أشارت تقارير حديثة إلى أن زيادة الاعتماد على مكونات توربينات الرياح البحرية الصينية قد تعرّض أوروبا لمخاطر أمنية كبيرة وللهجمات الإلكترونية المحتملة.
وحذّر تقرير تدعمه الحكومة الهولندية من أن الاعتماد المتزايد على مكونات توربينات طاقة الرياح البحرية الصينية قد يُخضع أوروبا لنفوذ بكين الجيوسياسي، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وتسلّط الدراسة التي أجرتها المؤسسة الهولندية للبحوث العلمية التطبيقية "تي إن أوه" (TNO)، الضوء على مخاطر الاعتماد الإستراتيجي على الموردين الصينيين، بما في ذلك إمكان وقوع هجمات إلكترونية أو اضطراب جيوسياسي في أثناء النزاعات، خصوصًا بشأن تايوان.
بدوره، قال السير ريتشارد ديرلوف، الذي قاد جهاز الاستخبارات الخارجية البريطانية "إم آي 6" من عام 1999 إلى عام 2004، لصحيفة تايمز The Times: "إن تودّد الاستثمار الصيني لثورة الطاقة المتجددة" يجعل المملكة المتحدة "عُرضة لهيمنة بكين".
الهيمنة الصينية المتزايدة في مجال طاقة الرياح
عزّزت الصين مكانتها قائدة عالمية في مجال طاقة الرياح، حيث يوجد في البلاد 6 من أكبر 10 شركات لتصنيع التوربينات في العالم.
وتمتد هذه الهيمنة إلى الأسواق الدولية، بما في ذلك أوروبا، حيث يحرص مصنعو توربينات الرياح البحرية الصينيون على التوسع، على الرغم من اعتراض صناع السياسات الأوروبيين وقادة الصناعة.
ويمثّل تحول أوروبا إلى الطاقة الخضراء "فرصة فريدة"، لتقليل الاعتماد على الموردين غير الموثوق بهم، مثل روسيا، وفقًا للمؤسسة الهولندية للبحوث العلمية التطبيقية "تي إن أوه".
ويُعد هذا الاعتماد كبيرًا، تحديدًا، في سلسلة توريد المغناطيسات الدائمة القائمة على المعادن النادرة الضرورية لمولدات الرياح البحرية.
تضمين المكونات الصينية في البنية التحتية الأوروبية
يسلّط تقرير المؤسسة الهولندية للبحوث العلمية التطبيقية الضوء على المخاطر التي يفرضها تضمين المكونات الصينية في البنية التحتية للطاقة الحيوية في أوروبا.
وبموجب القانون، يتعيّن على الشركات الصينية التعاون مع وكالات الاستخبارات الحكومية إذا لزم الأمر، ما يجعل حتى الشركات الخاصة خاضعة للأهداف الجيوسياسية لبكين، حسبما طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
ويحذّر التقرير من أن المعدات والبرمجيات الصينية قد تحتوي على نقاط ضعف -سواء أُدخلت عمدًا أو موجودة عن غير قصد- التي قد تستغلها الجهات الفاعلة في الدولة.
في المقابل، يوفّر الاعتماد على الموردين الصينيين للتحديثات والصيانة والدعم التقني منافذ إضافية للهجمات الإلكترونية المحتملة.
وذكر التقرير أن "تضمين المنتجات الصينية المعقدة في أنظمة الطاقة يمنح الدولة الصينية فرصًا أكبر لاستغلال نقاط الضعف وتنفيذ الهجمات في وقت لاحق".
تحذير من الاعتماد على الصين في توربينات الرياح البحرية
حذر الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني (إم آي 6) من الإفراط في الاعتماد على الصين في توربينات الرياح.
وأصدر رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني السابق، السير ريتشارد ديرلوف، تحذيرًا خطيرًا بشأن تعميق العلاقات بين المملكة المتحدة والصين، في أعقاب زيارة وزيرة الخزانة البريطانية، راشيل ريفز، الأخيرة إلى بكين.
وكانت زيارة ريفز التي استمرت 3 أيام، تهدف إلى تعزيز الاستثمار في الصناعات البريطانية، لكن ديرلوف حذّر من مخاطر الاعتماد على الصين في البنية التحتية للطاقة الحيوية.
وأشار إلى أن الاعتماد المتزايد على الصين قد يجعل المملكة المتحدة عُرضة للخطر، حيث تخضع الصناعات الصينية مباشرة للحزب الشيوعي الصيني.
وانتقد ديرلوف ما يراه دفعًا أيديولوجيًا من قبل حكومة المملكة المتحدة، بقيادة وزير الطاقة، إد ميليباند، لمتابعة سياسات الحياد الكربوني على حساب الاعتبارات الأمنية.
من جهتها، تسلط الأبحاث الصادرة عن جامعة شيفيلد هالام البريطانية الضوء على أن المواد الأساسية لإنتاج الطاقة المتجددة -مثل البولي سيليكون- يتم الحصول عليها من منطقة الأويغور في الصين، إذ تُستغل العمالة القسرية، حيث تمثل هذه المنطقة 35% من إنتاج البولي سيليكون في العالم.
ويعتقد السير ريتشارد أن هذا الاعتماد على الصين قد يضر بالمملكة المتحدة اقتصاديًا وأخلاقيًا.
وقال: "أنا متأكد من أن الصينيين سعداء للغاية بالإسهام في إضعاف قاعدتنا الصناعية".
التعامل مع هيمنة الصين على طاقة الرياح
تواجه أوروبا خيارَيْن صعبَيْن في التعامل مع هيمنة الصين على طاقة الرياح، وفقًا للمؤسسة الهولندية للبحوث العلمية التطبيقية "تي إن أوه".
ويتمثّل الخيار الأول في تحمل تكاليف عزل سوقها من خلال رفع العوائق التجارية والاستثمار بكثافة في إنتاج طاقة الرياح المحلية من خلال الإعانات والآليات الأخرى.
وعلى الرغم من أن هذا النهج يعزز استقلال الطاقة، فإنه يفرض عبئًا ماليًا على دافعي الضرائب، وقد يجهد صناعة الرياح المتعثرة، حاليًا، في الاتحاد الأوروبي.
ويتضمّن الخيار الثاني قبول الاعتماد المتزايد على الموردين الصينيين، ما يعرّض الاتحاد الأوروبي لمخاطر اقتصادية وأمنية وطنية كبيرة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
0 تعليق