بموافقة حكومة ائتلافية جديدة، أنهى البرلمان البلغاري فترة طويلة من عدم الاستقرار السياسي، حيث حكمت البلاد إلى حد كبير حكومات مؤقتة وخضعت لـ7 انتخابات في 4 سنوات.
وعلى الرغم من احتلالها المركز الأول في انتخابات أكتوبر 2024، فإن حزب جيرب اليميني الوسطي، الذي يمثل القوة السياسية المهيمنة في البلاد، لم يكن لديه الأغلبية للحكم بمفرده.
ائتلاف مشكوك فيه
قال موقع راديو أوروبا الحرة، في 16 يناير 2025، أن حزب جيرب “مواطنون من أجل تنمية أوروبية لبلغاريا” تمكن، بعد مفاوضات طويلة ومعقدة، من تشكيل ائتلاف مع الحزب الاشتراكي البلغاري الشيوعي السابق والموالي لروسيا؛ وحزب “هناك مثل هذا الشعب” الشعبوي؛ وفصيل من حركة الحقوق والحريات، الذي يمثل العرقية التركية في بلغاريا.
وأضاف التقرير أن الذي سيقود الائتلاف الجديد، رئيس الوزراء، روزن جيليازكوف، وهو مسؤول كبير في جيرب يتمتع بخبرة حكومية واسعة، حيث عمل سابقًا كوزير ورئيس للبرلمان، مشيرًا إلى أن الائتلاف أثار انتقادات من زعماء المعارضة والمحللين السياسيين الذين شككوا في التزامه بمكافحة الفساد والحفاظ على موقف البلاد المؤيد للغرب.
عودة بوريسوف
أوضح التقرير أن العديد من البلغاريين، يربطون تلقائيًّا بين حزب جيرب، بقيادة بويكو بوريسوف، وانتشار الفساد، وباعتباره محورًا للسياسة البلغارية، شغل بوريسوف منصب رئيس الوزراء 3 مرات بين عامي 2009 و2021، وتعرض لانتقادات واسعة النطاق لترؤسه نظامًا يتسم بالفساد الواسع النطاق، ووسائل الإعلام المأسورة، وإساءة استخدام أموال الاتحاد الأوروبي.
وذكر أن بوريسوف تنحى عن منصبه في عام 2021، بعد أشهر من الاحتجاجات الضخمة المناهضة للفساد، وعلى الرغم من فوزه بالانتخابات منذ ذلك الحين، كافح حزب جيرب للعثور على شركاء ائتلافيين، لافتًا إلى أن من المثير للقلق علاقة حزب جيرب بقطب الأعمال القوي والمؤثر، دليان بيفسكي، والذي اتُهم بالفساد واستغلال النفوذ وفرضت عليه أمريكا وبريطانيا عقوبات.
ولكن في الوقت نفسه، لم يكن بوسع التحالف أن ينأى بنفسه عن بيفسكي، كما حث العديد من الساسة البلغاريين، بل ألغى عبارات من المسودات السابقة للاتفاق السياسي كانت لتكبح نفوذه، ودفع هذا القرار التحالف الإصلاحي “نحن نواصل التغيير” و”بلغاريا الديمقراطية” إلى الانسحاب من المفاوضات والبقاء خارج التحالف.
عدم اقتناع
أشار التقرير إلى أن العديد من البلغار غير مقتنعين بهذا الائتلاف، رغم أجندة رئيس الوزراء جيليازكوف الطموحة، والتي تتضمن سن الإصلاحات التي فرضها الاتحاد الأوروبي، والسعي إلى عضوية منطقة اليورو، وتعزيز سيادة القانون، موضحًا أن هذا يرجع جزئيًّا إلى التناقضات المتأصلة في التحالف، خاصة محاولته سد الفجوة بين المصالح المؤيدة للغرب والمؤيدة لروسيا.
وأضاف أن التحالف حذف عبارة “مؤيد لأوروبا” من البيان الافتتاحي، وخفَّف الالتزامات المتعلقة بأوكرانيا وروسيا لاستيعاب إحجام الحزب الاشتراكي البلغاري المؤيد لروسيا تاريخيًّا عن دعم المساعدات المقدمة لكييف، ومن الجدير بالذكر أن حزب “هناك مثل هذا الشعب” بدأ حياته كحركة مناهضة لحزب جيرب، وحركة مناهضة للفساد.
ومع الشلل السياسي الذي اتسمت به الـ4 سنوات الماضية وعدم انطلاق الإصلاحات على الإطلاق، توقف التمويل من الاتحاد الأوروبي، ولن يكون عودة هذا التمويل الحاسم أمرًا سهلاً نظرًا لأنه يتطلب تنفيذ الإصلاحات التي فرضها الاتحاد الأوروبي وتدابير مكافحة الفساد، وهي الإصلاحات التي منعها سابقًا عضو الائتلاف المتشكك في أوروبا “هناك مثل هذا الشعب”.
تأييد أوروبا؟
في ظل الحكومة الجديدة، من غير المرجح أن تحول بلغاريا توجهها بعيدًا عن الاتحاد الأوروبي والغرب، فالبلاد عضو جديد في منطقة شينغن الخالية من التأشيرات، وتعهدت بتجنب التعاون مع “الأحزاب المناهضة لأوروبا”، وفي حديثه، الخميس 16 يناير 2025، قال جيليازكوف إنه سيضمن الاستمرارية في الجغرافيا السياسية للبلاد، مشيرًا إلى منطقة اليورو كأولوية.
وهناك أيضًا بعض الضوابط والتوازنات، ففي كلمة ألقتها أمام البرلمان، في اليوم نفسه، قالت ناديجدا يوردانوفا، من حزب “نواصل التغيير ـ بلغاريا الديمقراطية”، إن المجموعة البرلمانية المعارضة سوف تراقب لترى ما إذا كانت الحكومة سوف تلتزم بالمسار المؤيد لأوروبا، مؤكدةً أن حزبها سيدعم المسار نحو اليورو، والاستقلال في مجال الطاقة، وتحديث الجيش.
اتسمت السنوات الـ4 الماضية بالجمود السياسي والركود الإصلاحي، وهو الأمر الذي لن يتغير بالضرورة الآن بعد أن وافقت بلغاريا على تشكيل حكومة يقودها جيرب، وما يخشاه العديد من البلغاريين الآن ليس فقط أن تظل الأمور على حالها، بل وأن تزداد الأمور سوءًا، والعودة إلى ما يرون أنه عقد من الفساد وعدم الأخلاق.
إخلاء مسؤولية إن موقع جريدة الجوف يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
0 تعليق