كشف أمين عام المنظمة العربية للطاقة (أوابك سابقًا) المهندس جمال اللوغاني، عن عدد من التحديات المستقبلية التي تواجه الدول المنتجة والمصدرة للنفط والغاز، في مدمتها نقص الاستثمارات التي تعوق تطوير هذا القطاع الحيوي.
وفي السياق نفسه، حذر اللوغاني من خطر يواجه المنتجين والمصدرين، وهو قواعد الانبعاثات الأوروبية وما يتبعها من غرامة 5% على الأرباح.
جاء ذلك خلال مشاركته اليوم الأحد 19 يناير/كانون الثاني في فعاليات الدورة الثالثة لقمة ليبيا للطاقة والاقتصاد، برعاية رئيس مجلس الوزراء عبدالحميد الدبيبه، وبحضور عد من الخبراء والقياديين والمختصين في قطاع الطاقة بدولة ليبيا وعلى المستوى العالمي.
وأوضح الأمين العام أن نقص الاستثمارات في قطاع النفط يؤدي إلى إبطاء نمو الاحتياطيات العالمية، ومن ثم قد يؤثر في توفر الإمدادات الكافية لتلبية الطلب المتزايد في الوقت المناسب، حسب بيان حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة، ومقرها واشنطن.
وتتطلب مواجهة هذا التحدي، ضرورة تعزيز الاستثمارات في صناعة النفط، حيث إن حل معضلة الطاقة الثلاثية المتمثلة في أمن الطاقة واستدامتها والقدرة على تحمل تكاليفها يحتاج إلى ضخ الاستثمارات في جميع مصادر الطاقة المختلفة، بحسب اللوغاني.
تحديات قطاع النفط والغاز
يقول المهندس جمال اللوغاني، إن التحدي الثاني يتمثل في الدعوة لتسريع تحولات الطاقة في ضوء الاهتمام العالمي المتزايد لقضايا تغير المناخ، تزامناً مع الإصرار على ربط بيئة خالية من الكربون بالتخلي عن النفط والغاز والانتقال إلى الطاقة المتجددة والمستدامة، دون الأخذ في الاعتبار الزخم المتزايد في الاستثمار والابتكار والتطوير المستمر في التقنيات النظيفة مثل تقنية احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه، والاهتمام المتزايد برفع كفاءة استخدام الطاقة، وتعزيز استخدام تقنيات التحول الرقمي المرتبطة بتحسين العمليات الاستخراجية للنفط والغاز.
أما التحدث الثالث الذي تواجهه الدول المنتجة والمصدرة للنفط والغاز، والذي ظهر خلال الفترة الأخيرة، فهو "توجيه العناية الواجبة بالاستدامة المؤسسية أو ما يعرف بـ(CSDDD)، والذي من المتوقع أن تكون له اآثار سلبية كبيرة، ليس على قطاع الطاقة فحسب، ولكن على كل القطاعات الاقتصادية الأخرى.
إذ أعلن الاتحاد الأوروبي عن التوجه لفرض غرامة تبلغ 5% من قيمة المبيعات العالمية على الشركات التي تعمل في أوروبا (سواء كانت شركة أوروبية أو من خارج أوروبا) وتجني أرباحًا في أوروبا تزيد قيمتها عن 450 مليون يورو، في حالة عدم الالتزام بثلاثة أمور رئيسة.
أول هذه الأمور، الالتزام باتفاقية باريس بشأن تحقيق صافي الحياد الكربوني، وثانيها، تحمل المسؤولية عن انبعاثات المستوى الأول والمستوى الثاني والمستوى الثالث، وثالثها، المسؤولية عن حقوق العاملين في الشركة الرئيسة وكل فروعها، أو أي شركة أخرى يتم التعامل معها (بما في ذلك الشركات خارج الاتحاد الأوروبي).
وأكد أمين عام المنظمة العربية للطاقة، أهمية الدور المناط بوزراء النفط والطاقة بشأن إبلاغ المعنيين في حكوماتهم بهذا الموضوع بكافة جوانبه، ليتم إثارته في كل اجتماع مع دول أوروبا، والإشارة إلى أنه سيضر بالأعمال الخاصة بدول المنظمة، ويجب أيضاً التفاهم مع الدول والشركات الأخرى حتى يكون هناك توجه وصوت واحد.
