خلال 16 شهرًا من الحرب، رفض بنيامين نتنياهو أن يقول ما يتصوره لمستقبل غزة. ومع ذلك، قد يكون يوم الحساب لكل من الزعيم الإسرائيلي الذي خدم لفترة طويلة قريبًا.
وسافر نتنياهو إلى واشنطن، الأحد 2 فبراير 2025، للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض، ومن المتوقع أن تركز المناقشة على ما إذا كانت الهدنة المؤقتة التي تم الاتفاق عليها الشهر الماضي ــ والتي من المقرر أن تستمر لأربعة أسابيع أخرى ــ ستصبح وقف إطلاق نار دائم.
هدفا نتنياهو
وفق ما ذكرت صحيفة “فاينانشال تايمز”، ظاهريا يلتزم نتنياهو بالهدفين اللذين حددهما في بداية الحرب: تدمير حماس في قطاع غزة، وإعادة جميع الأسرى الذين تم أسرهم خلال هجوم 2023 الذي يقول المسؤولون الإسرائيليون إنه أسفر عن مقتل 1200 شخص وأدى إلى اندلاع الصراع.
لكن من الواضح أكثر من أي وقت مضى، أن هذه الأهداف غير متوافقة على الأرجح، بحسب الصحيفة، فما إن انتهى القتال حتى ظهر مسلحو حماس لإعادة تأكيد السيطرة على المنطقة الساحلية، وعرضوا أسلحتهم ونظموا مسيرات حاشدة.
وذكرت أن هذا كان هذا بمثابة تذكير صادم للإسرائيليين بأن “النصر الكامل” الذي وعد به نتنياهو في كثير من الأحيان وهمًا، وسيحتاج نتنياهو قريبًا إلى أن يقرر ما إذا كان على استعداد لمتابعة الصفقة حتى اكتمالها.
معضلة واضحة
من ناحية، يتعين على نتنياهو أن يحسب حساب ترامب المتقلب، وهو أهم راعي دولي له، والذي أجبر الزعيم الإسرائيلي على قبول الهدنة الأولية (42 يومًا) وجعل من إعادة جميع الأسرى هدفه الأساسي.
في الوقت ذاته يتعين على نتنياهو أن يبقي على أعضاء اليمين المتطرف في حكومته، مثل بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية، الذي عارض وقف إطلاق النار، وتعهد بالانسحاب و”تفكيك” الائتلاف الحاكم إذا لم تستأنف إسرائيل الحرب وتعيد احتلال غزة بمجرد انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق في أواخر فبراير
وهذه المعضلة الواضحة هي التي وصفها ناداف شتراوكلر، المحلل السياسي الذي عمل مع نتنياهو في الماضي، بـ”شطيرة بيبي”، وعلى النقيض التام لسموتريتش، قال: “يريد ترامب الاستمرار في الصفقة… الهدف هو إنهاء [حرب] غزة”.
تطهير عرقي
مع ذلك، استغل سموتريتش وغيره من الزعماء القوميين المتطرفين دعوات الرئيس الأمريكي المتكررة مؤخرا إلى “تطهير” غزة ونقل غالبية سكانها إلى مصر والأردن ودول أخرى، وقال سموتريتش الأسبوع الماضي: “أنا أعمل مع رئيس الوزراء والحكومة لإعداد خطة تشغيلية وضمان تحقيق رؤية الرئيس ترامب”.
وفي حين لم يعلق نتنياهو على هذا الخيار ــ الذي أُدين على نطاق واسع باعتباره شكلاً من أشكال التطهير العرقي الذي قد يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة بشدة ــ زعم شخص مقرب من الحكومة الإسرائيلية أن تعليقات ترامب “لم تكن مفاجئة”، وقال : “هذه ليست فكرة جاءت إلى ترامب فجأة. كانت إسرائيل على علم بأنه سيقولها. إن الولايات المتحدة وإسرائيل متفقتان ومتناسقتان”.
وترى الصحيفة أن كثيرين فسروا تعليقات ترامب على أنها البداية لمفاوضات أوسع نطاقا، وليس فقط حول مستقبل الأراضي الفلسطينية، فعلى غرار سلفه جو بايدن، لم يخف ترامب رغبته في ربط نهاية الصراع في غزة باتفاقية تطبيع أوسع نطاقًا يشمل إنشاء دولة فلسطينية.
خيار بديل
كما قال آدم بوهلر، مبعوث ترامب لشؤون السرى ، لقناة 12 الإسرائيلية يوم الأربعاء الماضي، إن الدول العربية “يجب أن تقدم خيارًا بديلاً” إذا عارضت خطة الرئيس الأمريكي، مشيرًا إلى أن ترامب “منفتح دائمًا على خيارات مختلفة” والخيار المفضل بالنسبة لإسرائيل وحلفائها الأمريكيين، على الرغم من أنه غير مرجح، هو إمكانية أن توافق حماس طوعاً، كجزء من المفاوضات للمرحلة الثانية، على إلقاء السلاح والتوجه إلى المنفى.
ومن جهته قال الشخص المقرب من الحكومة الإسرائيلية إن نتنياهو “لا يريد حماس [في غزة]، وهو يحظى بالدعم في هذا الصدد، ولكن الأمر الأكثر ترجيحا هو الخطط المختلفة التي طرحها حلفاء الولايات المتحدة العرب من خلال إنشاء هيئة انتقالية مدعومة دوليا من قبل السلطة الفلسطينية لإعادة تأكيد السيطرة المدنية على القطاع”.
أما آفي يساخاروف، المحلل الإسرائيلي، فأكد أن إشراك السلطة الفلسطينية هو الخيار الواقعي الوحيد لـ”نظام بديل” في غزة، مضيفا “ترامب يجب أن يشترط الآن دخول السلطة الفلسطينية إلى غزة وتقديم حماس تنازلات لتنفيذ المرحلة الثانية. ويجب عليهم أن يجعلوا حماس تدرك أنها لا تستطيع البقاء في السلطة”.
الثمن الباهظ لإعادة إعمار غزة
من ناحية اخرى يرى محللون آخرون أن الثمن الباهظ لإعادة إعمار غزة ــ والذي يقدر بعشرات المليارات من الدولارات ــ سوف يحد من قوة حماس التفاوضية، ولكن ميلشتاين، المحلل الاستخباراتي الإسرائيلي السابق، يرى أن أي خطة من هذا القبيل “ساذجة” ومن المحتم أن تفشل.
وبدلاً من ذلك، دعا ميلشتاين إلى مسار ثالث: الوفاء باتفاقية وقف إطلاق النار في غزة مقابل إطلاق الأسرى بالكامل، وإعادة جميع الإسرائيليين من الأسر، والاعتراف بأن حماس سوف تظل في السلطة حتى الحرب القادمة.
وأضاف “لا نستطيع أن نعيش مع حماس في غزة، لكن هذا سيتطلب حملة كبرى حيث سنحتاج إلى الاستيلاء على غزة، والبقاء هناك لفترة طويلة، وتفكيك حكم حماس. وهذا يتطلب تخطيطًا جادًا، فضلاً عن الدعم المحلي والدولي. وسوف يستغرق الأمر سنوات”.
ضمانات مكتوبة
تقول الصحيفة نتنياهو لم يستبعد إمكانية العودة إلى الحرب أيضًا “بطرق جديدة وبقوة كبيرة”، كما قال الشهر الماضي إذا انهارت المفاوضات مع حماس، وقال شخصان مطلعان على الأمر إن ترامب وبايدن قدما لإسرائيل ضمانات مكتوبة بأنهما سيدعمان العودة إلى القتال إذا انتهكت حماس شروط اتفاق وقف إطلاق النار.
ووفقًا لـ”فاينانشال تايمز” الأمر الحاسم هنا هو أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان هذا سيشمل انهيار المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق، ولكن في الوقت الحالي، أمام نتنياهو عدة أسابيع لاتخاذ القرار.
إخلاء مسؤولية إن موقع جريدة الجوف يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
0 تعليق