اكتسب تمويل الطاقة منخفضة الكربون زخمًا تدريجيًا مع بدء البنوك والمؤسسات المالية بتوجيه جزء أكبر من استثماراتها نحو التقنيات النظيفة.

وفي عام 2023، ارتفعت نسبة التمويل البنكي للطاقة منخفضة الكربون لتصل إلى 89% من التمويل الموجّه للوقود الأحفوري، ما يعني أن كل دولار يُستثمر في النفط والغاز والفحم يُوازيه 89 سنتًا موجهًا إلى الطاقة النظيفة، وفقًا لتقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).

ورغم أن هذه الزيادة تمثّل تحسنًا ملحوظًا من نسبة (0.74 إلى 1) خلال 2022، فإن التقدم المحرَز ما يزال بعيدًا عن المعدلات المطلوبة لتحقيق أهداف الحدّ من التغير المناخي.

يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه عدّة بنوك أميركية، مثل جي بي مورغان وسيتي غروب، انسحابها من تحالف المناخ العالمي للقطاع المصرفي، وسط تهديدات من بنوك أوروبية بالقيام بالخطوة نفسها.

طفرة في تمويل الطاقة منخفضة الكربون

رغم التقدم الحاصل، فإن وتيرة تمويل الطاقة منخفضة الكربون ما تزال بطيئة، بحسب التقييم السنوي الثالث لتدفّقات تمويل قطاع الطاقة، الصادر عن شركة أبحاث بلومبرغ نيو إنرجي فايننس.

ويجب أن تكون هذه الوتيرة 4 إلى 1 بحلول 2030 للحدّ من التحديات المناخية وإبقاء درجات الحرارة عند 1.5 درجة مئوية، بمعني ضرورة إنفاق 4 دولارات على الطاقة النظيفة مقابل كل دولار يُستثمر في الوقود الأحفوري.

وأضاف التقرير أن عام 2023 شهد تراجعًا في التسهيلات البنكية الموجّه نحو الوقود الأحفوري، ومع ذلك، يُعزى جزء من هذا الانخفاض إلى الصين.

ومع انخفاض إجمالي التمويل البنكي بنسبة 11% إلى 1.6 تريليون دولار، تراجع التمويل الموجّه للوقود الأحفوري بنسبة 18% إلى 870 مليار دولار، بينما انخفض تمويل الطاقة منخفضة الكربون بنحو 1.4%، إلى 766 مليار دولار.

هذا عن التمويل، أمّا فيما يتعلق الإنفاق الرأسمالي، فقد تجاوزت استثمارات الطاقة منخفضة الكربون نظيرتها الأحفورية لأول مرة، فقد ارتفع إجمالي الاستثمارات 2.3 تريليون دولار (منها 1.2 تريليون دولار للطاقة النظيفة) في عام 2023، مقابل 2.1 تريليون دولار عام 2022.

أسباب تراجع التمويل

رغم ارتفاع الاستثمارات في الاقتصاد الحقيقي، فإن التمويل الميسّر في البنوك تراجع، خاصة للوقود للأحفوري، فقد انخفضت قيمة التمويل من 1.8 تريليون دولار في 2022 إلى 1.6 تريليون دولار في 2023.

ويعكس ذلك بعض الاتجاهات الرئيسة التي بدأت عام 2022:

• ارتفاع التدفقات النقدية لشركات الطاقة، ما سمح لها بتمويل النفقات الرأسمالية دون الحاجة إلى البنوك.
• استقرار أسعار الفائدة عند مستويات مرتفعة، ما قلّل من جاذبية المنتجات المرتبطة بها.
• زيادة حصة الطاقة الشمسية الصغيرة من الاستثمارات منخفضة الكربون.

وحذّر التقرير من أن صناعة الفحم ما تزال تستقطب استثمارات ضخمة، وهو ما يتعارض مع هدف الحدّ من ارتفاع درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية.

في عام 2023، بلغ الاستثمار في الفحم 3 أضعاف المعدل المطلوب، حيث كانت نسبة الاستثمار في الفحم إلى الوقود الأحفوري بصفة عامة 0.18 إلى 1، بينما كانت نسبة التمويل الميسّر من البنوك 0.11 إلى 1، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

واللافت أن البنوك الصينية شاركت بما يقارب 66% من التمويل البالغ 94 مليار دولار الموجّه إلى الفحم في العام نفسه.

انتقادات موجهة للبنوك

منذ إبرام اتفاقية باريس، خصصت البنوك نحو 6 تريليونات دولار من السندات والقروض لمشروعات مرتبطة بالهيدروكربونات، بينما لم يتجاوز تمويل الطاقة منخفضة الكربون 3.8 تريليون دولار.

وفي عام 2023، كشفت التقارير تفاوتًا كبيرًا في نسبة تمويل إمدادات الطاقة بين البنوك الكبرى، حيث تَصدَّر "بي إن بي باريبا" القائمة مع أعلى نسبة تمويل للطاقة النظيفة مقابل الوقود الأحفوري بين أكبر 10 بنوك عالمية، عند 3.18، بينما كان جي بي مورغان أقل أداءً عند 0.80، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وعلى الرغم من تصدُّر جي بي مورغان مقارنة بالبنوك الأخرى مثل سيتي غروب (0.75) وويلز فارغو (0.52)، فإن هذه النسب تظل بعيدة عن المستوى المطلوب لدعم التحول الكامل إلى الاقتصاد منخفض الكربون.

وبالنسبة للتوزيع الإقليمي، شكّلت البنوك في أميركا الشمالية أكبر حصة من تمويل إمدادات الطاقة، حيث بلغ معدلها 0.7، مقارنة بـ1.5 للبنوك الأوروبية.

ونتيجة لذلك، تواجه البنوك انتقادات شديدة لتحقيق أرباح ضخمة من شراكتها مع شركات النفط الكبرى، رغم الأزمة المناخية، بينما تدافع عن نفسها بالقول، إنها تدعم التحول إلى الاقتصاد منخفض الكربون من خلال استمرار التعامل مع عملائها في الوقود الأحفوري.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

1. ارتفاع تمويل الطاقة منخفضة الكربون من شركة أبحاث بلومبرغ نيو إنرجي فايننس
2. البنوك العالمية بعيدة عن تحقيق أهداف المناخ من بلومبرغ