الناظور تستقبل "إيض يناير" بحفاوة

0 تعليق ارسل طباعة

انخرط نشطاء وفاعلون جمعويون، طيلة الأيام الأخيرة، في احتفالات واسعة بمختلف المدن والجماعات التابعة للنفوذ الترابي لإقليم الناظور، بمناسبة السنة الأمازيغية الجديدة 2975.

الاحتفالات شملت تنظيم أمسيات فنية وثقافية احتضنتها قاعات العروض بالمركبات الثقافية والاجتماعية بالناظور، وبكورينش المدينة والساحات العمومية. وقد شاركت في إحياء هذه المناسبة الوطنية جمعيات وهيئات ونقابات ومؤسسات عمومية.

وتضمنت برامج هذه الأنشطة الاحتفالية تقديم أغان ملتزمة ومقاطع موسيقية، وعرض مسرحيات ومشاهد فولكلورية، إضافة إلى عرض أدوات تراثية أمازيغية، وتكريم شخصيات وفعاليات، وتوزيع الفواكه الجافة.

وفي تصريح لهسبريس، قال محمد بولعيون، ناشط أمازيغي بجماعة سلوان، إن “الاحتفال بالسنة الأمازيغية خلال السنوات الأخيرة متميز بعد إقرارها عطلة رسمية مؤدى عنها. لقد توسع الوعي بهذه المناسبة التي تختزل ثقافة عريقة، ويتجلى ذلك في الاحتفالات العارمة التي حظيت بها السنة الأمازيغية”.

وتابع المتحدث قائلا: “وقد دأبت مجموعة من الجمعيات بالمنطقة على الاحتفال بهذه المناسبة، وأهمها جمعية سلوان الثقافية التي نظمت حفلا ثقافيا كبيرا بالمركب الثقافي والرياضي بحضور مجموعة من الشخصيات البارزة في الجماعة، وبإقامة فقرات فنية متميزة بحضور كبار الفنانين والشعراء بالمنطقة”.

وتعليقا على الاحتفال بالسنة الأمازيغية، قال اليماني قسوح، أستاذ الدراسات الأمازيغية بكلية الناظور: “تابعنا وما زلنا نتابع عن كثب تنظيم احتفالات رسمية وشعبية ومدنية مكثفة، على الصعيد الوطني، وحتى ببلاد المهجر بأوروبا وأمريكا حيث تقيم الجالية الأمازيغية، بمناسبة حلول رأس السنة الأمازيغية الجديدة 2975. ويأتي هذا الزخم الاحتفالي بعد سنتين من الإقرار الرسمي الملكي بالسنة الأمازيغية عطلة رسمية مؤدى عنها، وفي ظل تنامي الوعي العصري بالهوية الأمازيغية”.

وتابع قائلا: “يمكن الحديث عن وجود تطور ملحوظ ونقلة نوعية في الاحتفالات المنظمة بمناسبة رأس السنة الأمازيغية؛ فمن احتفالات شعبية عائلية داخلية حول مائدة وطقوس ومعتقدات وتقاليد ذات خصوصية ومرجعية يتداخل فيها الأسطوري بالطقوسي، والواقعي بالمتخيل، والمعتقد بالعادة، والأمل بالألم والخوف، في إطار تنظيم اجتماعي مرتبط بالأسرة المحدودة، والعائلة الممتدة، والدوار والقبيلة، إلى الاحتفالات في فضاءات عمومية ممتدة من مقرات الجمعيات إلى فضاءات دار الشباب والثقافة ومحلات ودور الضيافة والمكتبات والفنادق، والساحات والشوارع، إلى فضاءات المؤسسات التعليمية الرسمية العمومية والخصوصية”.

ويمكن الحديث، تابع اليماني، عن تطور في نوعية التعاطي مع هذه الاحتفالات بالحدث في شكله التقليدي إلى شكله العصري، من المنع والتحريم إلى الشك والتوجس والتضييق عليه إلى الاعتراف به عيدا وطنيا وعطلة رسمية، فرغم الاعتراف الدستوري بالأمازيغية لغة رسمية سنة 2011، فقد ظل الاعتراف برأس السنة الأمازيغية يتم بشكل غير رسمي، إلى أن أقر الملك يوم 3 ماي 2023، الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، واعتبار يوم 14 يناير من كل سنة ميلادية يوم عطلة مؤدى عنها”.

وأبرز المتحدث أن العودة المكثفة والواسعة والقوية للاحتفال برأس السنة الأمازيغية تنم عن شرعية ومشروعية المطلب الشعبي والحقوقي الذي رفعته الحركة الأمازيغية أواخر القرن العشرين، وبداية القرن الحادي والعشرين”. وزاد قائلا: “إن الاحتفال مكسب تاريخي ومهم للأمازيغية، ينضاف إلى مكاسب أخرى في حاجة إلى مزيد من الأجرأة والتفعيل والتتبع والحماية والتراكم”.

وأوضح أستاذ الدراسات الأمازيغية “أن الاحتفال ينم عن ممارسة متجذرة في الذاكرة الجماعية والتاريخ الشعبي لساكنة الشمال الإفريقي، تنطوي على قيم ثقافية وفلسفية تحتفي بالأرض والطبيعة والبيئة، وبالإنسان وقيم التعاون والتضامن والسلم والسلام، في علاقة بالتقويم الزمني”.

وأضاف: “أسهمت هذه القيم في مقاومة النسيان، ونجحت في تخطي حواجز المنع، ومواقف الإقصاء والتهميش، الممارسة من قبل جهات وأصوات نشازة من ذوي القربى المستلبين والمؤدلجين. منحت هذه القيم لهذه الممارسة الثقافية مزيدا من المناعة والممانعة، وقدرة على الاستمرارية والحياة بروح متجددة وعصرية، وبخطاب جديد، مثلما يحتفل بها اليوم في الأوساط الحضرية والقروية بزخم شعبي ورسمي في كل البلدان التي يسكنها الأمازيغ، وحتى في البلدان التي هاجر إليها هذا الإنسان، وحمل معه إليها ثقافته وقيمه، في سياق العولمة وما تفرضه من خطر التدجين والتوحيد الثقافي”.

وأكد المتحدث أن الاحتفالات بالحدث تلخص عودة الروح المؤمنة بشرعية الهوية الأمازيغية، والدعوة والمشاركة فيها يعطي دفعة قوية للإسهام في بناء حاضرنا ومستقبلنا من منطلق الاعتزاز بقيمنا الثقافية وخصوصياتنا الحضارية، في تناغم وحوار مع القيم والحضارات الإنسانية المحترمة لقيم التنوع والاختلاف والخصوصية؛ على الرغم من غلبة الطابع الاحتفالي والثقافي على الأنشطة المقامة والمنظمة بالمناسبة، فالملاحظ أيضا وجود أنشطة ثقافية مدنية وندوات وموائد ونقاشات علمية أكاديمية حول مواضيع مهمة حول القضية.

وختم اليماني تصريحه لهسبريس قائلا إن “احتفالات رأس السنة الأمازيغية الجديدة 2975 شكلت منعطفا جديدا في تاريخ الاحتفال بالحدث، شكلا ومضمونا، حجمها وكثافتها والمتابعة الإعلامية لها قد تسهم في تطهير أحشاء بعض النفوس المتوجسة من الخطاب الأمازيغي أو التي يسكن دواخلها الخوف من الهوية الأمازيغية لبلادنا التي بدونها لا يمكن الحديث عن دولة مدنية ديمقراطية، ولا عن مجتمع ديمقراطي حداثي”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق