تُشكل إمكانات الطاقة المتجددة في سوريا فرصة كبيرة لتحقيق تحول جذري في قطاع الكهرباء، بفضل الموارد الطبيعية المتنوعة التي تمتلكها البلاد.
ومع الحاجة المتزايدة لتلبية الطلب على الكهرباء وتعزيز التنمية المستدامة، تبرز أهمية استثمار الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في المناطق التي توفر ظروفًا مثالية لتحقيق ذلك.
ووفقًا لبيانات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تتمتع سوريا بميزات طبيعية فريدة مثل الإشعاع الشمسي العالي وسرعات الرياح المناسبة؛ ما يجعلها مؤهّلة لبناء مشروعات طاقة متجددة واسعة النطاق، ورغم ذلك؛ فإن البلاد تواجه تحديات تقنية وتمويلية تعوق استغلال هذه الإمكانات بشكل كامل.
ورغم الجهود المبذولة في إنشاء مشروعات محدودة لإنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، يبقى حجم الاستثمار والتبني التقني أقل من الدول العربية الرائدة في هذا المجال مثل مصر والإمارات.
بالإضافة إلى ذلك، تبرز الحاجة الماسة إلى تطوير البنية التحتية لنقل الطاقة وإعادة تأهيل شبكات الكهرباء لتواكب التطورات الحديثة. التعاون مع الشركات الدولية والاستفادة من الخبرات الإقليمية يمكن أن يكون مفتاحًا لتسريع هذه الخطوات وتحقيق نقلة نوعية في هذا القطاع الحيوي.
وفي هذا السياق، يستعرض هذا التقرير إمكانات الطاقة المتجددة في سوريا، من خلال تحليل إمكانات الطاقة الشمسية والرياحية في تدمر والسخنة، مع تحليل الواقع الحالي مقارنة بدول عربية أخرى.
إمكانات الطاقة الشمسية في تدمر
تعد إمكانات الطاقة الشمسية في تدمر إحدى الركائز الواعدة لتحقيق الاستدامة، التي يُعوّل عليها لدعم قطاع الطاقة المتجددة في سوريا.
وتتميز تدمر بموقعها الجغرافي وسط البادية السورية؛ إذ تسجل أكثر من 300 يوم مشمس سنويًا؛ ما يوفر ظروفًا مثالية لإنشاء محطات شمسية ضخمة.
كما يبلغ متوسط الإشعاع الشمسي اليومي في المنطقة 6 إلى 7 كيلوواط/ساعة لكل متر مربع؛ ما يجعلها واحدة من أكثر المناطق إشعاعًا في البلاد، وفق بيانات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتتميز الأراضي في تدمر بكونها مستوية ومفتوحة؛ ما يقلل من تكاليف إنشاء المزارع الشمسية. ويمكن استغلال المساحات الصحراوية الواسعة القريبة لإنشاء مشروعات كبرى لتزويد المناطق السكنية والصناعية بالكهرباء النظيفة.
ومقارنة بدول عربية أخرى مثل الإمارات، التي تُعد من رواد الاستثمار في الطاقة الشمسية من خلال مشروعات كبرى مثل مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية؛ فإن سوريا لا تزال في مراحلها الأولى.
وبينما تمكّنت الإمارات من إنتاج آلاف الميغاواط باستعمال تقنيات متقدمة، تحتاج سوريا إلى دعم دولي وتقني لتفعيل إمكاناتها الكاملة.
إمكانات طاقة الرياح في السخنة
تُشكِّل إمكانات طاقة الرياح في السخنة فرصة مميزة لتوسيع نطاق الطاقة المتجددة في سوريا.
وتقع السخنة على طريق تدمر-دير الزور، وتتميز بمساحات مفتوحة وتضاريس منبسطة تسهل تركيب توربينات الرياح، وتتراوح سرعة الرياح في المنطقة بين 5 و8 أمتار/ثانية في أوقات الذروة؛ ما يجعلها مناسبة لتوليد الكهرباء من خلال طاقة الرياح، بحسب ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
ومن الناحية التقنية، توفر التضاريس المستوية في السخنة ظروفًا مثالية لتركيب التوربينات وتقليل التحديات الهندسية، إلا أن المنطقة تحتاج إلى تطوير شبكات ربط كهربائي وتجهيزات صيانة حديثة لمواكبة تشغيل مشروعات الرياح.
وعند مقارنة السخنة بمناطق في دول عربية أخرى مثل مصر، التي طورت محطة الزعفرانة لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح بطاقة تصل إلى مئات الميغاواط، نجد أن مستوى التبني التقني في سوريا لا يزال متواضعًا.
ومع ذلك، فإن السخنة تمتلك إمكانات كبيرة يمكن استغلالها لتلبية احتياجات المجتمعات القريبة ودعم إمكانات الطاقة المتجددة في سوريا لتحقيق أمن الطاقة.
مقارنة إقليمية وتوصيات
بينما تتجه دول عربية مثل مصر والإمارات نحو تحقيق تقدم كبير في مجال الطاقة المتجددة، لا تزال سوريا في بداية رحلتها.
وتستهدف إستراتيجية الطاقات البديلة الوصول إلى 2500 ميغاواط من الطاقة الكهروضوئية و1500 ميغاواط من الطاقة الريحية و1.2 مليون خزان شمسي بإجمالي 4 آلاف ميغاواط، بنهاية عام 2030.
وفي مصر، طُوِّرَ العديد من مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لتلبية الطلب المحلي وتصدير الكهرباء إلى دول الجوار، أما الإمارات، فتمكنت من تحقيق قفزات نوعية من خلال استثمارات ضخمة في مشروعات الطاقة المتجددة، وشراكات دولية.
وعلى الرغم من التحديات؛ يمكن لإمكانات الطاقة المتجددة في سوريا أن تحظى بتقدم كبير من خلال خطوات مدروسة، تشمل:
- زيادة الاستثمار الدولي: التعاون مع مؤسسات دولية للحصول على تمويل ودعم تقني لإنشاء مزارع طاقة شمسية ورياحية في تدمر والسخنة.
- تطوير البنية التحتية: تحسين شبكات الكهرباء لتسهيل نقل الكهرباء المولدة إلى مناطق الاستهلاك.
- التدريب المحلي: تأهيل الكوادر المحلية لصيانة مشروعات الطاقة المتجددة وتشغيلها وضمان استدامتها.
- إنشاء مشروعات تجريبية: البدء بمحطات صغيرة لتقييم الجدوى الاقتصادية والتقنية قبل التوسع في مشروعات أضخم.
الخلاصة
تُشكِّل إمكانات الطاقة المتجددة في سوريا فرصة استثنائية لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز أمن الطاقة.
ومع الاستثمار السليم والتخطيط الإستراتيجي، يمكن لتدمر أن تصبح مركزًا للطاقة الشمسية، كما يُمكن للسخنة أن تؤدي دورًا محوريًا في إنتاج الكهرباء من الرياح، ورغم التحديات؛ فإن المستقبل يبدو واعدًا إذا ما استُغلّت هذه الإمكانات بشكل فعّال.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر..
0 تعليق