ليبيا.. وأسواق الطاقة
في سياق آخر، قال المهندس اللوغاني، إن "ليبيا تعد من ضمن الدول الثلاث المؤسسيين لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول- أوابك"، وهي تقوم بدور فعَال في جميع أنشطة المنظمة، وتمتلك دولة ليبيا حصصًا معتبرة في الشركات الأربع المنبثقة عن المنظمة".
وأضاف أن دول المنظمة تمتلك 717.4 مليار برميل من الاحتياطيات المؤكدة من النفط الخام، أي ما يشكل نحو 54% من الإجمالي العالمي.
وتستأثر دولة ليبيا على حصة تُقدر بنحو 6.7% من إجمالي دول المنظمة العربية للطاقة، وتستحوذ دول المنظمة على نحو 22.9 مليون برميل يوميًا من الانتاج العالمي من النفط الخام، أي ما يشكل 26% من الإجمالي العالمي، وتشكل حصة دولة ليبيا نحو 5.2 % من إجمالي "العربية للطاقة".
وأوضح أن أهم مميزات قطاع النفط في دولة ليبيا هو جودة الخامات النفطية المنتجة، كونها خفيفة ومنخفضة المحتوى الكبريتي، وهذا ما يلائم العديد من مصافي التكرير وخاصة في السوق الأوروبية.
يأتي ذلك إلى جانب تمتع ليبيا بميزة نسبية من حيث موقعها الجغرافي القريب من أسواق الاستهلاك الرئيسة التي يتوقع أن تشهد تزايدًا في الطلب على الطاقة في المستقبل، وهو ما سيتيح الفرصة لتطوير قطاع الطاقة الليبي من أجل توفير الإمدادات النفطية اللازمة لتلك الأسواق.
قطاع الطاقة في ليبيا
فيما يخص قطاع الطاقة في ليبيا، أشار الأمين العام الى أنه يتمتع بآفاق مستقبلية واعدة، بدعم من التوجه للاستفادة من الثروة الهيدروكربونية الهائلة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، من خلال جذب الشراكات الدولية وضخ رأس المال وتحسين الكفاءة وزيادة معدلات الإنتاج في إطار إستراتيجية تحديث البنية التحتية للطاقة، مما سيساعد ليبيا في استعادة مكانتها كلاعب رئيسي في قطاع الطاقة العالمي.
ولاشك أن الخطة الإستراتيجية الطموحة التي تستهدف الوصول بالإنتاج الى 2 مليون برميل يوميًا من النفط، و4 مليارات قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، تعكس التوجه نحو إعادة النظر في السبل المتبعة سابقا في تعزيز الإنتاج والوصول به إلى المستويات المستهدفة.
وقال اللوغاني، إن دولة ليبيا تسعى إلى استغلال مصادر الطاقة المتجددة (الطاقة الشمسية وطاقات الرياح) الهائلة المتوفرة لديها للحصول على طاقة نظيفة، وهو ما يُعد خياراً استراتيجياً من أجل إحداث تنمية مستدامة.
وتمثل الإستراتيجية الوطنية للطاقات المتجددة وكفاءة الطاقة (2023 – 2035) التي أطلقتها دولة ليبيا في نهاية عام 2023، خطوة مهمة نحو مستقبل أكثر استدامة.
وتساهم تلك الإستراتيجية في تنويع مصادر الدخل وتعظيمها، ودعم الإيرادات العامة بعوائد اضافية عن طريق تصدير الكهرباء المولدة من الطاقات المتجددة في مرحلة لاحقة للأسواق المجاورة، فضلاً عن خلق فرص عمل وترشيد استهلاك الطاقة في كل القطاعات.
في ختام كلمته قال الأمين العام، إننا نعتقد جازمين بأن الآفاق المستقبلية لتطوير قطاع الطاقة في ليبيا واعدة، والإمكانات متاحة، والامر يتطلب تكاثف الجهود للقيام ببعض الإصلاحات من خلال التركيز على الشأن الاقتصادي بشكل أكبر.
وتابع: "إن من شأن ذلك خلق بيئة استثمارية جاذبة للشركات البترولية الكبرى المتعطشة لتطوير هذا القطاع المهم، وهذا ما لمسناه اليوم من تواجد لهذه الشركات الكبرى، فضلا عن التعامل مع التحديات التي تواجه صناعة الطاقة العالمية بشكل عام بكل حكمة وروية".
اقرأ أيضًا..
0 تعليق