيئة والمناخ، ومن ثم فإن نقص إمدادات الكوبالت يهدّد بتقييد سلاسل التوريد العالمية، في ضوء تنامي الطلب على تقنيات البطاريات بمعدلات مطّردة.
ووفق أحدث متابعات قطاع الكوبالت العالمي لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، ما تزال جمهورية الكونغو الديمقراطية تستأثر بنصيب الأسد من تزويد العالم بإمدادات الكوبالت (نحو 70%).
نمو الطلب
مع استمرار نمو الطلب على بطاريات الليثيوم أيون نتيجة انتشار الهواتف الخلوية والسيارات الكهربائية، تقترن المكونات الرئيسة في تلك الخلايا -مثل الكوبالت- بمخاوف بيئية وأخلاقية شديدة تتعلق باستخلاصها.
ولحلّ تلك المعضلة، طورت مجموعة من العلماء في جامعة لينيوس السويدية ومعهد التقنية الهندي طريقة ساعدتهم باستخلاص الكوبالت الموجود في بطاريات السيارات الكهربائية المستعملة.
وتُصنع بطاريات السيارات الكهربائية من مواد مثل الليثيوم والكوبالت والنحاس، التي تتزايد آثارها البيئية خلال عملية تعدينها واستخراجها.
وقال آيان نيكولز قائد فريق البحث، إنه إذا كان هناك إمكان لإعادة استعمال تلك المعادن بدلًا من الاستمرار في استخلاصها، فمن الطبيعي أن تقلّ تلك الآثار التي لا يسلم منها النظام البيئي بوجه عام.
ويساعد الكوبالت في استقرار الأداء التشغيلي لبطاريات الليثيوم أيون، وتمكينها من تفادي حوادث الحرائق التي تتعرض لها في أحيان كثيرة، وتُعرف بخطورتها الشديدة.
تقنية مبتكرة
نُشرت تقنية استخراج الكوبالت في دورية إيه سي إس أوميغا (ACS Omega) العلمية، وهي تعتمد على دمج استعمال اثنين من المكونات البسيطة جدًا وهي البول والخل، أو ما يُطلق عليه علميًا "حمض الأسيتيك".
وبفضل استعمال هذا المزيج الذي قد يبدو غير مستساغ بالنسبة لآذان الكثيرين، نجح الباحثون في استخلاص ما يصل إلى 97% من مادة الكوبالت في البطاريات المستعملة، وفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة.
إلى جانب ذلك، تتطلب عملية استخلاص معادن البطاريات مثل الكوبالت كمية كهرباء أقل، كما أنها لا تستعمل سوى القليل من المواد الكيميائية الخطيرة، بدرجة أكبر من الطرق الحالية.
وقال قائد فريق البحث، آيان نيكولز: "تقنياتنا تستعمل مواد آمنة، ومن السهل الحصول عليها؛ ما يجعل الظروف مثالية لإعادة تدوير البطاريات على نطاق واسع".
وأوضح نيكولز: "تتيح الطريقة التي نستعملها في استخلاص الكوبالت إعادة تدوير هذا العنصر للكوبالت المستعمَل بدلًا من مواصلة استخراجه؛ ما يفيد البيئة ويخفض الآثار البيئية المقترنة بعملية التعدين".
صناعة السيارات تستفيد
قال آيان نيكولز: "علينا أن نأخذ بالحسبان أن نشاط تعدين الكوبالت يرتبط ارتباطًا وثيقًا بتلوث المياه وظاهرة التصحّر التي تزحف على الكثير من الغابات"، وفق تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وأضاف نيكولز: "إذا استُخلِصت المواد الثقيلة من معادن البطاريات المستعملة، فإن بمقدورنا أن نتخطى عملية التلوث تلك، وأن نحمي بيئتنا الطبيعية".
ومن الممكن أن تفتح تقنية استخلاص الكوبالت -وغيره من معادن البطاريات- الباب أمام علماء آخرين لاستكشاف سبل إعادة تدوير مواد كيماوية أخرى، عبر استعمال مواد منتشرة في الحياة اليومية، وتعديلها بما يتوافق مع إنتاجها.
ويسلّط هذا الاكتشاف المثير الضوء على أهمية استعمالات البول في احتياجاتنا اليومية؛ ما يدعو إلى التفكير فيما هو أبعد من ذلك لفتح مسارات نحو مستقبل أكثر نظافة.
وعلى الرغم من أهمية هذا الاكتشاف، فإن الطريق ما يزال طويلًا، ويحتاج العلماء إلى مواصلة البحث في تلك التقنية من أجل تحسينها وجعلها مواكبة لمطالب سوق السيارات.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
0 تعليق