بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولايته الثانية برسالة صارمة وواضحة مفادها أنه سينفذ كل ما وعد به خلال حملته الانتخابية.
وبعد أربعة أعوام من العزلة السياسية إثر انتهاء ولايته الأولى والمشكلات القضائية، عاد ترامب ليؤكد عزمه على إعادة تشكيل الحياة الأمريكية في جوانبها السياسية والثقافية والاجتماعية بسرعة، ساعيًا لتحقيق الوعود التي أوصلته إلى العودة إلى السلطة.
تغييرات جذرية
رغم أن بعض القرارات قد لا تنجح على المدى البعيد، إلا أن الولايات المتحدة تبدو مختلفة عما كانت عليه قبل أسبوعٍ واحد فقط، بحسب تحليل نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية السبت 25 يناير 2025.
ومن بين أبرز التغييرات التي بدأها ترامب، إلغاء العديد من السياسات المتعلقة بتغير المناخ، وزيادة مناطق التنقيب عن النفط.
كما اعترف الحكومة الأمريكية بجنسين ثابتين فقط هما الذكر والأنثى، مع تغيير تسمية المهاجرين إلى “غرباء” وتوجيه السلطات الحدودية إلى ترحيلهم، كما منح السلطات صلاحية استهداف المستشفيات والمدارس والكنائس للبحث عن المهاجرين غير الشرعيين وترحيلهم.
ماذا عن التعريفات الجمركية؟
فيما يتعلق بالتجارة الخارجية، لم تُفرض بعد التعريفات الجمركية الضخمة التي أعلن عنها، لكن الدول في أنحاء العالم تستعد لتلك التي وعد بها ترامب.
وقبل بدء ولايته، كشف ترامب عن خطط لفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على منتجات من المكسيك وكندا، بالإضافة إلى 10% على المنتجات الصينية، ورغم أن هذه الرسوم لم تُفرض فورًا، أوضح ترامب أنه ينوي تنفيذها في الأول من فبراير.
ومن جهة أخرى، جرى إلغاء السياسات التي تدعم التنوع والشمول في الحكومة الفيدرالية، كما جرى استعادة الحظر على تمويل الإجهاض في الخارج وأُطلق على خليج المكسيك “خليج أمريكا”.
استبعاد موظفين من الحكومة
من خلال سلسلة من القرارات التنفيذية، بدأ ترامب بتغيير المعالم الأساسية للحكومة الأمريكية، مثل استبعاد الموظفين الحكوميين الذين يعتبرهم غير موالين، إضافة إلى إلغاء تصاريح الأمان للعديد ممن يعتبرهم أعداء سياسيين.
كما أعطى مهلة مؤقتة لتطبيق حظر “تيك توك” الذي يواجهه مع اعتراضات واسعة بشأن تهديده للأمن القومي.
الهجرة.. معركة ترامب الكبرى
لم تلقَ قضية الهجرة أي اهتمام أكبر في الأيام الأولى من ولاية ترامب مثلما لقيت في هذا المجال؛ فالهجرة لطالما كانت قضية محورية في هويته السياسية، وأعلن خلال حملته الانتخابية لعام 2024 عن عزمه على إجراء تغييرات جذرية في سياسات الهجرة، وأصدر ترامب أكثر من عشرة أوامر تنفيذية تتعلق بالهجرة.
تشمل التعديلات اعتبار أن الولايات المتحدة تتعرض لهجوم من مهاجرين خطرين عبر الحدود المكسيكية، ومن بين أبرز التعديلات، إلغاء السياسات التي تمنع ضباط الهجرة من مداهمة الكنائس والمدارس والمستشفيات، وإغلاق الحدود أمام اللاجئين الذين جرى الموافقة عليهم مسبقًا.
كما بدأ ترامب إجراءات ترحيل مليون شخص كان الرئيس السابق جو بايدن قد سمح لهم بالبقاء بشكل قانوني مؤقت، وواصل محاولاته لتقليص حق الجنسية المولودة في البلاد، وهو أمر تنفيذ عطله القضاء الفيدرالي على اعتبار أنه غير دستوري.
الطاقة وتغير المناخ.. استعادة الهيمنة الأمريكية
أصدر ترامب مجموعة من الأوامر التنفيذية التي تهدف إلى توسيع استخدام الوقود الأحفوري وتقليص الجهود الفيدرالية لمكافحة تغير المناخ.
وانسحب ترامب من اتفاقية باريس للمناخ، وأوقف عدة جهود تهدف إلى تحضير البلاد لمخاطر الاحترار العالمي، كما بدأ خططًا لفتح المزيد من الأراضي في ألاسكا للتنقيب عن النفط، وأمر بتجميد تصاريح مزارع الرياح على مستوى البلاد.
وبالرغم من أن وعود ترامب “بإطلاق العنان” للطاقة الأمريكية قد تستغرق وقتًا لتحقيق نتائج ملموسة، إلا أنه بدأ إجراءات لتسهيل منح تصاريح خطوط الأنابيب الغازية والتعدين، فضلًا عن إلغاء القوانين التي تشجع السيارات الكهربائية، وقد يواجه ترامب تحديات قانونية في تنفيذ هذه السياسات، كما أن بعض الإجراءات قد تستغرق سنوات لإتمامها.
تضييق على سياسات “الجندر”
أصدر ترامب أمرًا تنفيذيًا يقضي بحماية النساء من “التطرف الأيديولوجي الجنسي”، حيث فرضت الحكومة الاعتراف فقط بجنسين ثابتين، الذكر والأنثى.
هذا الأمر ينقض السياسات التي أطلقتها إدارة بايدن والتي كانت تسمح للأشخاص المتحولين جنسياً أو أصحاب الهوية الجنسية غير التقليدية بالاعتراف بهويتهم في تعاملاتهم مع الحكومة.
كما وجه الأمر بإغلاق المكاتب المعنية بالتنوع والشمول في جميع الوكالات الحكومية، وأمر بتسريح الموظفين العاملين في هذه المبادرات، الأمر يتضمن أيضًا توجيه الموظفين الفيدراليين للإبلاغ عن أي محاولات لتجاوز هذا القرار.
الرعاية الصحية وتقليص الحكومة
أوقف ترامب توسيع الوصول إلى التأمين الصحي في إطار قانون الرعاية الصحية الميسرة، وهو ما يعكس سياسة ترامب في تقليص دور الحكومة الفيدرالية في تقديم الرعاية الصحية لصالح سلطة إضافية للولايات.
وأصدر ترامب أمرًا تنفيذيًا يسهّل فصل الموظفين الفيدراليين، بما في ذلك الآلاف من كبار المسؤولين، وذلك تحت مبرر التخلص من العناصر “غير الموالية” داخل الحكومة، كما فُرضت قيود على التوظيف الحكومي وتجميد العروض الوظيفية للمرشحين الذين كان من المقرر بدء عملهم قريبًا.
تغييرات دائمة
في خطوة أخرى، سحب ترامب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية، معتبراً أن الوكالة فشلت في الاستجابة الفعالة لجائحة كورونا.
إجمالاً، من الواضح أن ترامب عازم على إحداث تغييرات جذرية في هيكل أمريكا السياسي والاقتصادي، هذه التغييرات، التي تتراوح بين إعادة هيكلة سياسات الهجرة، وتوسيع الاعتماد على الطاقة الأحفورية، إلى تغييرات في الحقوق المدنية، تشير إلى أن ترامب يسعى إلى ترك بصمات دائمة على تاريخ الولايات المتحدة في ولايته الثانية.
إخلاء مسؤولية إن موقع جريدة الجوف يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
0 تعليق