السودان بين نيران الحرب وتحولات الميدان.. هل اقترب الحسم؟(خاص)

0 تعليق ارسل طباعة
نائب رئيس مركز العرب للأبحاث والدراسات

نائب رئيس مركز العرب للأبحاث والدراسات

كتب : بسمة هاني

تشهد العاصمة السودانية الخرطوم، تصاعداً خطيراً في المواجهات العسكرية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى في مناطق عدة، وسط اتهامات متبادلة بارتكاب فظائع ضد المدنيين.

وبينما يواصل الجيش تقدمه في بعض المناطق الاستراتيجية، تتعهد قوات الدعم السريع بالتصعيد، مما ينذر بمزيد من التوتر في المشهد السوداني المعقد.

تصاعد القصف وسقوط الضحايا

قالت وزارة الصحة السودانية في ولاية الخرطوم، إن 54 شخصاً قتلوا، وأصيب 158 آخرون جراء قصف استهدف منطقة محلية كرري شمالي أم درمان، متهمةً قوات الدعم السريع بتنفيذ الهجوم. وأكدت الوزارة أن المنشآت الطبية في المنطقة استقبلت أعداداً كبيرة من الجرحى وسط أوضاع إنسانية متدهورة.

في المقابل، نفت قوات الدعم السريع مسؤوليتها عن القصف، ما يعكس حالة من الغموض حول الجهة المنفذة للهجوم، في ظل استمرار المعارك العنيفة بين الطرفين.

تحولات ميدانية

في سياق التطورات الميدانية، شهدت الأسابيع الماضية تحولات استراتيجية، حيث تمكن الجيش السوداني من استعادة السيطرة على مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، بعد معارك عنيفة مع قوات الدعم السريع، التي لا تزال تحتفظ بالسيطرة على الطريق الحيوي الواصل بين ود مدني والخرطوم.

وفي تطور آخر، أعلنت قوات "درع السودان" بقيادة أبو عاقلة كيكل سيطرتها على عدة مناطق، من بينها تمبول ورفاعة والحصاحيصا والهلالية، مما يعكس إعادة ترتيب التحالفات العسكرية في المشهد السوداني المضطرب.

اتهامات متبادلة

تواجه قوات "درع السودان" اتهامات بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد المدنيين، سواء خلال تحالفها السابق مع قوات الدعم السريع أو بعد انضمامها إلى الجيش.

هذه الاتهامات تسلط الضوء على استمرار معاناة المدنيين في ظل تصاعد النزاع وغياب المحاسبة.

من جانبه، توعّد قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في خطاب متلفز، بـ"طرد" الجيش السوداني من الخرطوم، مقراً للمرة الأولى بشكل غير مباشر بالانتكاسات التي تعرضت لها قواته في العاصمة.

وأكد دقلو أن الجيش لن يستفيد طويلاً من مقراته العسكرية، متعهداً بشن هجمات جديدة لاستعادة المناطق التي خسرها.

ويتحدث في هذا الإطار نائب رئيس مركز العرب للأبحاث والدراسات والباحث في الشأن الافريقي الدكتور رامي زهدي لبلدنا اليوم 

قال نائب رئيس مركز العرب للأبحاث والدراسات والباحث في الشأن الافريقي الدكتور رامي زهدي، إن الأحداث الحالية في السودان تكشف عن اتهامات خطيرة تواجه "درع السودان"، تتعلق بارتكاب فظائع ضد المدنيين، وهو ما يثير تساؤلات جوهرية حول الأبعاد الإنسانية للنزاع الدائر.

وأكد زهدي أن هذه الاتهامات تأتي في ظل تصاعد الصراع بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، حيث تبرز تقارير عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ارتكبتها جميع الأطراف المتنازعة.

ولفت زهدي إلى أن الوضع في الخرطوم وغيرها من المدن السودانية يعكس واقعاً مأساوياً للمدنيين الذين يعانون جراء العنف العشوائي والتدمير المستمر، مشيراً إلى أن جماعة "درع السودان" متورطة في هذه الانتهاكات، سواء خلال تحالفها مع ميليشيات الدعم السريع أو بعد انشقاقها وانضمامها إلى الجيش السوداني.

