الاحد 02 فبراير 2025 | 02:10 مساءً
في خطوة جريئة ومثيرة للجدل، يوشك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على فرض رسوم جمركية شاملة على أكبر ثلاثة شركاء تجاريين للولايات المتحدة, المكسيك وكندا والصين, هذه الخطوة تُعد واحدة من أكثر الإجراءات الاقتصادية عدوانية التي اتخذها ترامب خلال فترة رئاسته، حيث تُقدر قيمة السلع المستوردة التي ستُفرض عليها الرسوم بنحو 1.4 تريليون دولار, يُنظر إلى هذه الاستراتيجية على أنها مقامرة اقتصادية كبرى، قد تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الأمريكي وحياة المواطنين اليومية، خاصة مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية مثل الغذاء والوقود. وفقًأ لتقرير شبكة CNN الأمريكية
مقامرة محفوفة بالمخاطر
وصف ترامب الرسوم الجمركية بأنها "أعظم شيء تم اختراعه على الإطلاق"، معتبرًا إياها أداة تفاوضية قوية لمعالجة قضايا مثل العجز التجاري والهجرة غير الشرعية وتدفق المخدرات.
ومع ذلك، يرى الخبراء أن هذه الخطوة قد تأتي بنتائج عكسية، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية, فبينما نجحت الرسوم الجمركية خلال ولاية ترامب الأولى دون التسبب في تضخم كبير، فإن الوضع اليوم مختلف تمامًا, التضخم أصبح بالفعل أحد أكبر التحديات التي تواجه الاقتصاد الأمريكي، وزيادة الرسوم الجمركية قد تزيد من حدة هذه المشكلة.
تقول ماري لوفلي، الزميلة البارزة في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي: "هذه الخطوة قد تكون أكبر إجراء ذاتي الضرر حتى الآن, إنها مقامرة ضخمة قد تؤدي إلى إبطاء النمو الاقتصادي وزيادة التضخم",وتضيف أن الرسوم الجمركية ستؤدي حتمًا إلى ارتفاع الأسعار، خاصة في قطاعات مثل المواد الغذائية ومواد البناء.
تهديد لسلاسل التوريد
أحد أكبر المخاوف يتمثل في تأثير هذه الرسوم على سلاسل التوريد، خاصة مع كندا والمكسيك، اللتين تربطهما بالولايات المتحدة علاقات تجارية وثيقة, فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على هذين البلدين قد يتسبب في اضطرابات كبيرة في الصناعات الأمريكية، خاصة صناعة السيارات، حيث تعبر الأجزاء الحدود عدة مرات قبل وصول المنتج النهائي إلى الأسواق, وفقًا لتقديرات شركة وولف للأبحاث، قد ترتفع أسعار السيارات في الولايات المتحدة بمقدار 3000 دولار للسيارة الواحدة بسبب هذه الرسوم.
تأثيرات على أسعار الغذاء والطاقة
المكسيك هي أكبر مصدر للفواكه والخضروات إلى الولايات المتحدة، بينما تعد كندا المصدر الرئيسي للحبوب واللحوم والسكر, فرض رسوم جمركية على هذه السلع قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، مما يزيد من العبء على المستهلكين الذين يعانون بالفعل من ارتفاع تكاليف المعيشة, بالإضافة إلى ذلك، كندا هي أكبر مصدر للنفط إلى الولايات المتحدة، وفرض رسوم جمركية على الطاقة الكندية قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الوقود في مناطق مثل البحيرات العظمى والغرب الأوسط.
ردود فعل دولية ومخاطر اقتصادية
من المتوقع أن ترد كندا والمكسيك والصين برسوم جمركية انتقامية، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية, وفقًا لتقديرات جريجوري داكو، كبير الاقتصاديين في شركة EY، قد تؤدي هذه الرسوم إلى خفض نمو الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة بنحو 1.5 نقطة مئوية في عام 2025 و2.1 نقطة مئوية في عام 2026. كما أن هذه الخطوة قد تزيد من تقلبات الأسواق المالية وتضغط على بنك الاحتياطي الفيدرالي لتأخير تخفيضات أسعار الفائدة.
اللعب بالنار
في النهاية، يرى العديد من الخبراء أن هذه الخطوة هي استراتيجية محفوفة بالمخاطر، خاصة في ظل حساسية الاقتصاد الحالي لأي صدمات تضخمية, يقول جو بروسويلاس، كبير الاقتصاديين في RSM: "الإدارة تلعب بالنار", فبينما قد تكون هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق في اللحظة الأخيرة، فإن فرض رسوم جمركية بهذا الحجم على هذا النطاق الواسع من السلع يظل مقامرة اقتصادية كبرى قد تكون لها عواقب بعيدة المدى على الاقتصاد الأمريكي والعالمي.
0 تعليق