تشهد صناعة الطائرات المسيرة في القارة ازدهارًا كبيرًا، حيث تنتج 13 شركة إفريقية ما لا يقل عن 35 نموذجًا، وفقًا للبيانات التي جمعها موقع “ميليتري أفريكا” المتخصص في الأمن.
وتُستخدم الطائرات المسيرة في مراقبة الحدود، ومراقبة الصيد الجائر والصيد غير المشروع، وتوصيل الأدوية أو السلع الأخرى إلى المناطق النائية.
تطوير ومخاطر
أوضح موقع منتدى الدفاع الإفريقي، في تقرير نشره الثلاثاء 28 يناير 2025، أن ازدهار قطاع الطائرات المسيرة في قارة إفريقيا من شأنه أن يخفض الأسعار ويسمح للشركات المصنعة الإفريقية بتطوير نماذج مناسبة للظروف الفريدة والتحديات الأمنية في القارة.
وحذر أن الازدهار يصاحبه المخاطر أيضًا، ففي عام 2023، قفزت الوفيات بين المدنيين بسبب الطائرات المسيرة والضربات الجوية إلى 1418 مقارنة بـ 149 في عام 2020، وفقًا لبيانات من مشروع بيانات موقع وأحداث الصراعات المسلحة.
ولفت إلى أن الجماعات المتطرفة، مثل حركة الشباب الصومالية، وتنظيم داعش في نيجيريا، والجماعات الإرهابية في موزمبيق، تستخدم طائرات مسيرة جاهزة للمراقبة ولصنع مقاطع فيديو دعائية، وتُظهر الأدلة أن تلك الجماعات، خاصة المرتبطة بتنظيم داعش، تخطط لتسليح الطائرات المسيرة التجارية.
بدايات مبشرة
ذكر المنتدى أن أول طائرة مسيرة إفريقية الصنع ظهرت من خلال بحث أجراه مجلس البحوث العلمية والصناعية الممول من حكومة جنوب إفريقيا وشركة التصنيع الدفاعية “كينترون” في عام 1977، حين حلقت الطائرة “شامبيون”، واستخدمتها القوات العسكرية في روديسيا السابقة (زيمبابوي حاليا) للمراقبة، واستحوذت عليها القوات الجوية في جنوب إفريقيا لاحقًا.
وأضاف أن ما لا يقل عن 31 جيشًا إفريقيًا يستخدم طائرات المسيرة حاليًا، وينضم نحو 200 طائرة مسيرة جديدة كل عام إلى الأساطيل العسكرية، ومع ذلك لا تزال الطائرات المسيرة المصنعة محليًا نادرة إلى حد ما، حيث تشكل نحو 12٪ فقط من إجمالي الأسطول، وتشمل الشركات الرائدة تتركز في مصر وإثيوبيا وكينيا ونيجيريا وجنوب إفريقيا والسودان.
عوامل الاستثمار
أجرى إيكين ليونيل، مدير مؤسسة “ميليتري أفريكا”، بحثًا مكثفًا حول هذه الصناعة وجمع قائمة بجميع مشتريات الطائرات المسيرة التي قامت بها الجيوش الإفريقية بين عامي 1980 و2024. وعند دراسة الاتجاهات، وجد عدة عوامل تدفع الدول الإفريقية إلى الاستثمار في القدرة التصنيعية المحلية.
وأوضح أن من بين هذه العوامل تأتي التكلفة، حيث يمكن للإنتاج المحلي أن يقلل التكاليف المرتبطة بضرائب الاستيراد والشحن وأسعار صرف العملات، وكذلك عامل التخصيص، حيث يمكن للمصنعين المحليين تصميم الطائرات المسيرة وفقًا لاحتياجات إقليمية محددة وظروف مناخية ومتطلبات تشغيلية.
وأضاف أن الاكتفاء الذاتي يعزز أمن الدول الوطني عندما لا تحتاج إلى الاعتماد على الموردين الأجانب للطائرات المسيرة أو أجزاء الطائرات المسيرة، كما أن بناء الطائرات المسيرة محليًا يسمح بنقل التكنولوجيا والمعرفة وتطوير المهارات والتقدم التكنولوجي داخل البلاد، والطائرات المسيرة المطورة محليًا تكون في أيدي متخصصي الأمن وتستخدم أسرع من التي تُستورَد من الخارج.
دور القطاع الخاص
قال المنتدى الإفريقي إن القطاع الخاص يقود الطريق في مجال ابتكار الطائرات المسيرة، ولكن في بعض الحالات، تدخل الجيوش الإفريقية في مجال البحث والتطوير، ويعد معهد التكنولوجيا التابع للقوات الجوية النيجيرية ثاني أكبر مصنع للطائرات المسيرة في القارة، منتجًا 20 وحدة منذ بدء الإنتاج في مطلع القرن الـ21، وفقًا لموقع ميليتري أفريكا.
وذكر أن نيجيريا سجلت ثالث أكبر عدد من مشتريات الطائرات العسكرية المسيرة في القارة بواقع 177 طائرة، وهي إحدى الدول القليلة التي تستضيف مدرسة خاصة بها لتدريب طياري الطائرات المسيرة.
وتتطلع المغرب، التي تمتلك ثاني أكبر أسطول طائرات مسيرة عسكرية في القارة، إلى إنتاج هذه الطائرات، حيث أعلنت في مارس 2024، أنها ستنشئ مصنعًا لإنتاج الطائرات المسيرة محليًا في الرباط، وسينتج طرازي “واندر بي”، و” ثندر بي”، اللذان يُستخدمان في مجال الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة لوموند الفرنسية.
مخاطر على الطريق
قال المنتدى إن أغلب الطائرات المسيرة التي يجري تصميمها وتطويرها في إفريقيا مخصصة للمراقبة، ومع ذلك توجد طائرات مسيرة مسلحة أيضًا على الساحة، ولدى الشركات المصنعة النيجيرية طائرتان في مرحلة النموذج الأولي، طائرة هليكوبتر المسيرة ذات 6 أذرع مسلحة بقنبلة تزن 250 كيلوجرامًا وذخيرة تكتيكية من طراز “إيتشوكو”.
وصممت مصر طائرة مسيرة مسلحة من طراز “30 يونيو”، والتي يمكنها الطيران لمدة 24 ساعة، بالإضافة إلى الطائرات أحمس وطابا و6 أكتوبر، فيما صممت السودان طائرة مسيرة مسلحة بالذخيرة من طراز “كمين 25″، واستخدمت طائرات مسيرة مسلحة مصنعة في الخارج في صراعات في إثيوبيا وليبيا ونيجيريا والسودان ومناطق أخرى.
وحذر الموقع من أن الخطر الوشيك يتمثل في حصول الجماعات الإرهابية على الطائرات المسيرة، لافتًا إلى أن حركة الشباب استخدمت طائرات مسيرة للمراقبة، ويخشى الخبراء أن تخطط جماعات أخرى لاستخدام طائرات المسيرة لمهاجمة أهداف عسكرية ومدنية.
قواعد صارمة
في تصريحات لصحيفة “وول ستريت جورنال”، أوضحت المراسلة “هيذر سومرفيل” أن الجماعات الإرهابية فقيرة الموارد وقليلة الخبرة العسكرية عندما تستخدم الطائرات المسيرة، فإن تكون أكثر فتكًا بكثير، ويمكنها إحداث دمار هائل في الجيوش القوية والمتطورة، مشددةً على ضرورة وضع الحكومات لأنظمة تسجيل للطائرات المسيرة وآليات للتعرف على من يشترون الطائرات المسيرة.
وفي هذا السياق، قالت كارين ألين، من معهد الدراسات الأمنية إن فرض قواعد تنظيمية أكثر صرامة لن يمنع بالضرورة الاستخدامات الخبيثة لتكنولوجيا المسيرات، إلا أنها قد توفر إشارات تحذير مبكرة، ونظرًا للتطبيقات الواسعة النطاق للطائرات المسيرة، فسوف نحتاج إلى نهج تنسق فيه الإدارات الحكومية استجاباتها.
وسوف تحتاج الهيئات العسكرية والشرطية أيضًا إلى وضع استراتيجيات لحماية المواقع المعرضة للخطر، بما في ذلك المطارات ومحطات الطاقة والبنية الأساسية للاتصالات، كما ستحتاج إلى الاستثمار في تكنولوجيا مكافحة الطائرات المسيرة لتحسين قدرتها على تعقب الطائرات المسيرة في الجو وإسقاطها عندما تشكل تهديدًا.
إخلاء مسؤولية إن موقع جريدة الجوف يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
0 تعليق