انتقد تقرير حديث حصلت منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) على نسخة منه، ما وصفته بـ"أوهام" وكالة الطاقة الدولية، نظرًا لتركيزها على التحول العالمي بعيدًا عن إمدادات النفط والغاز.
وأكد التقرير، الصادر عن المركز الوطني لتحليلات الطاقة (National Center for Energy Analytics)، أن تقرير الوكالة السنوي "توقعات الطاقة العالمية"، يقدّم لصنّاع السياسات رؤية للاحتمالات المستقبلية، تُعدّ في أفضل الأحوال "مشوهة"، وفي أسوأ الأحوال "خاطئة" بشكل خطير.
وكُتب التقرير -الذي نُشر يوم الأربعاء (29 يناير/كانون الثاني 2025)، بعنوان "أوهام الطاقة"- من قبل الرئيس السابق لقسم صناعة وأسواق النفط في وكالة الطاقة الدولية، نيل أتكينسون، ومدير المركز الوطني لتحليلات الطاقة، مارك ميلز.
وأطلق المؤلفان التقرير إلى جانب السيناتور الجمهوري جون باراسو، والرئيس التنفيذي لشركة خطوط الأنابيب ويليامز (Williams)، الرئيس الحالي لمجلس النفط الوطني آلان أرمسترونغ.
وكان عضو كبير في حزب ترمب الجمهوري وممثلون آخرون لصناعة النفط، ضمن الحاضرين في حدث عُقد في واشنطن للاحتفال بإصدار التقرير.
توقعات مضللة لوكالة الطاقة الدولية
قال تقرير المركز الوطني لتحليلات الطاقة، إن وكالة الطاقة الدولية كانت -على مدى عقود من الزمان- المعيار الذهبي العالمي للمعلومات والتحليلات الموثوقة في مجال الطاقة.
وفي أعقاب التزام حكوماتها الأعضاء باتفاقية باريس للمناخ لعام 2015، غيّرت الوكالة مهمّتها جذريًا، لتصبح مروّجة للتحول في مجال الطاقة.
وفي عام 2022، عزّز مجلس إدارة وكالة الطاقة مهمتها المتمثلة في "توجيه البلدان خلال بناء أنظمة الطاقة ذات الانبعاثات المحايدة للكربون للامتثال لأهداف المناخ المتفق عليها دوليًا".
وشدد التقرير -الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة- على أنه من الخيال توقُّع أنه على مدى السنوات الـ6 المقبلة، لن يستمر النمو في عدد سكان العالم واقتصاده في اتجاه دامَ قرنين من الزمان، ويؤدي إلى زيادة استعمال الوقود الأحفوري الذي يوفر اليوم أكثر من 80% من إجمالي الطاقة، وهو أقل بقليل من الحصة التي شوهدت قبل 50 عامًا.
وجاء في التقرير: "إن مناقشة التعقيدات في الافتراضات المعيبة حول سيناريوهات الطاقة ليست مجرد تدريب نظري.. إن سمعة وكالة الطاقة الدولية ما تزال تؤثّر، ليس فقط في تريليونات الدولارات من قرارات الاستثمار، بل أيضًا في السياسات الحكومية ذات العواقب الجيوسياسية البعيدة المدى".
وأضاف أن وكالة الطاقة الدولية تُلحق الضرر بإرثها الطويل بوصفها جهة مراقبة رائدة في العالم لأمن الطاقة، من خلال تقديم توقعات "مضللة" بشكل خطير.
ذروة إنتاج النفط العالمي
وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة، يحدّد التقرير 23 افتراضًا قدّمتها الوكالة، أدّت إلى ما أسمته "استنتاجًا معيبًا" بأن إنتاج النفط العالمي سيبلغ ذروته بحلول عام 2030، وأنه لا توجد حاجة إلى استثمار جديد في النفط والغاز.
وأكد التقرير أن النفط يظل حجر الأساس الجيوسياسي والمصدر الأكبر للطاقة العالمية، أي أكبر بـ10 مرات من طاقة الرياح والطاقة الشمسية مجتمعتين، في حين إن السيناريوهات الأخرى المتعلقة بمصادر الطاقة الأخرى بالغة الأهمية أيضًا.
وعلى أقل تقدير، أشار التقرير للحاجة إلى سيناريوهات واقعية عمومًا، وفي حالة النفط، هناك احتمال أعلى بكثير لاستمرار نمو الطلب في المستقبل المنظور، وربما بشكل كبير.
وقال التقرير، إن وكالة الطاقة تقلّل من تقدير النمو في الاقتصادات الناشئة، وكذلك في أسواق البلاستيك والبتروكيماويات، وتبالغ في تقدير وتيرة تبنّي المركبات الكهربائية.
وكتب المؤلفان: "إن التطلعات الترويجية والافتراضات الخاطئة التي تقوم عليها سيناريوهات ذروة الطلب التي وضعتها وكالة الطاقة الدولية لها آثار خطيرة، نظرًا للاعتبارات الاقتصادية والأمنية العالمية الواضحة في التخطيط لإمدادات الطاقة الموثوقة وبأسعار معقولة وتوفيرها".
ورفض السيناتور الجمهوري جون باراسو، الذي قاد تقريرًا للكونغرس ينتقد وكالة الطاقة الدولية لتركيزها على البيئة، الردّ، عندما سُئل عمّا إذا كان يعتقد أن رئيس الوكالة فاتح بيرول يجب استبداله، لكنه قال، إن الوكالة تخاطر بفقدان أهميتها.
وقال على هامش حدث إطلاق التقرير: "سيجري تجاهلهم؛ لأنهم يبنون مقترحاتهم على تطلعات لن تتحقق أبدًا، والعالم يرى ذلك، والانتخابات ترفض ما يريدونه".
ردّ وكالة الطاقة الدولية
من جانبها، قالت وكالة الطاقة الدولية، إن تقرير المركز الوطني لتحليلات الطاقة "مليء بالأخطاء الأولية"، و"التمثيلات الخاطئة الأساسية حول أنظمة الطاقة عمومًا ونماذج وكالة الطاقة الدولية خصوصًا"، في بيان صدر يوم الأربعاء (29 يناير/كانون الثاني 2025).
وقالت الوكالة، إنها ترحّب بالأفكار لتحسين تحليلها، وفق ما نقلته وكالة رويترز.
وأضافت الوكالة في بيانها: "يشير التقرير أيضًا بشكل غير صحيح إلى أن توقعات وكالة الطاقة الدولية للطلب على النفط هي حالة شاذة.. في الواقع، تتوافق التوقعات بشكل جيد مع السيناريوهات المماثلة للمنظمات الأخرى، بما في ذلك شركات النفط الكبرى".
وعلى عكس تصريحات وكالة الطاقة، يوضح الجدول التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- تباين توقعات الطلب العالمي على النفط والمعروض في عام 2025:
يُذكر أن وكالة الطاقة قدّمت أبحاثًا وبيانات للحكومات الصناعية لأكثر من نصف قرن، لتوجيه السياسة بشأن أمن الطاقة والإمدادات والاستثمارات.
ومع قيام الدول الأعضاء ببناء إمدادات الطاقة المتجددة بسرعة، والسعي للحصول على مدخلات بشأن السياسات الخاصة بالتحول نحو اقتصاد منخفض الكربون، تحولت وكالة الطاقة الدولية معهم.
وقد أثار ذلك انتقادات من صناعة النفط والجمهوريين وترمب وفريقه، الذين يعيدون تركيز سياسة الطاقة الأميركية على زيادة إنتاج النفط والغاز، ويقولون، إن تركيز الإدارة السابقة على مصادر الطاقة المتجددة يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الطاقة.
وفي العام الماضي (2024)، حددت حملة ترمب التركيز على المناخ من قبل وكالة الطاقة الدولية بوصفه قضية يمكنه معالجتها عندما يتولى مهامه الرئاسية؛ إذ يتمتع ترمب بنفوذ على وكالة الطاقة الدولية، لأن الولايات المتحدة توفر ربع تمويلها.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
- تقرير المركز الوطني لتحليلات الطاقة من الموقع الرسمي للمركز.
- معلومات إضافية عن ردّ وكالة الطاقة على تقرير المركز الوطني لأبحاث الطاقة من وكالة رويترز.
0 تعليق