تسعى مصر إلى تعزيز مكانتها بصفتها مركزًا إقليميًا لتجارة الطاقة، من خلال توقيع صفقات للاستفادة من احتياطيات غاز ضخمة من حقول بحرية في شرق المتوسط.
يأتي ذلك ضمن إستراتيجية القاهرة التي تهدف إلى تأمين إمدادات الغاز وتحقيق أقصى استفادة من البنية التحتية القائمة لإسالة الغاز وتصديره.
ووفقًا لتقرير طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تتطلع مصر إلى توقيع اتفاقيتين جديدتين مع قبرص خلال الزيارة المرتقبة للرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليديس إلى القاهرة في 17 فبراير/شباط الجاري، وهو ما قد يشكّل دفعة كبيرة لقطاع الطاقة، ولا سيما مع تصاعد الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال.
وتتعلق الاتفاقيتان بالاستفادة من احتياطيات غاز تصل إلى نحو 6 تريليونات قدم مكعبة من حقل أفروديت الذي تديره شركة شيفرون، ويحتوي على احتياطيات تُقدَّر بـ3.5 تريليون قدم مكعبة، وحقل كرونوس الذي تديره شركة إيني، وتصل احتياطياته إلى 2.5 تريليون قدم مكعبة.
وتأمل القاهرة في أن تسهم الصفقة المرتقبة لربط حقول قبرص في تعزيز إمدادات الغاز الطبيعي، سواء للاستهلاك المحلي أو لإسالته وإعادة تصديره إلى الأسواق العالمية.
وتتوقع وزارة البترول والثروة المعدنية أن تتضمن الاتفاقية بنودًا لتوريد الغاز المستخرج من حقل كرونوس إلى محطة إسالة الغاز في دمياط، التي تديرها شركة إيني، بينما سيُربط حقل أفروديت بالبنية التحتية المصرية عبر خط أنابيب لنقل الغاز مباشرة، وهو ما سيتيح للقاهرة الاستفادة من كميات إضافية من الغاز في المستقبل القريب.
الغاز الطبيعي في مصر
تسعى الحكومة إلى الاستفادة من الصفقة لتعزيز إمدادات الغاز الطبيعي في مصر، من خلال تطوير البنية التحتية القائمة وتوسيع نطاق عمليات الإسالة والتصدير.
وتأتي الجهود في وقت تشهد فيه الأسواق العالمية تقلبات حادة في أسعار الطاقة، ما يجعل من تطوير موارد الغاز الطبيعي أولوية إستراتيجية.
وبحسب بيانات النفط والغاز العالمية لدى منصة الطاقة المتخصصة، تمتلك قبرص 5 اكتشافات غازيّة بحريّة رئيسة منذ عام 2011، تُقدَّر احتياطياتها بنحو 15 تريليون قدم مكعبة، وتشمل حقول كاليبسو، وكرونوس، ودياس، وغلافكوس، وأفروديت.
وتعدّ مصر الشريك الأكثر قدرة على الاستفادة من هذه الاحتياطيات، بفضل امتلاكها محطتَي إسالة الغاز الطبيعي في إدكو ودمياط، اللتين تتيحان تصدير الغاز إلى أوروبا، لا سيما في ظل الطلب الأوروبي المتزايد على الغاز بعد أزمة الحرب الروسية الأوكرانية.
وتشير التقارير إلى أن شركة إيني الإيطالية، التي تدير حقل كرونوس، تخطط لاستعمال البنية التحتية لحقل ظهر في عمليات استخراج الغاز، وهو ما سيقلل من التكاليف، ويعجّل بوصول الغاز إلى السوق.
في هذا السياق، قال وزير الطاقة القبرصي جورج باباناستاسيو، إن خطة تطوير الحقل تتضمن مرحلتين، الأولى تتمثل في ربط الإنتاج بمنشآت القاهرة، بينما تشمل المرحلة الثانية استكمال عمليات الاستخراج من خلال البنية التحتية المصرية.
مفاوضات مصرية قبرصية
شهد حقل أفروديت مفاوضات طويلة بين الحكومة القبرصية وشركات التطوير، وعلى رأسها شركة شيفرون، التي حاولت تعديل خطة تطوير الحقل لتقليل التكاليف عبر التخلّي عن وحدة الإنتاج العائمة وربطه مباشرة بالبنية التحتية المصرية، لكن نيقوسيا رفضت المقترح، ومنحت الشركات المشغلة مهلة لإعادة تقديم خطة منقّحة.
وبالفعل، تَوصَّل تحالف الشركات، الذي يضم شيفرون وشل ونيوميد الإسرائيلية، إلى خطة جديدة تتضمن إنشاء وحدة إنتاج عائمة بطاقة 800 مليون قدم مكعبة يوميًا، مع تصدير الغاز عبر خط أنابيب إلى القاهرة، إذ ستجري إسالته وإعادة تصديره إلى الأسواق العالمية.
وتعدّ الصفقة فرصة مهمة للبلاد لتعزيز قدراتها في مجال تصدير الغاز الطبيعي المسال، في وقت تبحث فيه أوروبا عن بدائل موثوقة للغاز الروسي.
وبحسب التصريحات الرسمية، فإن القاهرة تمتلك حاليًا القدرة على إسالة أكثر من 12 مليون طن من الغاز سنويًا، وهو ما يمنحها ميزة تنافسية في سوق الطاقة العالمية.
تطلعات قطاع الغاز
في ظل التطورات، تتزايد أهمية مصر في سوق الغاز الطبيعي إقليميًا، ومع استمرار الاكتشافات الجديدة، سواء داخل المياه الإقليمية أو من خلال التعاون الإقليمي، يمكن للقاهرة أن تعزز مكانتها بصفتها مركزًا محوريًا لتجارة الغاز في المنطقة.
وتعوّل القاهرة على الاستثمارات الأجنبية وشراكاتها مع الشركات الكبرى مثل إيني وشيفرون وتوتال إنرجي، لتطوير البنية التحتية وتحقيق الاستفادة القصوى من الموارد المتاحة.
ويُتوقع أن يسهم توقيع الاتفاقيات الجديدة مع قبرص في توفير كميات إضافية من الغاز، ما سيدعم الاقتصاد الوطني، ويعزز من قدرة البلاد على تلبية احتياجاتها المحلية، وفي الوقت نفسه، يفتح أسواقًا جديدة للصادرات المصرية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر..
0 تعليق