يترقب العالم أن يؤدي الهيدروجين منخفض الكربون دورًا محوريًا في التحوّل إلى مجتمع يتمتع بالحياد الصفري، وبحسب أبحاث أجرتها ماكنزي للاستشارات الإدارية، فإن الطلب العالمي على الهيدروجين قد يصل إلى 660 مليون طن بحلول 2050، مقابل 94 مليون طن في 2021، ومن المحتمل أن يسهم هذا في خفض أكثر من 20% من الانبعاثات الكربونية على مستوى العالم.
يُنتج الهيدروجين -في الوقت الحالي- بكميات كبيرة ليتم استخدامه في عديد من الصناعات مثل الفولاذ، وتكرير النفط الخام، وقطاع البتروكيميائيات، وتصنيع منتجات مثل الأمونيا والميثانول، إلا أن إنتاج الهيدروجين من الميثان يولّد ثاني أكسيد الكربون كمنتجٍ ثانوي. وبالنسبة لنا في أرامكو السعودية، فإن طموحنا هو تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. لذلك، فإننا نركّز جهودنا على الهيدروجين منخفض الكربون، ونهدف من خلال ذلك إلى تطوير تقنيات يمكن أن تقلل تكلفة إنتاج الهيدروجين من المصادر الهيدروكربونية، وتسهم في احتجاز ثاني أكسيد الكربون في الوقت نفسه.
حلول النقل
ليس من السهل نقل الهيدروجين، إذ يتطلب نقله في شكل سائل تبريده إلى -253 درجة مئوية، وهو أمر مكلف، لا سيما وان تقنية الهيدروجين السائل لا تزال في مراحل تطويرها الأولى. وبالمقابل، تشكّل التقنيات التي تسمح لنا بتحويل الهيدروجين الأزرق إلى "أمونيا زرقاء" أهمية كبرى، وهي تقنيات يسهل نقلها من خلال تطبيق إجراءات محددة ومُحكمة. وعند وصولها إلى وجهتها، يمكن استخدام الأمونيا المنقولة لتوليد الكهرباء أو تحويلها مرة أخرى إلى هيدروجين يمكن استخدامه لأغراض أخرى.
وقد تم اختبار هذا النوع من الإجراءات في الواقع، حيث أرسلت أرامكو السعودية بالفعل شحنات من الأمونيا الزرقاء - المعتمدة من جهة محايدة - من المملكة إلى كلٍّ من كوريا الجنوبية واليابان. وتواصل الشركة التعاون مع شركائها في آسيا وأوروبا لبناء سلسلة قيمة كاملة للهيدروجين تشمل إنتاجه، والحصول على شهادات اعتماده، ونقله، واستخدامه. وتهدف الشركة من وراء ذلك إلى إنتاج ما يصل إلى 11 مليون طن من الأمونيا الزرقاء سنويًا بحلول 2030.
مشاريع المستقبل
لا يزال هناك كثير من العمل في هذا الجانب، إذ تظل الحاجة قائمة لبنية تحتية جديدة، بدءًا من معامل الإنتاج، وإلى مرافق التخزين في الموانئ. ورغم ذلك فإننا نشهد تقدمًا متسارعا في هذا المجال، لكن طموحنا أن نكون في طليعة هذا التحوّل، ولاعبًا رئيسًا في السوق الجديدة للهيدروجين من خلال جهودنا لإنشاء البنى التحتية وتطوير القدرات اللازمة التي تساعدنا على إنتاج وتصدير ما يحتاج العالم من الهيدروجين منخفض الكربون.
توجد اليوم أكثر من 30 دولة نجحت في تطوير أو تعمل على وضع إستراتيجيات للهيدروجين، ويعكس الاهتمام المتزايد بتطوير سلاسل قيمة للهيدروجين مدى استفادة البلدان الغنية بالموارد الهيدروكربونية من هذه الموارد، ومن مواقعها الجغرافية، ووفرة مصادر الطاقة المتجددة (في بعض الحالات)، والبنية التحتية المتطورة، لتصبح بلدان رائدة في اقتصاد الهيدروجين.
ولكي نتمكن من زيادة الطلب على الهيدروجين، يتوجب علينا بذل مزيد من الجهود خصوصًا فيما يتعلق باتفاقيات الشراء التي تُعد ضرورية لتشجيع الاستثمار. حيث ينبغي للحكومات أن تطبق سياسات تهدف إلى تقليل المخاطر وتحسين الجدوى الاقتصادية لمشاريع الهيدروجين منخفضة الانبعاثات. ويشمل ذلك تحديد الفرص المتاحة للبنية التحتية للهيدروجين، سواء فيما يتعلق بالأصول الجديدة أو البنية التحتية الحالية لإنتاج الغاز الطبيعي التي يمكن إعادة استخدامها لأغراض جديدة. كما يتعين عليها أيضًا إزالة الحواجز التنظيمية، والتعاون لمعالجة المشكلات كتلك المتعلقة بإصدار شهادات الاعتماد، ودعم نشأة سوق للهيدروجين والأمونيا منخفضي الكربون على المستوى الدولي.
أنواع الهيدروجين
من المؤكد أن هناك طرق مختلفة لإنتاج الهيدروجين، بدءًا من الهيدروجين الرمادي التقليدي الذي يُطلق انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وصولًا إلى الهيدروجين الأخضر الذي يُنتج بالتحليل الكهربائي باستخدام مصدر طاقة متجددة مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح.
ولدى أرامكو السعودية قناعة بأهمية أخذ جميع أشكال الهيدروجين منخفض الكربون في الحسبان. رغم أن تركيزنا في الأساس ينصبّ إلى حدّ كبير على إنتاج الهيدروجين الأزرق الذي يعمل على احتجاز ثاني أكسيد الكربون المنبعث من عملية إنتاجه في الوقت الراهن، والعمل أيضًا على تخزين ثاني أكسيد الكربون أو استخدامه لتصنيع منتجات أخرى. ورغم أن الأساس المنطقي هو إنتاج الهيدروجين الأخضر، إلا أنه لا يزال مكلفًا نسبيًا في الوقت الراهن، كما أن العالم -ببساطة- لا يمتلك القدرة الكافية من الطاقة المتجددة لإنتاج الهيدروجين الأخضر بالمستوى المطلوب. لهذا، من المفيد أن نتمكن من الاستفادة من بنيتنا التحتية، وتقنياتنا الرائدة، وتكلفة الإنتاج المنخفضة، وانخفاض كثافة الانبعاثات الكربونية الناجمة عن أعمالنا في مجال التنقيب والإنتاج.
وفي الواقع، لدينا إيمان راسخ في أرامكو السعودية بأن الهيدروجين الأزرق يُعد بديلًا مجديًا وقابل للاستخدام -على المدى المتوسط- يمكنه أن يساعد على تقليل الانبعاثات على مستوى العالم، وتسهيل تحوّل الطاقة، كما يمكن أن يُسهم في تمهيد الطريق لإنشاء شبكات لإنتاج الهيدروجين الأخضر في المستقبل.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
0 تعليق