وأشار زهدي إلى أن هذه الانتهاكات تؤكد حقيقة مؤلمة، وهي أن جميع الأطراف المتحاربة لم تلتزم بالحد الأدنى من المعايير الإنسانية التي تفرضها القوانين الدولية، مما يزيد من تعقيد الأزمة السودانية ويجعل عملية السلام أكثر صعوبة.

وأوضح أن من الضروري إجراء تحقيق مستقل وعادل في هذه الجرائم، مع ضرورة استعداد المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات حاسمة لمحاسبة المسؤولين عنها.

وشدد زهدي على أن تصريحات قائد قوات الدعم السريع، التي توعّد فيها "بطرد" الجيش السوداني من الخرطوم، تعكس حالة الاستقطاب الحاد الذي تشهده الساحة السودانية.

كما أنها تزيد من حدة التوترات بين الأطراف المتصارعة.

وأضاف أن هذا التصريح يتضمن اعترافاً غير مباشر بالانتكاسات التي تعرضت لها قوات الدعم السريع، مما يؤكد تعقيد الواقع الميداني، حيث يجد الطرفان صعوبة في السيطرة الكاملة على العاصمة، وهو ما يكشف عن عجزهما عن تحقيق نصر سريع وحاسم.

وأكد زهدي أن ما يجري في السودان ليس مجرد نزاع عسكري بين قوتين، بل هو معركة تدافع فيها القوات المسلحة السودانية، باعتبارها المؤسسة الشرعية، عن الوطن ضد ميليشيات وعصابات الدعم السريع وحلفائها، الذين يمثلون جماعة مسلحة خارجة عن القانون والشرعية.

وفيما يخص هزائم ميليشيات الدعم السريع والانتصارات التي يحققها الجيش السوداني، قال زهدي إن التطورات الأخيرة تشير إلى تحولات كبيرة في ميزان القوى، حيث يحقق الجيش السوداني تقدماً ميدانياً ملحوظاً، بينما تتراجع قدرات الدعم السريع في الاحتفاظ بالمناطق التي كانت تسيطر عليها، لا سيما في الخرطوم والمناطق الاستراتيجية الأخرى.

وأبرز زهدي دلالات هذه الهزائم، مشيراً إلى عدة عوامل رئيسية أدت إلى تراجع الدعم السريع، منها الضغط العسكري المتزايد من الجيش السوداني، الذي نجح في تنفيذ عمليات تكتيكية دقيقة، مستفيداً من خبرته العسكرية ودعمه الجوي واستخدامه للأسلحة الثقيلة، مما عرقل تقدم الميليشيات.

كما أوضح أن الدعم السريع يعاني من تفكك داخلي، حيث يواجه نقصاً في الإمدادات، إضافة إلى الانشقاقات وتراجع الروح المعنوية بسبب الخسائر المتلاحقة.

ولفت زهدي إلى أن الرفض الشعبي المتزايد يمثل تحدياً آخر أمام الدعم السريع، حيث أدت جرائم الميليشيات وانتهاكاتها ضد المدنيين إلى تآكل حاضنتها الاجتماعية، وهو ما أفقدها القدرة على التحرك بحرية في بعض المناطق.

كما أشار إلى تغير الموقف الإقليمي والدولي، حيث بدأ المجتمع الدولي في اتخاذ مواقف أكثر وضوحاً تجاه دعم جهود الجيش السوداني لاستعادة الأمن والاستقرار، خاصة مع تصاعد الفظائع التي ارتكبتها قوات الدعم السريع.

وأكد زهدي أن انتصارات الجيش السوداني تحمل رسائل سياسية وأمنية متعددة، أبرزها إعادة فرض سيادة الدولة، حيث يثبت الجيش أنه القوة الشرعية القادرة على حماية السودان وتحقيق الاستقرار. كما شدد على أن هذه الانتصارات تسهم في إضعاف نفوذ الميليشيات المسلحة، مما يقلل من احتمالات استمرار الفوضى ويعزز فرص الوصول إلى حل سياسي أكثر استقراراً في المستقبل.

و أوضح زهدي أن تراجع الدعم السريع يتيح المجال للجيش السوداني لإعادة ترتيب الأوضاع الداخلية واستعادة مؤسسات الدولة، مما يمهد الطريق أمام مرحلة جديدة قد تشهد استقراراً أكبر للسودان.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق