غَلطةُ العُمر الإنسانُ

0 تعليق ارسل طباعة

الإنسانُ خطّاءٌ منذ بَدءِ الخَليقةِ. تتدرجُ  الأخطاءُ من الهفواتِ غير المُتعَمدة، ثم الأخطاءِ البسيطةِ مُتعَمدةٍ وغير مُتعَمدةٍ، فالأخطاءِ المِهنيةِ، وصولًا للجرائمِ حيث يكون الخطأُ جنائيًا مُعاقبًا عليه. الأخطاءُ تقعُ من الجميعِ، كبارًا وصغارًا، رجالًا ونساءً، أيًا كانت درجةُ التعليمِ.

 

الخطأُ الذي يصلُ لدرجةِ المساءلةِ القانونيةِ، جنائيةٍ أو إداريةٍ، أو المجتمعيةٍ، يصِمُ مُقتَرِفَه طوال العمرِ، ويأخذُ مسارَ حياتِه لدهاليزٍ ما كانت في الحُسبانِ لتَهورٍ أو إساءةِ تقديرٍ. إنه خطأُ العمرِ.  

 

إلا أن الأمثلةَ مُتعدِدةٌ لأخطاءٍ تلاحِقُ مُقترفيها مهما طالَ الزمنِ وقلما تخضعُ لطائلةِ القوانينِ. المسؤولُ الذي يُسرِفُ في التصريحاتِ التبريريةِ المجافيةِ للواقعِ ويحشرُ كلامًا منفوخًا في غيرِ مَحلِه مثل اِستخدامً الذكاءِ الاصطناعي في تصحيحِ أوراقِ الاِمتحاناتِ، يستخِفُ بالعقولِ. نفسُ الحالِ مع بعضِ مُقَدمي البرامجِ الذين يَذرُفون أراءهم بدون مراعاةِ مسؤوليةِ نقلِ الحقيقةِ. هذه الأخطاءُ لا تُنسى ولو كانت في مجتمعاتٍ لا تُحاسِبُ ولا تُسائلُ. 

 

والأخطاءُ المِهنيةُ كالإهمالُ في مجالِ الطبِ قد تفقدُ المريضَ حياتَه أو تصيبُه بعاهةٍ، يستحيلُ أن يتسامحَ معها مجتمعٌ يُقَدِرُ الحياةَ ولو لم يُلاحقْها القانونُ. كذلك اِنتهاكُ الأمانةِ العلميةِ، فعضو هيئةِ التدريسِ الذي ينسِبُ لنفسِه أبحاثَ غيرِه أو يدَعي إنجازاتٍ علميةٍ وهميةٍ، يخسرُ سمعتَه أبدًا. شأنه شأنُ عضو هيئةِ التدريسِ الذي يكيدُ لزملائه بالشكاوى وسوءِ السلوكِ المسكوتُ عنهم. في دولٍ مثل اليابان وكوريا يستقيلُ المسؤولُ الذي يخطئ دون اِنتظارِ الإقالةِ. 

حوادثُ القيادةِ 

ولا تُنسى حوادثُ القيادةِ تحت تأثيرِ المُخَدِراتِ وما تُخَلِفْه من ضحايا أبرياء. مرتكبوها على شهرتِهم وفلوسِهم يظلون مُطاردين بها متى وأينما ذهبوا، ولو تَصالحوا. الجرائمُ لا تُمحى من الذاكرةِ المُجتمَعيةِ ولو بعد ًانقضاء العقوبةِ.  

 

الحسابُ المجتمعي لا يصلُ للحبسِ والسَجنِ، هو مُكَمِلٌ لهما أو هو قائمٌ بذاتِه إذا لم يُستدع القانونُ، فيه فقدانُ الثقةِ والاِحتقارِ. السُمعةُ الحَسنةُ لا تعودُ إذا ضاعَت، خاصةً في زمنِ مواقعِ التواصلِ.

 

لكن، لماذا غلطة العمر الآن؟ إنها واقعةُ مدرسةِ التجمعِ التي ألحَقت ضررًا هائلًا بمُرتكبيها وأسرِهم وبإدارةِ المَدرسةِ.

 

غلطةُ الشاطر بألف، فهو المُحنَك الذي يُفتَرضُ أنه تعلمَ من تجاربِه وتجارُبِ الآخرين، وفَطِنَ لكيف ينأى عن الخطأِ، لكنه وقعَ فيه، بالتذاكي والاستهتارِ بالعقولِ. غلْطاتُ الشاطرين والمُستقوين بفلوسِهم ومناصبِهم، ما أكثرُها. 

 

غلطةٌ واحدةٌ تَكفي، قد تُلحِقُ العقابُ الموجِعُ، قد تكونُ القاضيةَ، إنها غلطةُ العمرِ. 

 

اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلبُ للراحةِ والجوائزِ،،

 

  • كتب المقال 

 

ا. د/ حسام محمود أحمد فهمي

أستاذ هندسة الحاسبات بهندسة جامعة عين شمس

 

إخلاء مسؤولية إن موقع جريدة الجوف يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق