الصحافي الراحل أيوب الريمي .. شجاعة إلى آخر لحظة ووطنية خالدة

0 تعليق ارسل طباعة

في صباح حزين بالعاصمة البريطانية لندن، أمس السبت، غادرنا الصديق والأخ العزيز أيوب الريمي، بعد صراع لم يدم طويلا مع مرض عضال، قاومه بكل شجاعة وكبرياء. لم يقوَ المرض على كسر عزيمة أيوب؛ فقد بقي حتى آخر لحظة وفيا لشغفه بالنقاش السياسي، مهتما بمستجدات المغرب وفلسطين والتغيرات الأخيرة في سوريا، وكأن داءه لم ينل من روحه القوية.

شغف لا ينطفئ بقضايا الوطن

كان أيوب الريمي مولعا بقضايا وطنه، يتابع بشغف ونهم كل الأحداث التي شهدها المغرب والمنطقة العربية. لم يكن مجرد متابع أو مستهلك فحسب؛ بل كان صاحب تحليل عميق ونظرة ثاقبة للأوضاع السياسية والاجتماعية. حتى وهو على فراش المرض، لم يتوقف عن النقاش، وكأن عقله لا يعرف السكون، وكأن روحه لا ترضى الاستسلام للعلة.

شجاعة نادرة وصبر لا ينكسر

كان أيوب مثالا للرجل الشجاع الذي يواجه المحن بثبات نادر. حتى وهو في أحلك مراحل المرض، ظل قويا، متحديا الألم بإرادة لا تلين. لا يشتكي قَطٌّ. وظل متمسكا بآماله وبحديثه عن القضايا التي لطالما شغلت باله.

حوار مع طبيب سوري وإعجاب متبادل

في المراحل الأخيرة من حياته، كان أحد الأطباء الذين أشرفوا على علاجه طبيبا سوريا، والذي تأثر بشدة بشخصية أيوب وحسه الوطني العميق. كان الطبيب يمضي وقتا طويلا في الحديث معه عن الشأن السوري، وكان دائما معجبا بتحليلاته وآرائه العميقة. أحس الطبيب بأنه أمام عقل فذ، ورأى في أيوب صورة لشاب عربي يحمل في قلبه هموم أمته. لم يُخفِ الطبيب حزنه العميق؛ فقد رأى في فَقْدِ أيوب، شاب بهذا الفكر والحس الإنساني والوطني النبيلين، خسارة كبيرة للعالم العربي والإسلامي.

ذكريات لا تُنسى

آخر لقائي معه كان يومي الخميس والجمعة ساعات قبل وفاته، حيث وعدني بأن ينتظرني حتى نهاية الأسبوع المقبل، لنجتمع كعادتنا في أحاديثنا التي لم تخلُ أبدا من الحماس والعمق؛ غير أن إرادة الله كانت فوق ذلك وشاءت غير ذلك، فرحل أيوب تاركا خلفه فراغا كبيرا في قلوب من عرفوه وأحبوه.

مات بعيدا عن الوطن ولكن الوطن لم يفارقه

ربما شاءت الأقدار أن تكون نهاية أيوب الريمي في الغربة، بعيدا عن أرضه التي أحبها؛ لكنه رحل ووطنه يعيش في وجدانه حتى آخر نَفَسٍ. كان قلبه معلقا بقضايا بلاده، حاضرا رغم المسافات، ولم تمنعه الغربة يوما من أن يكون قريبا فكريا وروحيا من وطنه وأصدقائه.

عائلة محبة وأصدقاء أوفياء

لم يكن أيوب وحده في رحلته الأخيرة، فقد أحاط به أصدقاؤه وزملاؤه في لندن، الذين كانوا سندا له في أصعب اللحظات. كما كانت زوجته الصابرة سارة وابنه جاد ووالدته وخاله إلى جانبه، يجسدون حبا لا ينطفئ ودعما لم يفتر حتى النهاية.

رحيل موجع وذكرى خالدة

إن فقد أيوب الريمي ليس مجرد خسارة شخص؛ بل فقدان لروح نادرة، لإنسان لم يعرف سوى الشجاعة والنبل والعزة. ذكراه ستبقى خالدة في قلوب محبيه، وستظل سيرته الطيبة حيّة، تروي حكاية رجل لم يستسلم، ولم ينحنِ للمرض؛ بل واجهه بثبات الرجال العظماء.

رحم الله أيوب الريمي، وأسكنه فسيح جناته، وألهم ذويه وأصدقاءه الصبر والسلوان. وكما كنتَ تتمنى، ستبقى ذكراك طبية في نفوس كل من عاشروك وعرفوك..

محلل اقتصادي ومالي وصديق أيوب

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق