لم يتصور قادة البيت الأبيض أن قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخاصة بالرسوم الجمركية على كل من المكسيك وكندا والصين، قد تؤدي إلى أزمات، أو أن أحدًا قد يناقش أو يرد على هذه الإجراءات، ولكن ما حدث كان العكس تمامًا.
ويكشف مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، عن أن حالة من الهلع ضربت البيت الأبيض، صباح يوم الإثنين 3 فبراير/شباط 2025، وهو اليوم السابق للموعد المحدد لبدء تطبيق الرسوم على كندا والمكسيك.
وقال إن النتائج التي حدثت لم يكن أحد يتوقعها، إذ إن ترمب أراد أن ينخفض الدولار لكنه ارتفع، وأراد خفض أسعار النفط لكنها ارتفعت، كما انهارت أسواق الأسهم التي أراد أن يرفعها، وكذلك انخفضت قيمة العملات المشفرة، بما فيها عملته وعملة زوجته.
ولفت إلى أن جميع الخبراء توقعوا أن يحدث هذا، لكن الإدارة الأميركية الجديدة كانت تتصور أنها تتحكم في العالم كما تشاء، ولا يستطيع أحد أن يرد عليها، لذلك كانت هناك ردود فعل لم يتوقعوها أو يحسبوا حسابها.
جاء ذلك خلال حلقة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، قدّمها أنس الحجي عبر مساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، بعنوان: "النفط في ساحة معارك ترمب التجارية ووكالة الطاقة الدولية".
رد فعل كندا والمكسيك
تطرّق مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة إلى رد فعل كندا والمكسيك على الرسوم الجمركية من جانب ترمب، إذ فرض الكنديون رسومًا مماثلة، لكنهم كانوا إستراتيجيين جدًا في اختيارهم، إذ اختاروا الولايات الجمهورية التي تدعم ترمب مباشرة، واستهدفوا الصناعات المهمة في هذه الولايات.
على سبيل المثال، تُعد فلوريدا الأهم في مجال الزراعة، خاصة تصدير البرتقال وعصيره، لذلك فرضت كندا رسومًا جمركية عالية جدًا عليها، وهو الأمر نفسه بالنسبة إلى ولاية تكساس، لذلك كان خيارهم إستراتيجيًا تمامًا.
وبالنسبة إلى المكسيك، قال أنس الحجي إنها ردت -أيضًا- بصورة قوية على موضوع التعرفة بأخرى إضافية، لدرجة أن جمعية سائقي الشاحنات في الولايات المتحدة، وهي جمعية ضخمة جدًا، أعلنت رفضها لأي إجراء ضدها.
وأضاف: "الولايات المتحدة تضم شبكة طرق ضخمة ليس لها مثيل في العالم، ويقوم الاقتصاد الأميركي على موضوع الشحن، إذ هناك عدد الشاحنات كبير جدًا، وكل شيء في الاقتصاد الأميركي يقوم بالشحن على الطرق".
وأوضح أن هذه الشاحنات مهمة جدًا، وهي شريان لكل الجسد الأميركي، لذلك أعلنت جمعية سائقي الشاحنات رفضها الصريح، وقاومت موضوع التعرفة الجمركية خاصة على المكسيك، لأن أغلب هذه الشاحنات تتجمع فيها.
وتابع: "اكتشفوا أن سعر الشحن سيرتفع بمقدار 35 ألف دولار بسبب هذه الضرائب، عدا عن ارتفاع أسعار الديزل، وقد أجرينا تحليلًا سريعًا فاكتشفنا أن أسعار الديزل الـ10% على النفط الكندي، سترتفع بحدود 10 إلى 11 سنتًا دون أي رد فعل من كندا".
أما إذا ردت كندا، وفق الحجي، فسيكون الارتفاع أكبر، لذلك ما إن انتشر الخبر ارتفعت أسعار البنزين بأكثر من 35 سنتًا، وأسعار الديزل بأكثر من 40 سنتًا، فكان هناك ارتفاع كبير في الأسعار، في حين الضرائب لم تبدأ بعد، لذلك فقد استيقظ ترمب يوم الإثنين على كل هذه المشكلات، لذلك تراجع.
من المنتصر الآن؟
ردًا على سؤال: من المنتصر الآن؟ بعد تراجع ترمب عن فرض الرسوم الجمركية يوم الثلاثاء 4 فبراير/شباط على كندا والمكسيك، قال الدكتور أنس الحجي إن أنصار الرئيس الأميركي يقولون إنه انتصر، في حين يقول أنصار رئيس الوزراء الكندي إنه المنتصر، ويقول أنصار رئيس المكسيك إنه انتصر.
ولكن حقيقة الأمر، أنه في نهاية يوم الإثنين 3 فبراير/شباط 2025، أعلن الرئيس الأميركي أنه سيوقف كل الزيادة على الرسوم الجمركية، وسينتظر شهرًا كاملًا لحين تنفيذ ما جرى الاتفاق عليه بينهم.
وأضاف أنس الحجي: "المتفق عليه هو أن ينشر الجيش الكندي عددًا كبيرًا من جنوده على الحدود لوقف الهجرة غير الشرعية وتجارة المخدرات، وإنفاق 1.1 مليار دولار كندي على مشروعات تتعلق بالحدود.
في الوقت نفسه، وافقت الحكومة المكسيكية على نشر 10 آلاف جندي على طول الحدود الأميركية المكسيكية، لوقف الهجرة ووقف المخدرات، ولكن المشكلة أن هذا الإعلان الذي جرى أمس من الحكومة الكندية، سبق إعلانه في 16 ديسمبر/كانون الأول 2024، في وجود بايدن.
وتابع: "المنتصر الآن هو من حقّق ما يريده، ولكن إذا كان الكنديون أعلنوا الأمر في ديسمبر/كانون الأول الماضي، في ظل وجود بايدن في البيت الأبيض، فإن ترمب هو من تراجع وليس العكس، على الرغم من أن الإعلام الأميركي يحاول أن يظهره على أنه حقّق ما يريد".
وأكد الحجي أن هذه الفكرة مهمة، لأن الرئيس الأميركي سيطلب أشياء كثيرة من العالم العربي، ويجب معرفة كيف ستسير الأمور، إذ بالنسبة إلى المكسيك وافقت على جلب 10 آلاف جندي، لكن في الاتفاق -مع إدارة ترمب السابقة- كان العدد 20 ألفًا، وهو ما يكشف أيضًا عن أنه تراجع.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر:
0 تعليق